مع اقتراب حلول الذكرى العاشرة لانطلاقة الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد، يعيش السوريون الذين بقوا في بلادهم اليوم أزمة اقتصادية واجتماعية متعددة الأوجه ومستمرة في التصاعد. ويدفع السوريون أثمان هذه الأزمة في ظل استفادة بشار الأسد من الظروف الإقليمية والدولية التي أتاحت له البقاء في الحكم، خاصة أمام تخاذل الجهات والمنظمات الدولية وتقاعسها عن أداء دورها في وقف معاناة الشعب السوري. وبالنتيجة حافظ الأسد على وجوده في الحكم، لكن سوريا التي يحكمها اليوم مفتتة ومجزأة، وفيها جيوش أجنبية متعددة، كما لا تتوانى إسرائيل عن توجيه الضربات للجيش السوري والميليشيات المتحالفة معه بشكل شبه يومي. كل هذا في الوقت الذي تتقلّص فيه سلطة الأسد داخل سوريا لصالح رعاته الإيرانيين، ليجد النظام نفسه عاجزًا تمامًا عن مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، التي هو أحد أبرز مسبباتها بشكل أساسي.
شهدت حركة التجارة في أسواق مدينة دمشق، مقر نظام الأسد، تراجعًا كبيرًا في الأيام الأخيرة بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي
وانتشرت مؤخرًا صور طوابير من الناس ينتظرون دورهم للحصول على أبسط مقومات الحياة، كالخبز والمازوت والغاز، فيما يستمر سعر صرف الليرة السورية بالتهاوي مقابل الدولار الأمريكي، ما ينعكس ارتفاعًا إضافيًا في الأسعار وانخفاضًا في القدرة الشرائية للمواطن.
اقرأ/ي أيضًا: العمالة الأجنبية تدفع ثمن أزمات لبنان وتسجل تراجعًا بنسبة 83%
أحد الحسابات على تويتر سخر من مشهد الطوابير أمام محطات البنزين والأفران. وقال إن بشار الأسد هجّر 7 ملايين مواطن سوري، وامتلأت بلاده بالقواعد العسكرية للأمريكيين والروس والإيرانيين وغيرهم، مع ذلك فهو يرفض التنحّي. وقال حساب آخر على تويتر أن السوريين اليوم بدون كهرباء، غاز، مازوت، بنزين، خبز ومياه، والدولار ارتفع ليصبح مساويًا لـ4000 ليرة، وكلّ ذلك بسبب بشار الأسد.
فيما استغربت الناشطة رغد كيف أن بعض المعارضين السوريين يقيمون نقاشات على منصات مختلفة حول جدوى الثورة التي اندلعت قبل 10 سنوات، في الوقت الذي وصل فيه الدولار لعتبة 4000 ليرة سورية، ويعيش ملايين السوريين في المخيمات، ويُزجّ بمئات الآلاف منهم في معتقلات الأسد، بينما تتصدر سوريا الأرقام العالمية السلبية فيما يخصّ الفقر.
وسأل أسامة بكري السوريين الموالين للأسد عمّا ينتظرونه لكي يخرجوا من تحت سلطته، فيما مرتباتهم لم تعدّ تكفيهم حتى لشراء الحليب والحفاضات لأولادهم. بينما قال نضال العامري إنه في وقت تتّجه سوريا نحو الانهيار في ظل التدهور في سعر صرف الدولار، يرشّح بشار الأسد نفسه للرئاسة مرّة جديدة.
ورأى أبو الطيب الخالدي أن قيمة الليرة السورية تتهاوى بالتوازي مع انهيار قيمة الليرة اللبنانية، محمّلًا إيران المسؤولية بسبب تدخّلها في شؤون البلدين.
كما قال جورج عيسى إن الدولار الأمريكي يساوي اليوم أكثر من أربعة آلاف ليرة سورية، وسيتخطى الـ12 ألف ليرة مع نهاية شهر آذار/ مارس الجاري. وتوقّع أن يخسر السوريون أموالهم، وأن يتحولوا لشحادين ينتظرون المعونات من المحتل الروسي من خبز ومعكرونة وغيرها.
وفي تأكيد للنظرة القائلة بتحويل الأسد لسوريا إلى بلد يعتاش على المعونات الروسية، في مقابل تنازلات سيادية يقدمها لموسكو في الشكل وفي المضمون، نقل موقع نورث برس عن السفير السوري لدى روسيا رياض الحداد، تأكيده أن التوريدات الروسية بدأت بالوصول إلى سوريا، تنفيذًا للاتفاقات الموقّعة بين البلدين. وصرح الحداد في إفادة أدلى بها لصحيفة "الوطن" شبه الرسمية، عن وصول جزء من هذه التوريدات، على رأسها المشتقات النفطية والقمح. فيما ذكر موقع نورث برس أن حركة التجارة في أسواق دمشق شهدت تراجعًا كبيرًا في الأيام الأخيرة بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار. ونقل الموقع عن تجار في دمشق تأكيدهم أن أسعار السلع الغذائية ارتفعت بشكل جنوني، وأنهم اليوم يخسرون رساميلهم لأن الأسعار ترتفع باستمرار ولم تعد لديهم القدرة على تأمين كل احتياجاتهم، فيما قال بعض المواطنين أن رواتبهم لم تعد تكفيهم لشراء طعام لأكثر من يومين. مع الإشارة إلى أن معدل راتب الموظف الحكومي في سوريا هو 60 ألف ليرة سورية، أي حوالي 14 دولار أمريكي فقط، فيما يبلغ سعر لتر الزيت النباتي الواحد مثلًا دولارين أمريكيين.
اقرأ/ي أيضًا: