25-مايو-2019

54.4% من نساء المغرب تعرضن لشكل من أشكال العنف (رويترز)

أرقام صادمة تلك التي كشف عنها البحث الوطني حول العنف ضد النساء في المغرب، والذي رصد واقعًا مهولًا عن تعرض النساء للعنف بكل أنواعه، رغم القوانين التي تمت المصادقة عليها في السنوات الأخيرة، وأيضًا تشكيل خلايا الاستماع للنساء المعنفات ومساعدتهن على اللجوء للقضاء.

بحسب استقصاء رسمي، فإن 54.4% من نساء المغرب، تعرض لشكل من أشكال العنف بنسب تزيد في الوسط الحضري عن القروي

يهدف البحث الذي أشرفت عليه وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، إلى تحديد نسبة العنف الممارس ضد النساء على المستوى الوطني، وأيضًا نسبة انتشاره حسب الوسط الذي يحدث فيه، والأشكال المنصوص عليها في القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، وذلك عن طريق استجواب عينة من 13 ألفًا و543 امرأة، تتراوح أعمارهن ما بين 18 و64 عامًا.

اقرأ/ي أيضًا: بعد قانون "العنف ضد المرأة".. هل تسلم المغربيات من التحرش؟

القانون "ناقص"

يُعرف القانون المغربي العنف ضد المرأة بـ "كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع، أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي، أو نفسي، أو جنسي، أو اقتصادي للمرأة"، ويعاقب عليه في باب الضرب والإيذاء بعقوبة سجنية تصل إلى المؤبد، وفي باب الاختطاف والاحتجاز بعقوبة تتراوح بين 10 و30 سنة، حسب علاقة القرابة بين المعنِف والمعَنف، ومدة الاحتجاز.

المرأة المغرب
لم تسلم المغربيات من التحرش رغم قانون العنف ضد المرأة

القانون نَص لأول مرة على عقوبات مشددة في حالة العنف ضد المرأة والتحرش بها، كما يعاقب على العنف الزوجي وغيره من أشكال العنف. لكن عدد من الحقوقيين يعتبرونه "ناقصًا"، ويطالبون بتعديله لينسجم مع التشريعات الدولية.

وفي هذا الصدد يقول الشريف الإدريسي، محام بهيأة المحامين بتطوان، في حديثه مع "الترا صوت"، إن القانون الذي تم تفعيله في السنة الماضية، "جُل مقتضياته تطرقت للعنف بعد حدوثه ولم تركز على التدابير التي يمكن اتخادها لمنع حدوث هذا العنف".

ويعاقب القانون المغربي بالحبس من شهر واحد إلى ثلاثة أشهر وغرامة من ألفين إلى خمسة آلاف درهم، عن الطرد من بيت الزوجية أو الامتناع عن إرجاع الزوجة المطرودة من بيت الزوجية، كما يعاقب على السب القذف ضد المرأة بسبب جنسها، بغرامة تتراوح ما بين 12 ألف إلى 120 ألف درهم.

أما التحرش الجنسي فقد تراوحت عقوبته من شهر إلى ستة أشهر، وغرامة مالية قيمتها من 200 درهم (20 دولار) إلى 10 آلاف درهم (1000 دولار)، أو إحدى العقوبتين، "لكل من أمعن في مضايقة الغير في الفضاءات العمومية بأقوال أو إشارات أو أفعال لها دلالات جنسية"، كما ينص القانون. وترتفع العقوبة حسب العلاقة بين الطرفين.

أرقام صادمة

البحث الوطني المنجز، والذي اطلع "الترا صوت" عليه خلال ندوة أقيمت لعرض نتائجه، يكشف عن أن 54.4% من المغربيات يتعرضن للعنف. وتزداد نسبة العنف في الوسط الحضري عن الوسط القروي، إذ تبلغ في الوسط الحضري 55.8% وفي القروي 51%. 

واحتلت الدار البيضاء، أكبر جهة في المغرب من حيث الكثافة السكانية، المرتبة الأولى كأكثر جهة بالمملكة تتعرض النساء فيها للعنف بنسبة 70%!

وفصّل البحث أنواع العنف الممارس على النساء المغربيات، فـ21% منهن يعانين من شكل واحد من العنف، مقابل 3.2% من المغربيات عشن العنف بجميع أنواعه، أي جسدي ونفسي وجنسي واقتصادي، حتى إلكتروني.

ويشير التقرير إلى أن العنف النفسي أكثر أنواع العنف انتشارًا في المغرب، إذ بلغت نسبة المغربيات اللواتي تعرضن له 49% مقابل 15% منهن مورس عليهن عنف جسدي، أغلبهن تتراوح أعمارهم ما بين 45 و49 سنة.

أما العنف الجنسي، فبلغ عدد المغربيات اللواتي تعرضن له 14%، أغلبهن تتراوح أعمارهن ما بين 18 و24 سنة. هذه الفئة أيضًا هي الأقل تعرضًا للعنف الجسدي، بحكم أنها أقل انخراطًا في علاقات العمل والزواج.

العنف النفسي والإلكتروني

‎نتائج العنف الإلكتروني لم تكن استثنائية، فقد أكد البحث المنجز أن مليونًا و470 امرأة مغربية شابة، تعرضت للعنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، 71% منهن من تعرضن للتحرش إلكترونيًا، و23% تعرضن للتعنيف والتهديد.

العنف ضد المرأة في المغرب
مليونًا و470 امرأة مغربية شابة، تعرضت للعنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي

وصرحت أغلب النساء اللواتي تعرضن للتحرش إلكترونيًا، أن المتحرش بهن هو شخص تعرفن عليه عن طريق الإنترنت، وهو ما فسره البحث بـ"إقامة علاقات تعارف على الإنترنت، يعجزن عن ضبطها، لتتحول إلى علاقة يمارس فيها العنف الإلكتروني".

هذا وتعرضت ‎92% من المغربيات للعنف النفسي في الوسط العائلي، ‎52% منهم متزوجات، و92% من المغربيات تعرضن للعنف النفسي خلال فترة الخطوبة.

لغة الصمت

في الوقت الذي أخرج المغرب قانون مناهضة العنف ضد النساء، في شهر شباط/فبراير الماضي، والذي ضم عقوبات زجرية للمعنفين والمتحرشين، وأعطى المرأة الحق للجوء إلى القضاء للحصول على حقها، كشفت البحث الوطني أن ‎71% من النساء لا يملكن شجاعة الحديث عن العنف الذي تعرضن له، و93% من النساء المعنفات لا يقدمن شكايات حول حالات العنف التي يتعرضن لها.

93% من النساء المغربيات اللواتي تعرض للعنف بأي من أشكاله، لا يقدمن شكايات حول حالات العنف التي تعرضن لها

وقال المحامي الشريف الإدريسي إن اختيار النساء للصمت، سببه "عدم وعي المرأة بحقوقها"، الأمر الذي شدد على ضرورته، أي وعي المرأة بحقوقها، باعتباره "اللبنة الأولى لنجاعة تطبيق القانون"، مضيفًا: "هناك أيضًا تفاعل الأجهزة المعنية، أمنيًا وقضائيًا، مع قضايا التحرش والعنف ضد المرأة"، باعتباره يمثل أحيانًا مثبطًا للمرأة أن تتقدم بشكوى ضد عنف مورس بحقها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

العنف الزوجي وزواج القاصرات.. أرق المغربيات

المرأة في ريف المغرب.. طبقات القهر المركب