اعتقل النظام السوري، خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر المنصرم، 213 من السوريين العائدين قسرًا من لبنان، وكشف بيانٌ صادر عن الشبكة السورية لحقوق الانسان، أمس الإثنين، أنّ 17 سوريًّا من العائدين جرى اعتقالهم مؤخّرًا .
وسبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن لفتت النظر إلى المعاملة القاسية التي طالت المرحّلين المحتجزين، الأمر الذي أدّى إلى وفاة أحدهم في ظروف وصفتها رايتس ووتش بالمريبة. وفي هذا الصدد يقول نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، آدم كوغل، "إن وفاة المرحّلين أثناء الاحتجاز في ظروف مريبة داخل معتقلات النظام السوري تسلط الضوء على الخطر الصارخ المتمثل في الاحتجاز التعسفي والإساءة والاضطهاد لأولئك الفارين، والحاجة الملحة إلى مراقبةٍ فعّالة لانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا".
وكانت هيومن رايتس ووتش قد أكّدت في تقرير جديد أنّ السوريين المغادرين قسرًا من لبنان، وخاصةً الرجال منهم، يواجهون خطر الاعتقال التعسفي والانتهاكات من قبل سلطات النظام السوري، مؤكدةً أنّها وثقت اعتقال 4 أشخاص من العائدين خلال تشرين الأول/أكتوبر، مشيرةً في التقرير نفسه إلى أنّ منظمات حقوقية أخرى، بينها الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قد وثّقت العشرات من حالات الاعتقال.
وفاة المرحّلين في ظروف مريبة داخل معتقلات النظام السوري تكشف خطورة الاحتجاز التعسفي والانتهاكات، وتؤكد الحاجة الملحة لمراقبة حقوق الإنسان في سوريا
وفي حديثٍ لصحيفة العربي الجديد أكّد مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، أنّ "انتهاكات النظام بحق السوريين العائدين من لبنان لا تزال مستمرة"، مؤكّدًا أنه "لا توجد ضمانات مطلقًا لحماية العائدين من الاعتقال أو الاختفاء القسري، مشدّدًا على أنّ "الإجراءات والممارسات من قبل النظام السوري تجاه العائدين هي ذاتها"، مضيفًا: "دائمًا ما نوصي الناس بعدم العودة بسبب عدم وجود ضمانات لعدم تعرضهم للانتهاكات. وثقنا عمليات اعتقال تعسفي وحالة وفاة تحت التعذيب، وعشرات حالات الاعتقال، من ضمنها حالات تم تحويلها للتجنيد الإجباري، وهذا ما قد يواجهه العائدون من لبنان".
وخلُصت الشبكة السورية لحقوق الانسان إلى أنّ "سوريا لا تزال بيئةً غير آمنة، حيث يستمر النظام السوري في ممارساته القمعية من اعتقالات تعسفية واختفاء قسري وتعذيب. حيث تم توثيق اعتقال ما لا يقل عن 208 أشخاص عائدين من لبنان منذ بداية عام 2024 حتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر الجاري".
يشار إلى أنّ بعض الأطراف الأوروبية، لا سيما المطبّعة مع النظام السوري، تدفع بتصورٍ مفاده أن سوريا باتت آمنة، وبالتالي يمكن إعادة اللاجئين السوريين إليها، لكنّ التقارير الحقوقية تؤكّد عكس ذلك، وتُحذّر من تهجير اللاجئين السوريين أو اضطرارهم إلى ذلك.
ويعيش السوريون المقيمون في لبنان معاناةً مضاعفة، بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة والعدوان الإسرائيلي الحالي على لبنان، ما يجعل اللاجئين هناك بين سندان تحمل أعباء حياتية تزداد تفاقمًا، ومطرقة الخوف من الاعتقال في حالة قرروا العودة إلى سوريا.
وبحسب شهادات بعض السوريين في لبنان، فإنّ من وصلوا إلى سوريا أكّدوا لهم "أن من يريد أن يسلم من الاعتقال يجب أن يدفع إتاوات على حواجز النظام، ومع ذلك تعرّض البعض للاعتقال، خاصةً أولئك المطلوبين لدى أجهزة النظام". وأحيانًا يتم الاحتجاز لأسباب تتعلق بالخدمة العسكرية الإلزامية أو الاحتياط.
وتؤكّد هيومن رايتس ووتش في هذا السياق أنه جرى اعتقال بعض الأشخاص ممن كانوا يعتقدون حيث أنهم معفون من الخدمة العسكرية.
يشار أخيرًا إلى أنّ إحصائيات الهلال الأحمر السوري، تتحدث عن دخول نحو 440 ألف شخص إلى سوريا في الفترة ما بين نهاية شهر أيلول/سبتمبر ونهاية تشرين الأول/أكتوبر من العام الجاري.
وتؤكّد المعلومات الإحصائية الخاصة برايتس ووتش وصول حوالي 50 ألف شخص إلى شمال شرق سوريا، مقابل وصول 6600 شخص إلى شمال غرب سوريا.