21-أبريل-2017

بسبب الحرب السورية خسر نصر الله زعامته ونقوده (رامز حيدر/أ.ف.ب)

يقف حزب الله اللبناني الآن على حافة الإفلاس، هذا ما كشفت عنه تقارير صحافية منذ منتصف العام الماضي، أشارت إلى أزمة تمويل يعاني منها الحزب بعد انسحاب عدد من المموّلين من كبار التجّار وبخاصة أصحاب العقارات.

ونقلت تقارير عن مصادر سياسية أن "قاسم تاج الدين، أحد أكبر تجَّار العقار في لبنان، والذي يعتبر المسيطر الأول على سوق المقاولات، يمر بأزمة مالية قاسية حاليًا بسبب الملاحقات المستمرّة، ما أدَّى إلى عجزه عن تمويل السيّد نصر الله".

خفّض حزب الله تعويضات أهالي المقتولين في المعارك إلى 25 ألف دولار بعد أن كانت 50 ألف دولار

بدت الأزمة واضحة في تخفيض حزب الله رواتب كوادره بنسبة 50%، وتقليص مساعداته الشهرية لحلفائه في لبنان، وتقليل الخدمات الاجتماعية للحزب، مع وَقْف البطاقات الصحية وسحب بطاقة "نور"، التي كانت تعطي حاملها خصومات كبيرة في المحال التجارية؛ من عدد كبير من أعضاء الحزب، فضلًا عن التأخّر المستمر في صرف الرواتب، مع اقتطاع أجزاء منها باستمرار لحين حل الأزمة.

اقرأ/ي أيضًا: كيف يمول حزب الله عملياته عبر تجارة المخدرات

وعلى المستوى الإعلامي، أشارت مصادر إلى تقليص ميزانية قناة المنار، التابعة للحزب، من 15 مليون دولار سنويًا إلى النصف تقريبًا، وتقليل ميزانية صحيفة الأخبار اللبنانية، وغَلْق صحيفة السفير التي كانت تحصل على جزء من تمويلها من رجال أعمال أصدقاء السيّد حسن نصر الله، وانتقلت صحيفة النهار إلى الصدور في طبعة إلكترونية، وأخرى باشتراك شهريّ.

وزد على ذلك أن الحزب، الذي يحارب على عدّة جبهات، خفَّض تعويضات أهالي المتوفين في المعارك إلى 25 ألف دولار بعدما كانت خمسين ألف دولارًا في السابق.

خزائن حزب الله تحت الحصار

للأزمة المالية أسباب عدّة، تراكمت مع الوقت، حتى صنعت فقَّاعة لا يبدو أن حزب الله سيخرج منها سالمًا. ومن المعروف أن الحزب أكبر نسبة من تمويله من إيران، حوالي ربع مليار دولار سنويًا، ثم رجال أعمال شيعة يديرون أعمالًا خاصة به وبهم في منطقة الخليج العربي وإفريقيا.

وفي الحالة الأولى، تراجع التمويل الإيراني بعد تطور حرب طهران في ثلاث جبهات، سوريا والعراق واليمن، وتدهور أسعار النفط، وسداد الغرامة الأمريكية الموقّعة عليها والتي تبلغ 10.5 مليارات دولار لعلاقتها باعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، بعد أن أثبتت محكمة أمريكية أن بعض المتورطين في الحادث زاروا إيران خلال الفترة التي سبقت الهجمات، ما أدّى إلى ضياع جزء من حصة حزب الله لدى إيران كضرائب للحرب القذرة.

بسبب النظام السوري، انخفضت المعونات الإيرانية لحزب الله (أ.ف.ب)

ومنذ دخول حزب الله الحرب السورية، بدأت بوادر أزمة مالية تهدّد حسن نصر الله، إذ أشار تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى خسائر مالية قُدِّرت بـحوالي 15 مليون دولار ما بين عامي 2015 و2016، ومقتل ألفين من جنوده، وهو ما يمثِّل عبئًا ماليًا بسبب "التعويضات الضخمة" لعوائل القتلى.

ومن أخطر الإجراءات التي وقعها باراك أوباما، الرئيس الأمريكي السابق، قبل رحيله عن البيت الأبيض، قانون مكافحة الشبكة المالية العالمية لحزب الله لتجفيف مصادر التمويل، وشمل القانون المصارف والمؤسسات المالية التي يتعامل معها المئات من أنصار الحزب في العالم، الأمر الذي لم يتوقّف عند خسارة الحزب للمموّلين، إنما خسارته أيضًا لـ"الوسطاء"، فأصبحت عملية تمويله صعبة، وعملية تحويل الأموال إلى رجاله في لبنان والعالم أصعب.

نصر الله يخسر الزعامة.. بالتقسيط

فقد حزب الله بعد دخوله الحرب السورية –من أرضية طائفية– سبب وجوده الأهم والأكثر تأثيرًا، والذي كان يضمن استمراره منذ نشأته عام 1982، مهما تعرَّض لهزات، وهو "مقاومة إسرائيل".

لم يعد الأمر جهادًا للجهاد، وإنما "بزنس" للجنود المرتزقة الذين يتقاضون رواتب شهرية بالدولار، وملايين أخرى للإعلام التعبوي والسياسي في لبنان، والمدارس التي "تفرّخ" جنودًا جددًا من الشباب مؤهّلين لدخول الحرب.

وبانعدام الأموال، أو تقليصها بعد دخول الاقتصاد الإيراني "ثلاجة الموتى" على إثر تراجع أسعار النفط، ونزيف الحروب وعقوبات أمريكا؛ فلن يجد حزب الله ما يدفعه للمرتزقة، وعليه سيكتفي بأبنائه، وربما يخسر بعض جبهاته، بخاصة بعد تصنيفه منظمة إرهابية في قمة دول التعاون الإسلامي بإسطنبول خلال السابع عشر من نيسان/أبريل الماضي.

اقرأ/ي أيضًا: الإفراج عن أموال إيران

وفي المستقبل، قد لا يجد حزب الله سببًا لوجوده أو حروبه أو دعم المرتزقة و"المجاهدين مدفوعي الأجر" له، وهو ما سيعدم فرصه في الخروج فائزًا من الحرب السوريّة الكبرى، ولذلك، يتوارى نصر الله وتخفت نبرة تهديداته وحماسه عبر قناة المنار، بخاصة بعد انحيازه لبشّار الأسد في ضربة خان شيخون الكيماوية!

لم يعد الأمر جهادًا للجهاد، وإنما "بيزنس" للجنود المرتزقة الذين يتقاضون رواتب شهرية بالدولار من حزب الله 

وبتتبع سجل العقوبات الموقّعة خلال العامين الماضيين على حزب الله، ووفقًا لما يرتكبه جند حزب الله على الأرض، فالرؤى تشير إلى أن حسن نصر الله لن يتمّ هذا العام، أو العام الذي بعده، إلَّا باعتباره إرهابيًا دوليًا – حتى على الصعيد العربي - كأبو بكر البغدادي، ليس فقط لدعمه بشار الأسد، إنما لوقوفه في ظهر طهران في المعارك، وعلى الخريطة.

جمع التبرعات.. خطة الفشل الأخير

علق ميشال عون انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر، بناء على طلب حزب الله، لعجزه عن تلبية احتياجاته السياسية وتمويل أنشطته، الأمر الذي سيؤثر على أوضاعه في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فأقدم على محاولة أخيرة لإنقاذ خزائنه من الفراغ، برزت هذه المحاولة في انتشار إعلانات تدعو اللبنانيين للتبرع لصالح "المقاومة الإسلامية" تحت عنوان مشروع "#تجهيز_مجاهد"، للحصول على مساعدات عبر هيئة المقاومة الإسلامية، وهو الصندوق الخيري الذي يمول أنشطة حزب الله بغرض "جلب اللباس والطعام وعتاد المقاتلين".

ووفقًا لصحيفة الجنوبية الالكترونية اللبنانية، فإنّ حملة التبرع التي أطلقها حزب الله "دليلٌ على أن جميع حلوله نفدت"، متوقعةً أنّه لن يجني منها شيئًا في ظل "زيادة الضرائب التي فرضتها الحكومة على المواطنين".

وتوقعت بلومبرغ الأمريكية أن يتورط حزب الله في مشكلات أكبر من أزمته المالية الحالية، الأمر الذي قد يؤثر على عمله، لكنه لن يؤدي إلى نهايته طالما أن هناك مؤمنون به لأسباب طائفية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هكذا أنقذت السعودية حسن نصر الله

حسن نصر الله يستشهد بأقوال دونالد ترامب