02-مارس-2019

ارتفعت وتيرة اغتيالات أئمة المساجد في عدن بيد مرتزقة الإمارات (رويترز)

في كل مرة يخرج فيها من منزله، يودع محمد علي عثمان، أهله وداع مسافر قد لا يعود من سفره، حاملًا روحه بين يديه، فعمليات الاغتيال التي ازدادت وتيرتها بحق الخطباء والدعاة خلال الأشهر الماضية في مدينة عدن؛ جعلت إمام وخطيب مسجد الخليل، محمد علي عثمان، يرافق احتمال الموت قتلًا في كل مرة يخرج فيها من منزله.

ارتفعت وتيرة عمليات الاغتيال التي استهدفت أئمة وخطباء المساجد في مدينة عدن الذين لديهم مواقف رافضة للوجود الإماراتي في المدينة

وعلى هامش اللقاء التشاوري الأول الذي عقده أئمة وخطباء المساجد في مدينة عدن، قبل أيام، قال عثمان إنه يتجول في شوارع عدن ملازمًا كفنه، وأنه يخرج من منزله مستعد للموت.

اقرأ/ي أيضًا: الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات: مرتزقة بتمويل إماراتي لمزيد انتهاك اليمن

خلال الأشهر الماضية، لقي أكثر من 30 خطبيبًا وإمام مسجد حتفهم اغتيالًا في مدينة عدن، واضطر أكثر من 200 آخرين لمغادرة البلاد خوفًا من نفس المصير. بينما فضل العديد من الأئمة أداء الصلوات في منازلهم خوفًا من مصير زملائهم الذين شيعوا جثثهم بأنفسهم.

"كبيرة" رفض الوجود الإماراتي والانفصاليين

وأما "الكبيرة" التي تلاحق الأئمة والخطباء في عدن، وقد تودي بحياتهم، ليست إلا رفضهم للمجلس الانتقالي الجنوبي والتواجد الإماراتي الكثيف ظهورًا وخفية في المدينة، أو "اتهام" بعضهم بأنهم من أنصار حزب الإصلاح في اليمن.

اغتيالات الأئمة في اليمن
اللقاء التشاوري الأول لأئمة وخطباء مساجد عدن

وفي حين يُحمّل الخطباء المسؤولية للحكومة اليمنية، قال وزير الداخلية أحمد الميسري إن "قوات الأمن اليمنية تمكنت من القبض على خلية إرهابية، ويجري التحقيق معها على ذمة قضايا اغتيالات سابقة في عدن".

وقال الميسري في كلمته خلال اللقاء التشاوري الأول لأئمة وخطباء مساجد عدن، إن وزارته "لن تتوانى عن ملاحقة مرتكبي تلك الجرائم"، مؤكدًا على أن "القتلة في يد العدالة لأكثر من ستة أشهر ويجري التحقيق معهم بسرية تامة"، لكن لا يبدو أن الأئمة والخطباء سيطمئنون قبل أن تظهر بيّنة.

توفير الحماية

وعقب اللقاء التشاور الأول أصدر الأئمة والخطباء بيانًا، طالبوا في الجهات الأمنية الحكومية بأن توفر لهم الحماية، وبأن تكشف للرأي العام نتائج التحقيق الذي يجرونه مع الخلية التي قال وزير الداخلية إنهم قبضوا عليها، وأن تكشف كذلك عن الجهات الممولة لها لتنفيذ عمليات الاغتيال هذه.

مرتزقة أمريكان

ويُعتقد على نطاق واسع أن الاغتيالات التي تطال الأئمة والخطباء، كما غيرهم، تقف وراءها الإمارات العربية المتحدة ذات النفوذ في مدينة عدن وغيرها من محافظات الجنوب اليمني.

وكشف موقع "باز فييد نيوز" الأمريكي في تحقيق استقصائي سبق وترجمه "ألترا صوت"، استئجار الإمارات لجنود سابقين في الجيش الأمريكي، للعمل كمرتزقة لها لتنفيذ مهام نوعية في اليمن، على رأسها الاغتيالات.

وأشار التحقيق إلى أن هؤلاء المرتزقة نفذوا عمليات اغتيال محددة سلفًا بحق عدد من أئمة وخطباء المساجد في مدينة عدن، بحماية من مدرعات أمريكية الصنع بيد قوات إماراتية.

مرتزقة أمريكان في اليمن
استخدمت الإمارات مرتزقة أمريكان لتنفيذ عمليات الاغتيال في اليمن

ولم يتوقف دور المرتزقة الأمريكان الذين استخدمتهم الإمارات، على اغتيال الخطباء، وإنما حاولوا كذلك اغتيال رئيس حزب الإصلاح. وقد نشر التقرير صورًا لهم وهم بصحبة جنود إماراتيين.

الصراع بين الإمارات والمجلس الانتقالي الموالي لها من جهة، والحكومة الشرعية وحزب الإصلاح من جهة أخرى، رفقة الرفض الشعبي للوجود الإماراتي؛ فاقم من عمليات الاغتيالات بمدينة عدن، فلم يكن أئمة المساجد وحدهم المستهدفون، بل العشرات من الجنود والمسؤولين الذين لقوا حتفهم اغتيالًا منذ عام 2015.

103 حادثة اغتيال منذ 2015

هذا وقد رصدت منظمة سام للحقوق والحريات، ومقرها جنيف، ما لا يقل عن 103 واقعة اغتيال في مدينة عدن ما بين 2015 و2018، بدأت أولى هذه العمليات مع دخول القوات الإماراتية للمدينة بعد استعادتها من قبل المقاومة الشعبية من سيطرة الحوثيين. وشمل ضحايا هذه الاغتيالات بالإضافة إلى الأئمة والخطباء، سياسيين وقادة عسكريين.

وقالت المنظمة في تقريرها الذي عنونته بـ"القاتل الخفي"، إن عمليات الاغتيال كانت ذات طابع ممنهج ومنظم، وأنها استهدفت شرائح معينة من العسكريين والأمنيين وكذلك المدنيين.

كما أشار التقرير إلى ارتفاع وتيرة عمليات الاغتيال بعد تأزم الوضع السياسي بين الإمارات والرئيس عبدربه منصور هادي. وأن عمليات الاغتيال استهدفت كذلك شخصيات كانت على صلة بملف مكافحة الإرهاب، سواءً رجال أمن أو قضاة.

استأجرت الإمارات مرتزقة أمريكان لتنفيذ عمليات عسكرية نوعية في اليمن، على رأسها الاغتيالات السياسية الممنهجة

وعلى كل، ليست محافظة عدن الفريسة الوحيدة لعمليات الاغتيال، فمعظم محافظات اليمن، ومنذ اندلاع الحرب في 2015، استشرت فيها عمليات الاغتيال على خلفية انتشار المليشيات المسلحة الممولة إماراتيًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

بشهادات ضباطها.. تنظيم القاعدة ضمن مرتزقة الإمارات في اليمن

الأسوشيتد برس: اغتصاب وابتزاز جنسي في سجون الإمارات في اليمن