03-مارس-2019

من المرجح أن تتجاهل السلطة الجزائرية مطالب الشارع (فيسبوك)

الترا صوت – فريق التحرير

جعلت الأعداد الغفيرة للمشاركين في المسيرات الشّعبية الرّافضة لولاية خامسة للرّئيس عبد العزيز بوتفليقة وانتشارها في الولايات الجزائرية الـ48، واستقطابها لكلّ شرائح المجتمع، كثيرًا من المراقبين يتوقّعون أنّ المطلب الشّعبيّ سيجد له سريعًا آذانًا صاغية لدى المحيط الرّئاسي ودوائر صناعة القرار في الجزائر، غير أنّ ذلك لم يحدث بعد قرابة أسبوعين من انطلاق الحراك يوم 22 شباط/فبراير الماضي.

لم يبق أمام الطّبقة الحزبيّة المشاركة في انتخابات الـ18 من نيسان/أبريل في الجزائر، إلا تجريدها من المصداقيّة بالانسحاب من المشاركة فيها، كنوع من مناهضة ترشح بوتفليقة

فقد تمّ الإعلان رسميًّا عن إقدام المحيط الرّئاسي على تغيير عبد الملك سلّال مدير حملة الرّئيس بوزير النّقل عبد الغني زعلان، محاولة منه للتّخفيف من الغضب الشّعبيّ، بالنّظر إلى السّخط ،الذي ظهر منه على سلّال، الذّي دعا في مكالمة مسرّبة بينه وبين علي حدّاد رئيس منتدى رجال الأعمال إلى استعمال الرّصاص ضدّ المتظاهرين، كما تمّ التّصريح بممتلكات الرّئيس في إحدى الجرائد كما ينصّ على ذلك قانون التّرشّح، بما يدلّ على أنّ الرّئيس بوتفليقة ماضٍ في خيار التّرشّح، ولم يعنِ له الحراك الشّعبيّ الرّافض لذلك إلّا "تعبير ديمقراطيّ عن الرّأي الآخر والفيصل بيننا الصّندوق" كما يُردد أنصاره وداعموه من أحزاب الموالاة.

اقرأ/ي أيضًا: جمعة الغضب في الجزائر.. شارع موحد أمام ارتباك النظام

في ظلّ هذا الواقع، لم يبق أمام الطّبقة الحزبيّة المشاركة في انتخابات الـ18 من نيسان/أبريل الدّاخل، إلا تجريدها من المصداقيّة بالانسحاب من المشاركة فيها، "حتى يبقى وحده وتفقد الانتخابات معناها أمام الرّأيين العامّين المحلّي والدّولي"، بحسب تصريح النّاشط محمّد والي لـ"ألترا صوت". يضيف والي: "باتت كلّ مشاركة في هذه الانتخابات تواطؤًا مع الأمر الواقع، وعلى المصرّين على التّرشّح أن يُدركوا أنّهم إن حصلوا على رضا المحيط الرّئاسي، بما يترتّب عنه من امتيازات مؤقتة، فإنّهم سيحرقون أوراقهم مع الشّعب".

من بين الوجوه التّي أعلنت ترشّحها وتأكّد جمعها للتّوقيعات المطلوبة، 60 ألف توقيع من المواطنين أو 600 توقيع من المنتخبين في المجالس التمثيليّة، أعلن عبد الرزاق مقري، 1960، رئيس "حركة مجتمع السّلم" أكبر حزب إسلاميّ ذي امتداد إخوانيّ، ولويزة حنون، 1954، رئيسة "حزب العمّال" أكبر حزب يساريّ، عن سحب ترشّحهما والانضمام إلى خيارات الحراك الشّعبي.

بانسحاب ممثّلي الإسلام السّياسيّ واليسار من الانتخابات، سيجد المحيط الرّئاسيّ نفسه أمام "عرس" غير ديمقراطيّ عكس ما كان يقول دائمًا

جاء ذلك بعد اجتماع المجلسين الوطنيين للحزبين، السّبت، كمحاولة لاسترجاع الرّضا الشّعبي، الذّي ظهرت بوادر خسارتهما له، من خلال مواقع التّواصل الاجتماعيّ، وفي المسيرات الشّعبية، حيث تعرّض رئيسا الحزبين ووجوههما البارزة إلى ردود أفعال من المتظاهرين وصلت في بعض الأحيان إلى الطّرد. ويبدو أنّهما استطاعا جزئيًّا أن يُحقّقا هذا الهدف، إذ عبّر قطاع واسع من روّاد موقع التواصل الاجتماعيّ فيسبوك عن شكرهم للحزبين، اللّذين يملكان كتلتين في البرلمان، على التحاقهما بالحراك الشّعبيّ وعملهما على إفشال الانتخابات، التّي يراهن عليها المحيط الرّئاسيّ عليها لانتشال نفسه من المأزق الذّي وصل إليه.

بانسحاب ممثّلي الإسلام السّياسيّ واليسار من الانتخابات، سيجد المحيط الرّئاسيّ نفسه أمام "عرس" غير ديمقراطيّ عكس ما كان يقول دائمًا. وسيضاف إلى كون مرشّحه مريضًا وعاجزًا، إلى درجة أنّه لن يقوم بحملته بنفسه، كونه فاز في انتخابات بلا منافسين حقيقيين.