مع اقتراب موعد انعقاد "قمة الأمم المتحدة للمناخ Cop27"، في مدينة شرم الشيخ المصرية في الفترة الممتدة بين 6 تشرين الثاني/نوفمبر و18 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، رصدت منظمات ونشطاء حقوقيون مصريون حملات اعتقالات واسعة شنتها أجهزة الأمن المصرية بالتزامن مع الدعوات للخروج في مظاهرات يوم 11 تشرين/نوفمبر.
رصدت منظمات ونشطاء حقوقيون مصريون حملات اعتقالات واسعة شنتها أجهزة الأمن المصرية بالتزامن مع الدعوات للخروج في مظاهرات يوم 11 تشرين/نوفمبر
فقد أدان "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" عمليات الاعتقال التي وصفها بـ "القبض التعسفي" على 42 مواطن في محافظة الإسكندرية، بتهمة الدعوة للتظاهر. وفي مدينة السويس، قالت "الشبكة المصرية لحقوق الإنسان" إن شوارع المحافظة تشهد منذ أسبوعين حملة أمنية أدت إلى اعتقال مئات المواطنين، بعضهم معتقلون سابقون، وعدد من أهالي النشطاء السياسيين، وعدد آخر من المعتقلين لأول مرة". وأضافت الشبكة أنه تم عرض على النيابات العامة أكثر من 200 متهم، فيما يزال الكثيرون ينتظرون دورهم داخل مقار الأجهزة الأمنية.
أما "المفوضية المصرية للحقوق والحريات" فقد أكدت أن جهاز أمن الدولة قام بالتحقيق مع عشرات الأشخاص خلال الأيام الماضية، بسبب ما قالت إنها اتهامات بتصوير مقاطع فيديو تدعو للتظاهر، ومشاركة رسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطالب من المواطنين المشاركة بالتظاهرات. من جانبها، أشارت الجبهة المصرية لحقوق الإنسان إلى أنها رصدت اعتقال جهاز أمن الدولة لـ 65 شخصًا، بتهمة "الانضمام لجماعة إرهابية"، على خلفية دعوات التظاهر في 11/11.
كما تحدث مدير "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" حسام بهجت، عن أن "محامي المبادرة رصدوا التحقيق مع 48 متهمًا حتى السبت الماضي، وجميعهم وُجهت لهم اتهامات من بينها الانضمام لجماعة إرهابية"، كما اعلنت المبادرة عن اعتقال "يوسف" نجل الإعلامي المصري المعارض في الخارج حسام الغمري، بسبب دعوات والده للتظاهر يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر. وأكدت المبادرة أن السلطات المصرية لم تعلن لليوم عن مكان احتجاز يوسف، وأنه حتى "هذه اللحظة لا يزال مختفيًا قسريًا، ومحتجزًا خارج إطار القانون".
ونشرت منظمة "نحن نسجل" الحقوقية بيانًا على صفحاتها الرسمية على وسائل التواصل الاجتماعي أكدت فيه "رصد قيام جهاز الأمن الوطني، وقوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية في مصر بشن حملة اعتقالات موسعة في معظم محافظات الجمهورية"، وأضافت المنظمة "تقوم كمائن الشرطة التابعة لوزارة الداخلية بتوقيف المواطنين بشكل عشوائي على الطرق وتفتيش هواتفهم وفحص حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي مع إلقاء القبض على أي مواطن يتم الاشتباه به سياسيًا".
من جانبه، أشار المحامي والناشط الحقوقي خالد علي إلى أن الحملة الأمنية بدأت قبل قرابة أسبوعين على خلفية الدعوة إلى الاحتجاج، وشملت توقيف واستدعاء بعض الأشخاص وتفتيش هواتف المارة الجوالة في الشارع. وكتب خالد علي في صفحته الرسمية على فيسبوك "تقريبًا كل يوم في نيابة أمن الدولة ناس تحضر مقبوض عليها للتحقيق معها بزعم الدعوة ليوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر، وهذا يجري منذ عشرة أيام على الأقل، يعنى حملة القبض بدأت مبكرًا". وأضاف أن "ناس كثيرين تم استدعاؤهم في محافظاتهم من قبل الأمن الوطني لسؤالهم عن يوم الاحتجاج، ومن دعا له، وهل سيشاركون أم لا، فضلًا على أن تفتيش الهواتف في وسط القاهرة يتصاعد كل يوم عن ذي قبل".
ولم تقتصر حملة الاعتقالات على المواطنيين المصريين بل طالت الأجانب كذلك، فقد أفادت منظمات حقوقية أن السلطات المصرية احتجزت ناشطًا هنديًا لفترة وجيزة بعد أن انطلق في مسيرة احتجاجية من القاهرة، وأفادت مصادر حقوقية أن الناشط البيئي الهندي تعرض للاعتقال من قبل كمين بأحد شوارع مدينة العبور خلال رحلته للدعاية لقضايا البيئة من القاهرة إلى السويس مشيًا على الأقدام، لمسافة 260 كلم، للوصول إلى مكان انعقاد مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، قبل أن تفرج عنة أجهزة الأمن المصرية يوم الإثنين.
وذكر أجيت راجاجوبال لوكالة "رويترز" للأنباء بعد إطلاق سراحه، أنه تم استجوابه لعدة ساعات حول أسباب وجوده في مصر، وعن حمله لملصق مطبوع يوضح طريق مسيرته والهدف منها. وأضاف "أوضحت لهم أنني لا أريد إضافة أي بصمة كربونية لمصر، ولهذا أقوم بالسير على قدمي". وأوضح راجاجوبال أنه لا يزال يحاول الحصول على اعتماد لحضور قمة "Cop27" بعد إطلاق سراحه يوم الاثنين، لكنه لا ينوي استئناف مسيرته.
وأثار اعتقال الناشط الهندي البيئي جدلًا عبر مواقع التواصل الإجتماعي، فقد نددت المنظمات الحقوقية بعملية الإعتقال، كما تم تداول خبر اعتقاله على نطاق واسع للضغط على السلطات المصرية للإفراج عنه. وأشار حساب "ثورة شعب" على تويتر أن سبب اعتقال الناشط الهندي يعود إلى الصور التي التقطها أثناء تجوله في مصر، وتظهر فيها شوارع مليئة بالمزابل، وكتب في الحساب "ده أبسط دليل إن مؤتمر المناخ بتاع شرم الشيخ في وادي، وبقية مصر في وادي تاني أشبه بالخرابة!".
وفي سياق متصل، تقدم مكتب المحامي خالد علي ببلاغ للنائب العام بشأن توقف الناشط المصري على عبد الفتاح المعتقل منذ عام 2019، عن الإضراب الجزئي الذي دام أكثر من 200 يومًا، ودخوله إضرابًا شاملًا عن الطعام دون الشراب بداية من 1 تشرين الثاني/نوفمبر ولمدة 5 أيام. وسيبدأ في 6 تشرين الثاني/نوفمبر إضرابًا شاملًا عن الطعام والشراب، بحسب ما جاء في الرسالة التي تسلمتها والدته الدكتورة ليلى يوسف عقب زيارتها له في مجمع سجون وادي النطرون في 31 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وعلقت أسرة علاء عبد الفتاح عبر حساب حملة الدعم له على "فيسبوك"، على قرار علاء بالإضراب الكلي، قائلة "ده معناه أن لو لم يحدث تحرك عاجل، علاء سيموت قبل نهاية قمة المناخ.. علاء فاض به ومش قادر يستحمل أكثر من ذلك". كما حملت الناشطة الحقوقية منى سيف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والحكومة البريطانية المسؤولية عن حياة شقيقها علاء عبد الفتاح.
ولم تقتصر حملات التضامن ودعوات الإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح على الداخل المصري، بل طالب العديد من الهيئات الحقوقية والمؤسسات الصحفية الدولية بذلك. ويذكر أن منظمة مراسلون بلا حدود دعت السلطات المصرية للإفراج عن علاء عبد الفتاح، بعد أكثر من 3 سنوات من الاعتقال، وقالت المنظمة في بيان لها، إن "علاء تعرض لاضطهاد لفترة طويلة، وحان الوقت للإفراج عنه، ولم شمل عائلته قبل فوات الأوان". ونقلت منظمة مراسلون بلا حدود في بيانها عن علاء قوله لشقيقته "انتي بحاجة لتجاوز فكرة أنك ستنقذينني، سأموت هنا، ركزي على كيفية جعل موتي يأتي بأعلى ثمن سياسي".
لم تقتصر حملات التضامن ودعوات الإفراج عن الناشط علاء عبد الفتاح على الداخل المصري، بل طالب العديد من الهيئات الحقوقية والمؤسسات الصحفية الدولية بذلك
وقالت المنظمة "هذه الكلمات الرهيبة قالها علاء عبد الفتاح، عند زيارة أخته له لفترة وجيزة في السجن في منتصف حزيران/يونيو، وبدأ علاء عبد الفتاح إضرابه عن الطعام منذ أربعة أشهر احتجاجًا على حبسه منذ أيلول/ سبتمبر 2019".