20-أغسطس-2024
النمو السكاني العالمي

النمو السكاني العالمي في تناقص (نيوزويك)

بخلاف ما هو شائعٌ من تهويلٍ للنمو السكاني مقارنةً بالموارد المتاحة، أظهر تقريرٌ جديد نشرته مجلة "نيوزويك" ـ استندت فيه إلى معلومات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ـ  أن التعداد السكاني حول العالم في تناقصٍ، مبرزةً أنه من المتوقع أن يستمر هذا التناقص خلال السنوات المقبلة.

ففي حين تشهد بعض الدول نموًا متسارعًا، فإن معدلات النمو في دولٍ أخرى هي في انحدارٍ مستمر. وفي هذا الصدد تنقل "نيوزويك" عن نائب مدير معهد الديموغرافيا في فيينا، توماس سوبوتكا، قوله إنّ الانحدار في معدلات النمو السكاني سيستمر في المستقبل، نظرًا لشيخوخة السكان، وانخفاض معدلات الخصوبة مع اكتساب النساء في مختلف أنحاء العالم المزيد من الخيارات الإنجابية. وخص سوبوتكا بهذه العوامل اليابان وكوريا الجنوبية، وكذلك الصين التي انخفض عدد سكانها بما يقارب 3 ملايين نسمة في العام السابق.

وبحسب قائمة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي تضم معدل النمو السكاني لـ236 دولة بشكل تسلسلي، فإن البلدان التي تشهد أكبر تضاؤلٍ في عدد السكان تتضمن بورتو ريكو ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا وإستونيا.

وتجتمع عوامل انخفاض معدل الخصوبة وارتفاع معدل الهجرة خارج البلاد وشيخوخة السكان في هذه البلدان ما يجعلها مهددةً بالانقراض.

التعداد السكاني حول العالم في تناقص بسبب انخفاض معدلات الخصوبة وشيخوخة السكان، واكتساب النساء المزيد من الخيارات الإنجابية

أما الدول الأسرع نموًّا فيقع أغلبها في إفريقيا، وهي على التوالي:

  1. جنوب السودان بمعدل نمو 4.65 %
  2. النيجر 3.66 %
  3. أنجولا 3.33 %
  4. بنين 3.29 %
  5. غينيا الاستوائية 3.23 %
  6. أوغندا 3.18 %
  7. جمهورية الكونغو الديمقراطية 3.11 %
  8. تشاد 3.01 %
  9. مالي 2.9 %
  10. زامبيا 2.83 %

وأشار مدير معهد الديموغرافيا في فيينا توماس سوبوتكا إلى أن العديد من الدول، العشر الأولى، في مجال النمو السكاني تقع في مناطق الصراع أو بالقرب منها. ففي "جدول وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، يُظهر جنوب السودان أعلى معدل نموٍ سكاني لأنه من المقدر أن يستقبل بعض المهاجرين الفارين من السودان أثناء الأعمال العدائية أو الحرب الأهلية الجارية هناك".

وتشترك "معظم البلدان ذات معدلات النمو السكاني المرتفعة في مزيج من هرمٍ سكاني شاب ومعدلات خصوبة عالية"، فعلى الرغم من انخفاض معدلات الخصوبة في كل مكان، فإن البلدان ذات الهيكل السكاني الشاب ستستمر في تجربة نمو سكاني مرتفع لعقود عديدة قادمة حسب الخبراء.

يشار إلى أنّ بعض نتائج المعطيات الإحصائية حول النمو السكاني تتعارض مع البديهيات، مثل حقيقة أن أوكرانيا التي مزقتها الحرب تحتل المرتبة الأسرع نموًا خارج إفريقيا.

ويرى سوبوتكا أنه: "من المتوقع أن ينمو عدد سكان أوكرانيا على الرغم من الصراع لأن بعض اللاجئين يعودون (ويغادرون البلدان التي أقاموا فيها - ولهذا السبب، على سبيل المثال، من المتوقع أن يتقلص عدد سكان بولندا بنسبة 1 %)".

ومع ذلك، أضاف أن الحرب أدت أيضًا إلى تسريع اتجاهات ما قبل الحرب من انخفاض الخصوبة والهجرة إلى الخارج، مضيفًا: "الوضع غير مسبوق تمامًا".

روسيا والحرب

تعد روسيا البلد الـ16 من حيث سرعة انكماش معدل النمو السكاني، وفي هذا الصدد يعلّق نائب مدير معهد الديموغرافيا في فيينا توماس سوبوتكا قائلًا "إن ذلك يعود لمعدلات الخصوبة المنخفضة، وارتفاع معدلات الوفيات وسوء حالة السكان الصحية".

وأضاف سوبوتكا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يحصل على الزيادة السكانية التي "يحلم بها" من ضم أراضٍ جديدة لروسيا في الحرب مع أوكرانيا، إذ إن المناطق المسلوبة في الحرب غالبا ما تكون مدمرة، ويكون سكانها من كبار السن أو المصابين.

كما تؤدي الحرب الحالية، وفق سوبوتكا، إلى زيادة عدد الوفيات والإصابات بين الرجال في سن العمل والإنجاب، ويزيد ذلك من انكماش القوى العاملة والضغط على النظام الصحي، ويقلل معدل المواليد، وهذه مؤشرات سكانية يحاول بوتين عكسها.

تغير المناخ

في المستقبل، هناك متغير آخر وشيك يعد بهز هيكل السكان العالمي، فبمرور الوقت، سوف يساهم تغير المناخ بشكل متزايد في المزيد من "الصراعات والهجرة"، لكن من الصعب للغاية، حسب الخبراء، التنبؤ بمثل هذه الانهيارات أو الانزياحات الناتجة عن ظاهرة تغير المناخ.

في حين أن النمو السكاني هو مؤشرٌ واضح على نجاح تدابير الصحة العامة في جميع أنحاء العالم، فإنه يشكل أيضًا تحديًا للاستدامة والنمو الاجتماعي والاقتصادي، والذي يختلف مداه وفقًا لعدد من العوامل، بما في ذلك الظروف السياسية والاقتصادية للبلاد، والكثافة السكانية والنمو الاقتصادي.

نتائج المعطيات الإحصائية حول النمو السكاني تتعارض مع البديهيات، مثل حقيقة أن أوكرانيا التي مزقتها الحرب تحتل المرتبة الأسرع نموًا خارج إفريقيا

بشكل عام، غالبًا ما تكون معدلات النمو السكاني المرتفعة صعبة لأنها تزيد من الضغوط على الموارد المتاحة (وخاصة المياه، وتوافر الأراضي، وإنتاج الغذاء والطاقة) وتجعل من الصعب على الحكومات تحسين البنية الأساسية، وتحسين الرعاية الصحية، وبناء مدن أفضل، وبناء المزيد من المدارس، وتوسيع نظام التعليم وحماية الموارد المتاحة.

ومع ذلك، يمكن التغلب، حسب الخبراء، على هذه التحديات جزئيًا "من خلال صنع السياسات السليمة في البلدان التي لديها حكومات كفؤة. ففي نهاية المطاف، سيؤدي التعليم الأفضل، وتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية ووسائل منع الحمل، والتحضر والنمو الاقتصادي إلى خفض معدلات الخصوبة، وهذا من شأنه أن يؤدي لاحقًا إلى انخفاض النمو السكاني".

وضع الدول العربية

يقع ترتيب بعض البلدان العربية في أعلى قائمة معدلات النمو، فالضفة الغربية توجد في المرتبة 37، وغزة والعراق تواليًا في المرتبين 40 و41، واليمن في المرتبة 48 تليه سلطنة عمان في المرتبة 52، والسعودية وسوريا تواليًا في المرتبتين 55 و56.