21-أكتوبر-2018

استخدمت السعودية الذباب الإلكتروني للترويج لروايتها حول مقتل جمال خاشقجي (HuffPost)

"تبدو شتائم وبذاءات الذباب الإلكتروني السعودي، قاسية ولا هوادةَ فيها، وذات وتيرة مذهلة"، كما وصفتها صحيفة واشنطن بوست التي رصدت في مقال لها، الانتشار الكبير لتغريدات الحسابات الإلكترونية الوهمية الآلية أو ما يعرف بـ"الذباب الإلكتروني"، والتي دشنتها جهات سعودية للترويج للمزاعم السعودية بخصوص قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. فيما يلي ترجمة بتصرف للمقال.


قام جيش من الحسابات الإلكترونية الآلية السعودية على تويتر، بوصف المعارضين بأنهم "صراصير" و"خونة"، وقامت هذه الحسابات بغمر الأخبار بالأكاذيب. هذا الجيش يُعرف كذلك بـ"الذباب الإلكتروني".

بعد اختفاء خاشقجي، قام جيش من الحسابات الإلكترونية السعودية على تويتر، بوصف المعارضين بأنهم "صراصير" و"خونة"

وأدى اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي منذ أكثر من أسبوعين، إلى وصول المعارك الإلكترونية التي تخوضها السعودية إلى بؤرة الاهتمام، مع وجود شبكة واسعة من حسابات تويتر في دائرة الضوء، التي تسعى بدورها إلى تعظيم إنكار الحكومة السعودية لأي تورّط لها في القضية، وكذلك تطارِد المعارضين الذين يكذّبون الرواية الرسمية.

اقرأ/ي أيضًا: الحسابات الوهمية على تويتر.. سلاح سعودي مفضوح

يقول الباحثون والنشطاء، إنهم تعقّبوا شبكة واسعة من الحسابات الموالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء أناس حقيقيين أو حسابات وهمية آلية (بوتات)، والتي تضافرت جهودها مرارًا في أوقات الأزمات التي خاضتها السلطات السعودية.

وقال مارك أوين جونز، الباحث والمحاضر في جامعة إكستر، والذي يتابع الظاهرة منذ عام 2016، إنه "بإمكانك إيجاد علاقة تربط بين حجم التغطية الإعلامية السلبية، ووتيرة أنشطتهم الإلكترونية. عليهم العمل بجد حين يكونوا بصدد السيطرة على الأضرار التي تواجه السعودية". وربما لم تكن ثمة أزمة بحساسية أزمة مقتل خاشقجي.

وفيما تنامت الاحتجاجات الدولية إثر اختفاء خاشقجي، أنكرت الحكومة السعودية بإصرار أي معرفة لها بمصيره أو مكانه. ولكن اليوم السبت، عكس المسؤولون مسارهم تمامًا، قائلين إنه قتل في شجار أثناء زيارته القنصلية السعودية في إسطنبول، يوم الثاني من تشرين الأول/أكتوبر الجاري!

وكان مسؤولون أتراك، صرحوا بأن خاشقجي قُتل على يد فريق اغتيال سعودي. وقالوا أيضًا إن لديهم تسجيلات صوتية ومرئية لعملية قتل وتقطيع جثمان الصحفي، ما قد يتنافى حتى مع رواية السعودية أنه قلت في شجار بالأيدي.

سبق واستخدمت السعودية الذباب الإلكتروني للهجوم على قطر بعد أزمة حصار قطر
سبق واستخدمت السعودية الذباب الإلكتروني للهجوم على قطر بعد أزمة حصار قطر

في الأسابيع التي انقضت منذ أن اتهم المسؤولون الأتراك لأول مرة الرياضَ بالمسؤوليةَ عن اختفاء خاشقجي، ومع خضوع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للتدقيق المتزايد نتيجة لعلاقاته بالقتلة المزعومين؛ عمل الذباب الإلكتروني بلا كَلَل، لتشويه سمعة خاشقجي، كما كثّف من هجماته على المعارضين الذين يعيش الكثيرون منهم في المنفى.

وأصبح وسم (هاشتاغ) "#كلنا_ثقة_في_محمد_بن_سلمان" هذا الأسبوع، من بين أكثر الوسوم انتشارًا على تويتر. وظهر في ملايين التغريدات، وفقًا لتحليل أجراه بن نيمو، الزميل المتخصص في مجال الدفاع المعلوماتي بمعمل الأدلة الجنائية الرقمية في المجلس الأطلسي.

يقول بن نيمو: "إنها لعبة أرقام. حين يكون هناك شيء متصدّر وشائع، فمعنى هذا أنه يصل إلى جمهور لا يستطيع جميع الناس الوصول إليه".

تحظى مواقع التواصل الاجتماعي بشعبية كبيرة في المملكة العربية السعودية، خاصة تويتر الذي يتواجد عليه 11 مليون مستخدم سعودي، وفقًا لشركة "Crowd Analyzer".

وأضاف نيمو أن "أنماط المشاركة التي تتسم بها الوسوم الأخرى السائدة، ومنها وسم #كلمة_لأعدائنا، تشير بقوة إلى التضخيم المصطنع الذي تقوم به شبكات الحسابات الآلية أو المجموعات المنظمة جيدًا من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي".

ولا تُعد تلك هي المرة الأولى التي يشنّ فيها موالون للحكومة السعودية، مدعومين بالحسابات الوهمية الآلية، معركةً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فوِفقًا لنيمو، فقد حشدت السعودية الحسابات الوهمية الآلية على تويتر خلال أزمة حصار قطر.

وقال باحثون إن الكثير من هذه الحسابات ظلت في سبات عميق بعد فترة من أزمة حصار قطر، ثم انتفضت فجأة في الفترة الأخيرة. 

وفي بحث حصلت واشنطن بوست على نسخةٍ منه، يتعقب مجموعة واحدة من تلك الحسابات الآلية، ليصل إلى أنها تدار من قِبَل مبرمج في مدينة الإسكندرية في مصر، والذي سبق وأن روّج علانيةً لبرنامج يقوم بإنشاء حسابات تويتر بشكلٍ جماعي.

وتوقع أصدقاء ومقرّبون من خاشقجي، أن اختفاءه وقتله مرتبط بدرجة ما بدوره في شبكة ناشئة من النشطاء الإلكترونيين، الذين بدؤوا في التصدّي لهذا الذباب الإلكتروني.

وقال أحد النشطاء المعروفين، ويدعى عمر عبدالعزيز، إن خاشقجي تبرّع مؤخرًا بمبلغ خمسة آلاف دولار، لمشروع يسمّى "جيش النحل". وأضاف عبد العزيز أنهم خططوا لشراء شرائح هواتف مجمولة بأرقام أمريكية وكندية، يمكن للسعوديين استخدامها داخل السعودية دون الخوف من انكشاف أمرهم أو تعرضهم للعقاب.

وأشار خاشقجي ضمنيًّا في الـ 12 أيلول/سبتمبر الماضي على حسابه في تويتر إلى "جيش النحل"، دعمًا للمبادرة التي يقودها صديقه عبدالعزيز، قائلًا: "ماذا تعرف عن جيش النحل؟".

ويقول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي السعوديون، الذين لهم تاريخ في انتقاد المؤسسة الحاكمة السعودية، إنهم لاحظوا تصاعدًا في النشاط الإلكتروني المؤيد للحكومة، مع تزايد حدة الضجيج والتهديدات. وعلقت الناشطة الحقوقية الرائدة منال الشريف، نهاية الأسبوع الماضي على تداعيات اختفاء خاشقجي بسلسلة مؤلمة من التغريدات.

وكتبت قائلةً: "لقد حلمنا بالعدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، والإصلاحات السياسية، وحرية التعبير. فقد كانت لدينا أحلام كبيرة وغير واقعية من أجل أطفالنا".

وتابعت: "أنا ممتنة أنني غادرت المنطقة في التوقيت المناسب. لو استطعتم أنتم أيضًا مغادرتها مع ما تبقّى لديكم من عقل وكرامة، فرجاءً افعلوا ذلك. لا تحاربوا النظام، ولا تتمسّكوا بالأمل، لا تتكلّموا ولا تحلموا، لا تتنفسّوا.. فقط ارحلوا".

لكن رد الفعل المضاد من جيش الحسابات المؤيدة للنظام السعودي كان فوريًا، وقاسيًا، إذ رد أحدهم قائلًا: "أتمنى أن تقتلي إن شاء الله". وقال آخر: "ستلقين مصير الخونة يومًا ما". وعلى هذا المنوال تواصل تدفق الردود العنيفة.

وقال نشطاء آخرون، تحدّثوا شريطة عدم الكشف عن هويّتهم خوفًا على سلامتهم، إن التصاعد الحاد في عمليات التصيّد، بالإضافة إلى التأثير المؤلم للقصص التي تتناول مقتل خاشقجي، قد جعلهم غير قادرين على التخلص من شعورٍ رهيب بالخوف والفزع.

استخدمت السعودية الذباب الإلكتروني للهجوم على قطر وبعض تلك الحسابات هي نفسها المستخدمة بعد حادثة مقتل خاشقجي

قال أحدهم: "أشعر أن عضلاتي تشتد عند اطلاعي على كل تلك التغريدات. والآن لقد رأينا مع حدث لجمال خاشقجي. لا أشعر بالأمان. وطوال الوقت يستمر هذا الذباب الإلكتروني على تويتر في نشر المزيد والمزيد من هذه التغريدات".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تويتر والسعودية.. العالم قرية صغيرة بيد الاستبداد

خدعة الحسابات الآلية عبر تويتر.. جندي السعودية غير المجهول ضد قطر