24-يوليو-2018

مثلت قرارات محكمة لاهاي انتصارًا للدوحة ضد الحصار الذي فرض عليها (Getty)

"انتصار قانوني وأخلاقي لقطر"، هكذا وصف أحد الخبراء القانونيون الأحكام الملزمة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد الإمارات، التي ارتكبت مخالفات جسيمة ضد حقوق الإنسان منذ افتعالها مع السعودية والبحرين الأزمة الخليجية، وفرض الحصار على قطر منذ حزيران/يونيو من العام الماضي. حيث قامت الإمارات عام 2017، بطرد جماعي لكل القطريين فيها، وحظرت عليهم دخول أراضيها أو المرور عبرها. وبناء عليه طالبت قطر من خلال محكمة العدل الدولية أن "تعيد الإمارات إلى القطريين حقوقهم"، كما طالبت بتعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم.

استندت قطر في ملفها الذي قدمته لمحكمة العدل الدولية ضد الإمارات إلى المعاهدة الدولية لإلغاء كل أشكال التمييز العنصري الموقعة عام 1965

أحكام ملزمة ضد الانتهاكات الإماراتية لحقوق الإنسان

استندت قطر في ملفها الذي قدمته لمحكمة العدل الدولية ضد الإمارات إلى المعاهدة الدولية لإلغاء كل أشكال التمييز العنصري الموقعة عام 1965، والتي وقع عليها كلا البلدين، وهي واحدة من أهم المعاهدات الدولية المناهضة للتمييز على أساس الأصل القومي أو الإثني أو العرقي  بين الشعوب.

وكانت الإمارات بممارساتها غير الإنسانية منذ إعلانها الحصار على قطر في العام الماضي، قد خالفت بشكل صريح مواد الاتفاقية، وبناء على ذلك، قامت قطر باتباع الوسائل القانونية وفقًا لما تتيحه المادة 22 من المعاهدة، والتي تنص على أنه "في حالة أي نزاع ينشأ بين دولتين أو أكثر من الدول الأطراف بشأن تفسير هذه الاتفاقية أو تطبيقها وتتعذر التسوية بالمفاوضة أو بالإجراءات المنصوص عليها صراحة في هذه الاتفاقية، يحال هذا النزاع بناء على أي طرف من أطرافه إلى محكمة العدل الدولية للفصل فيه، ما لم يتفق المتنازعون على طريقة أخرى لتسويته".

اقرأ/ي أيضًا: الطريق إلى لاهاي.. انتهاكات الإمارات أمام استحقاق حصار قطر

وأشارت المحكمة في مجمل عرضها للأحكام الملزمة للإمارات نحو القطريين، بإلزام أبوظبي "بلمّ شمل الأسر التي تفرقت لحين البت بالقضية، التي رفعتها دولة قطر على الإمارات بسبب الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون القطريون في الإمارات". وقد وجد القطريون أنفسهم في يوم وليلة مجبرين على ترك بيوتهم مع عدم إمكانية العودة إليها، فضلًا عن خروجهم من البلاد وانعدام قدرتهم على متابعة مصالحهم وممتلكاتهم داخلها.

أما بالنسبة للطلبة القطريين في الإمارات، فقد ألزمت المحكمة الدولية أبوظبي بالسماح للطلبة القطريين الذين كانوا يدرسون في الإمارات قبل الحصار بالعودة إلى جامعاتهم ومقاعد دراستهم، إذا أرادوا استكمال الدراسة، أو تمكينهم الحصول على شهادات تؤهلهم استكمال  دراستهم في أي بلد آخر. كما ألزمت المحكمة الإمارات بالسماح للقطريين بممارسة حق التقاضي في محاكمها.

ردود الأفعال..  قطر تكسب مزيدًا من النقاط في معركة الحصار

وقال وكيل دولة قطر لدى محكمة العدل الدولية محمد الخليفي، في تصريح لقناة الجزيرة، إن قرارات المحكمة الدولية أنصفت القطريين، وخاصة الأسر المتضررة من الحصار، والطلبة الذين تم فصلهم دون أسباب أكاديمية، وأشار إلى أن المحكمة أصدرت قرارات ملزمة للإمارات بعدم اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تفاقم الأزمة في المستقبل. وبسؤاله حول التوقعات بأن تلتزم الإمارات بهذه الأحكام أم لا، أجاب أنه يتوقع أن تلتزم الإمارات بهذه القرارات التي وإن كانت وقتية إلا أنها ملزمة للطرف الثاني.

ومن الجدير بالذكر أن المستندات التي قدمتها قطر لمحكمة العدل الدولية كلها عبارة عن تقارير دولية وحقوقية عن الانتهاكات الإماراتية لحقوق الإنسان، التي قامت بها الإمارات في أثناء هذه الأزمة، قد أشار الخليفي أن قطر لم تقدم مستندًا واحدًا من السلطات القطرية، بل قدمت تقارير حقوقية من أطراف ثالثة تدعم الموقف القانوني القطري. وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد تحدثت في أكثر من تقرير عن الانتهاكات الإنسانية التي تمارسها الإمارات تجاه القطريين، وقد ورد في أحد تقاريرها عن الأزمة، أن "عزل الإمارات، البحرين، والسعودية لقطر يتسبب في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، كما ينتهك الحق في حرية التعبير ويؤدي إلى تشتت العائلات وتوقف الرعاية الطبية؛ ففي إحدى الحالات، أُجبر طفل على تفويت عملية جراحية لدماغه بعد أن حُدد موعدها. كما يؤدي إلى انقطاع التعليم، وتشرد العمالة الوافدة من دون طعام أو ماء. وأن السفر من قطر وإليها مقيّد والحدود البرية مع السعودية مغلقة".

 ووجدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في دولة قطر، في خطوة "لاهاي" أنباءً سارة، وقالت "إنه يصب في صالح المتضررين من القرارات والإجراءات التمييزية التي اتخذتها السلطات الإماراتية ضد المواطنين القطريين والمقيمين في دولة قطر.

كما دعت المواطنين القطريين المتضررين والراغبين في الذهاب إلى دولة الإمارات إلى التواصل معها في حال وجود أي عقبات أو عراقيل، من طرف السلطات الإماراتية.

اقرأ/ي أيضًا: واشنطن بوست: حصار قطر يبوء بالفشل!

بينما حاول أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أن يقلل من شأن الأحكام الملزمة في تغريدة له على موقع تويتر، قال فيها: "ملخص قرار محكمة العدل الدولية الْيَوم تناول ما يعرف بالإجراءات الوقتية، ورفض القضاة المطالَب القطرية المقدمة ودعوا إلى 3 إجراءات تتعلق بالأسر والطلبة والتقاضي، وهي إجراءات قامت الإمارات بتنفيذها وفق ضوابطها الوطنية، بعد اتخاذ إجراءات الدول الأربع ضد الدوحة ". وعلى الرغم من التناقضات التي أحاطت بتغريدة قرقاش، إلا أن هناك اعترافًا ضمنيًا بالممارسات الإماراتية والانتهاكات غير القانونية تجاه القطريين في الأزمة.

قال وكيل دولة قطر لدى محكمة العدل الدولية محمد الخليفي، إن قرارات المحكمة الدولية أنصفت القطريين

ومنذ بداية الأزمة الخليجية يحاول دائما الخطاب الإماراتي الرسمي أن يلصق تهمة دعم الإرهاب بقطر على الرغم من كل التقارير الدولية التي أدانت الإمارات نفسها وحلفائها السعوديين، في قضايا الإرهاب وتدبير المكائد السياسية. وفي هذا السياق أشار قرقاش في تغريدة أخرى إلى اللافتات المعادية لقطر التي رفعت في الزيارة الرسمية التي يقوم بها أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، هذه الأيام إلى لندن، في الوقت الذي أشارت فيه صحيفة الغارديان البريطانية، إلى أن الأمر برمته عبارة عن تمثيلية مدفوعة الأجر تقف وراءها وكالة فنية، دفعت لها جهات لأداء هذا الدور.

وهكذا فإنه وفي الوقت الذي استطاعت فيه السياسة الداخلية والخارجية القطرية الصمود أمام الحصار والتعامل معه بثبات وتوازن كبيرين، يتساءل المتابع للأزمة الخليجية: إلى متى يستمر ارتباك دول الحصار التي أثبتت تخبطها السياسي ونزعتها الانتقامية وانعدام رغبتها في حوار يوصل إلى تسوية حقيقية، بعد فشل كل مزاعمها التي استندت عليها في افتعال الأزمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الوزير "المقاتل" محمد بن عبد الرحمن.. من جولة الدفاع إلى تعرية دول الحصار

سنة على حصار قطر.. السعودية تختبئ وراء البلطجة والتشويش