25-يوليو-2018

هذا هو توني بلير قبل وأثناء وبعد ممارسته مهامه الوزارية (Getty)

"في الديمقراطيات، ننتخب ثم ننفذ الأوامر. بينما في الدكتاتوريات ننفذ الأوامر دون أن ننتخب" - تشارلز بوكوفسكي

ضخت سعودية محمد بن سلمان خلال الأيام الأخيرة ما مقداره 12 مليون دولار أمريكي لصالح توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وعراب غزو العراق، مرتزق العقيد معمر القذافي رفقة نيكولا ساركوزي، الذي ومنذ أن غادر مكتبه في فندق الأمريكان كولوني في القدس المحتلة قبل سنوات وهو يطوف ضمن دائرة الارتزاق والإجرام الإماراتية ليقفز أخيرًا بمظلة أموال غسيل ما تبقى من سمعة للنظام السعودي بحلته السلمانية الوفية لبرامج أبوظبي حرفيًا دون أي تصرف أو توليف.

 ليس عجيبًا ولا معجزًا العثور على إجابة تتعلق بالسخاء السعودي على جيب مدمر العراق وليبيا، ومعهما كثير مما يتعلق بفلسطين

أشارت الأنباء التي تداولتها أوساط صحفية بريطانية على مدار الأيام القليلة المنقضية، حتى أن بعضها بدأ يتسرب وينشر على خجل بعيدًا عن صفحات الـMainstream، وإن كان في صحف الرجال الطيبيين الموصومين بـ"التشرد" أو في بعض التابلويدات الصفراء. بأن مؤسسة The Institute for Global Change المدارة من قبل توني بلير، كثيرة العبث في ملفات ساخنة وحرجة عدة عربيًا، تلقت عقدًا سعوديًا مقدراه 12 مليون دولار أمريكي غاية فتح كوة في جدار الخزي والانتهاكات والجرائم السعودية في اليمن وغيرها من البلدان العربية وغير العربية.

اقرأ/ي أيضًا: تركيا وإيران.. درس عقلاني لا يفهمه تلاميذ بلير

المضحك في نص العقد وعنونته أن هذا المبلغ برر ضريبيًا في المملكة المتحدة على أنه مقابل خدمات استشارية بشأن تحديث العربية السعودية. وكأنه من المتأخر قليلًا والمكرور اللجوء لعذر شبيه! بعد أن صدع إعلام ابن سلمان، المرقمن وغير المرقمن، الكوكب بشعارات التحديث والخطط العملاقة والتغييرات الكبرى والتحرر الشاسع. متعاميًا عن تعمق بأس القمع والإقصاء رفقة تغول مقصلة ابن سلمان بحق المسطرة الحقوقية للجمهور السعودي، وهي للمناسبة أقل من أي حد أدنى يمكن تصوره عالميًا.

إن كان من غرابة تشوب تلقي النبأ، أو استغراب حتى لو مفتعل، فسرعان ما ينحسر. ليس عجيبًا ولا معجزًا العثور على إجابة تتعلق بالسخاء السعودي على جيب مدمر العراق وليبيا، ومعهما كثير مما يتعلق بفلسطين، والضيف الدائم على مؤتمر هرتسليليا للمناسبة. خاصة في ظل ألمعية اسمه كأبرز منظري ومروجي "الإسلاموفوبيا" منذ النصف الثاني من تسعينيات القرن العشرين.

في حين لا يبدو من شأن مستشار التحديث شكل التعاطي الجحيمي الذي تلقاه رجال دين وناشطين/ات ومنتقدين/ات للسلوك السعودي تجاه ملفات عدة، داخلية وإقليمية، سواء التطبيع مع إسرائيل، حرب اليمن، حصار قطر، 4 عقود من رعاية الإرهاب العالمي باسم النسخة السلفية الوهابية من الإسلام أو ما تيسر على البال من إجرام سعودي متأصل. ها هو يتلقى بكل "ضميرية" مسترخية المنحة السعودية فاهمًا لشروط الاستمتاع بإنفاقها وتوظيفها.

اقرأ/ي أيضًا: بريطانيا والقذافي.. العراب توني بلير وجرائم لندن نيابة عن العقيد (2-1)

لا يعوز توني بلير تأهيل أو تدريب على أدوار المرتزق السعودي، عوضًا عن أنه أتقن، بل تفنن في الارتزاق لصالح جهات عدة منذ أن غادر السياسة الرسمية في بلاده، فلديه سابقة في التمول من البترودولار السعودي، إذ سبق وأن وظف اسمه وعلاقاته لصالح السعودية لقاء 41 ألف جنيه استرليني شهريًا ليتدخل للصالح السعودي لدى الشركات والحكومة الصينية. إضافة إلى 2-3% من قيمة الصفقات التي يسهم في تحقيقها بين الطرفين. فلا مكان أبدع لرجل الارتزاق الأمثل للذهاب إليه من الحضن السعودي، خاصة في الحقبة الحالية، التي تتفاقم فيها الكوارث المقترفة سعوديًا، ويتعاظم فيها حجم الإنفاق على بروباغندا ابن سلمان الفاقعة.

 أتقن توني بلير، بل تفنن في الارتزاق لصالح جهات عدة منذ أن غادر السياسة الرسمية في بلاده، كما لديه سابقة في التمول من البترودولار السعودي

الفريد في هزليته أيضًا، عمق الاعتقاد المتبادل بين النظام السعودي وبين توني بلير، بإمكانية غسل صفحات حالكة من الملف السعودي دوليًا. فجرائم الممول مدانة وعلنية دوليًا، والمتمول مفضوح ومتميز بارتزاقه على ملفات شبيهة لدى دكتاتوريات وأوتوقراطيات مخبولة، عربية وغير عربية، حتى أنه وصل للعمل لصالح النظام في كازاخستان.

لا يتبقى مساحة شاسعة مؤهلة لممارسة التعجب أو الادعاء بالبحث عن إجابات لمآلات المشهد السياسي العالمي والسيرك الشعبوي الذي يعمه، وليس الغربي فقط، عند تفقد ملفات ساسة الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ونصف دزينة من المجموعات الدولية المتبوعة بـ"كبرى" و"عظمى"، هذا هو توني بلير قبل وأثناء وبعد ممارسته مهامه الوزارية، وذلك هو ساركوزي ومعهما بيرلسكوني ورينزي وترامب وآخرون.

 

اقرأ/ي أيضًا:     

صحف لندن في موسم تصفية الحساب مع توني بلير

بريطانيا والقذافي.. العراب توني بلير وجرائم لندن نيابة عن العقيد (2-2)