27-ديسمبر-2016

يفتقر الإعلام المرئي في الجزائر إلى التطوير التقني والكادرات المهنية العالية (يوتيوب)

تتباين وجهات النظر حول المادة التي تبثها القنوات التلفزيونية الجزائرية الخاصة، التي باتت برأي صحافيين، في مرحلة تلمس للمجتمع الجزائري بكل أطيافه ومدى تفاعله مع القضايا التي يطرحها الإعلام الجزائري ومختلف الأدوات المستعملة في ذلك وأيضًا اللغة التي تأخذها البرامج والأخبار والحصص الخاصة. صحيح أن القنوات الجزائرية هي في مرحلة البدايات وبخاصة الإعلام السمعي البصري أو في مرحلة "الفتوة" التي تقترب من المجتمع ومن حدوده الدنيا والقصوى، فيما تعلق بقابليته لمناقشة قضايا مختلفة وشائكة، لاسيما القضايا التي كانت تمثل سقفًا عاليًا من الناحية السياسية أو "تابوهات" تاريخية أو ممنوعات اجتماعية.

يشهد القطاع المرئي والمسموع في الجزائر تنافسًا، أدى إلى أخطاء واصطفاف أيديولوجي أو سياسي

في قراءة للمشهد الإعلامي الجزائري في هذه المرحلة، لا تبدو القنوات التلفزيونية في تنافس على جودة إنتاجها الإعلامي، بالقدر من كونها تعمل على تقديم نفسها للمجتمع كمعبر لاهتماماته اليومية. اللافت أن الجزائر شهدت خلال السنوات الأربع الأخيرة، إنشاء قنوات تلفزيونية خاصة بعد إقرار ذلك في قانون الإعلام لسنة 2012 ثم صدور مشروع قانون السمعي البصري في 2014. لكن برأي المختصين فإن التلفزيونات الخاصة تكرر أخطاء الصحافة المكتوبة الخاصة في بداياتها، وفق ما يقول الأستاذ في الإعلام بوسعد لزيلة لـ"ألترا صوت".

ويضيف لزيلة، أنه "بعد مرور أكثر من 26 سنة على مكسب حرية التعبير في الصحافة المكتوبة، هناك ما أسماه بـ"العطش" الكبير لفتح قطاع السمعي البصري. حيث كان هناك تنافس لتأسيس قنوات من قبل ملاك الجرائد الخاصة مثل النهار والشروق"، لكن هذا التنافس أفرز برأيه، "عدة أخطاء في بيئة إعلامية غير معهودة وغير مسبوقة"، على ما يقول.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر..الحكومة تهدد عشرات القنوات بالإغلاق

يؤكد لزيلة أن "عدم وجود إطار قانوني ينظم هذه القنوات سواء من حيث الاعتماد إذا كان البث من الخارج أو من حيث التنظيم حيث لم تصدر أي نصوص قانونية، رغم بدء عمل سلطة ضبط السمعي البصري التي تأخرت عامين". ويعتقد لزيلة أن "هاجس القنوات هو الظهور في الساحة وهو ما جعلها تقع في الأخطاء"، مضيفًا أن "عدم وجود شبكة برامجية مخطط لها يزيد من الإشكالية"، وهي كانت عادة ما تسقط هذه القنوات في الشعبوية شيئًا فشيئًا، وبدأت هذه الفضائيات محاولة التموقع من خلال اصطفاف سواء أيديولوجي أو سياسي".

تجربة التلفزيونات الخاصة في الجزائر، برأي المختصين "جديدة". تحمل رغبة قوية في النجاح والبروز بحلة أفضل كمًّا ونوعًا رغم الكبوات التي وقعت فيها، برأي الأستاذ في العلوم السياسية الإعلامي محمد سليم حمادي، والذي يؤكد لـ"ألترا صوت"، أن "نجاح أو فشل هذه القنوات مرتبط أساسًا بالقدرات المادية وكذا التقنية وأكثر من ذلك الفنية سواء في الطاقم الصحفي والتقني وغيرها من المجالات الأخرى المرتبطة بالمادة التلفزيونية".

وأضاف حمادي أن "هذه التجربة جديدة وتتحكم فيها عدة عوامل أثرت في طبيعة المادة الإعلامية التي تقدمها. فبالنظر إلى البرامج التي تبثها القنوات الجزائرية على اختلاف أنواعها، سياسية، اقتصادية، ثقافية واجتماعية، يرى الأستاذ في العلوم السياسية أنها "طغت على المشهد كونها مرتبطة بالظروف المجتمعية المعقدة في الجزائر بالنظر إلى طبيعة المجتمع الجزائري الذي لا يزال غامضًا في عمقه الاجتماعي وتفاعلاته الداخلية وتركيبته السوسيولوجية، التي أفرزتها الكثير من الظروف التاريخية والسياسية والاقتصادية وكذا الأمنية".

يعاني الإعلام المرئي في الجزائر من أخطاء وبعض القنوات تروج للعنف والابتذال

أما بالنسبة لنوعية المادة الإعلامية التي تقدمها القنوات، فيوضح حمادي أنها "لا تلبي بدرجة كبيرة رغبة المشاهد كونها تنطلق من التقليد بدل الإبداع المتناغم والمنسجم مع البيئة الفعلية لمجتمعنا". كما ذهب مهنيو قطاع الإعلام في الجزائر في تصريحات متفرقة لـ"ألترا صوت" إلى اعتبار بعض القنوات "لا تحمل أي لون"، بالنظر إلى حداثة التجربة التي لم تجد إلى حد اليوم لونًا خاصًا بها، فإما "تمارس الإثارة من خلال الترويج لأخبار مختلفة، وهذا ما يجعلها في خانة "الإعلام الأصفر" فيما انحدرت بعضها نحو "الترويج للتطرف والعنف" رغم تلقيها عدة تحذيرات من سلطة الرقابة، إضافة إلى الشعبوية من خلال الألفاظ المستعملة في بعض القنوات"، لكن هذا لا ينفي أن بعض القنوات تجتهد من خلال البحث عن الالتحاق بركب القنوات العالمية.

ما تقدمه القنوات الجزائرية من مادة بشكل عام متقارب فيما بينها ومتشابه بحسب الإعلامي أمين مليط، فإن "الإمكانيات المادية لا تزال عائقًا أمام القنوات الفتية في الجزائر في تقديم مادة إعلامية متميزة مقارنة بنظيراتها العربية رغم أن بعض المحاولات جديرة بالاحترام". عامل السن أيضًا يلعب دورًا بارزًا في المنتج الإعلامي حيث يرى مليط أن "أغلب مهنيي قطاع السمعي البصري هم من خريجي الجامعات وحديثي التجربة الإعلامية. ويفتقرون للخبرة في مجال يتطلب قدرات بشرية ومادية وتكنولوجية كبيرة".

ولا تزال القنوات الجزائرية الخاصة بعيدة نوعًا ما عن تلك القنوات الدولية، التي تتمتع بميزانيات ضخمة مما يسمح لها بالاستعانة بخيرة الطاقات الإعلامية الموجودة على الساحة العالمية وليس العربية فقط. وهو ما دفع بالقول إن القنوات الجزائرية بعيدة عن الاحترافية. وعن تقديم صورة ومادة إعلامية تليق باسم الجزائر، ولذلك تكررت الدعوات نحو ضرورة الاستثمار في العنصر البشري بين الطاقات والمواهب الشابة والخبرات الموجودة في الجزائر أو خارجها بحكم أن التلفزيون الجزائري الرسمي كان في وقت ليس ببعيد مدرسة ومرجعًا لعديد القنوات الكبرى.

اقرأ/ي أيضًا: 

الصحافة في مصر : تهمة كافية!

الجزائر.. فوضى البرامج في رمضان