22-يناير-2019

لا ترث المرأة اليمنية بحكم أعراف بعض القبائل (محمد عويس/أ.ف.ب)

يعتبر اليمن بشكل عام أحد أكثر البلدان التي تتعرض المرأة فيها للاضطهاد على عدة مستويات. ويصل الأمر في اليمن، بحكم عادات وتقاليد، إلى حرمان المرأة من حقها في الميراث بما يقرره القانون، وحتى الشريعة الإسلامية.

تحرص عديد القبائل اليمنية على تقسيم الميراث بين الذكور مستثنية المرأة من حقها، بالمخالفة للقانون وحتى للشريعة الإسلامية

وتحرص عديد القبائل اليمنية على تقسيم الميراث بين الذكور، مستثنية المرأة من حقها في أسهم التركة، رغم أن القانون اليمني المستمد من أحكام الشريعة الإسلامية، يقرر للمرأة في إحدى حالات الوراثة نصف ما للرجل، وأكثر من الرجل في مواضع أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا لا ترث المرأة الأمازيغية في الجزائر؟

غير أن قبائل يمنية تخشى على انتقال التركة من المرأة لزوجها إن كان من خارج القبيلة أو العائلة، فتحرم المرأة من حقها في الميراث، خاصة المواريث المتمثلة في عقارٍ أو أراضٍ.

20 عامًا من المطالبة بالحق في الميراث

ما زالت صفية منصور تطالب بحقها فيما تركه والدها من ميراث، منذ أكثر من 20 عامًا، فأخوها الذي يملك علاقات كبيرة مع السلطات المحلية، حال دون حصولها على حقها من الإرث.

رصد "ألترا صوت" قصة صفية كنموذج لحالة تشاركها فيها الكثير من النساء في اليمن. تقول صفية: "يخشى أخي أن تذهب التركة إلى زوجي وبناتي وأزواجهن، فحرمني من حقي في الميراث وحرم أيضًا أختي".

لجأت صفية للمحاكم، وعلى مدار 20 عامًا كلفتها أموالًا طائلة، لم تستطع حتى الآن استرداد حقها. ورغم وفاة أخيها قبل عامين، إلا أن الحرب حالت دون إتمام القضايا في المحاكم التي أغلقت على إثر الحرب.

المرأة اليمنية
تخضع كثير من النساء في اليمن للحرمان من الميراث خوفًا من العيب الاجتماعي

لكن الأمر لا يقف عند حد حرمان المرأة من حقها في الميراث، وإنما يتعدى إلى اعتبار أن المطالبة المرأة بحقها في الميراث خروج عن كنف العائلة وتمرد عليها. المرأة في اليمن في هذه الحالة أمام أمرين: إما أن تختار أسرتها، أو المطالبة بحقها. 

كثير من النساء يخضعن لحكم الأمر الواقع، من باب القبول بشروط الانتماء الأسري التقليدية. تقول أم جلال: "لا أستطيع الحديث مع أسرتي عن حقي في التركة، فهم ملجئي الثاني بعد بيت زوجي. يعتبر مطالبة المرأة بالتركة من الأسرة تمردًا عليها وخروجًا من نطاقها".

وثمة نظرة سائدة، كثيرًا ما تبتلعها المرأة بحكم الأمر الواقع أيضًا، مفادها أن المرأة إذا ملكت المال، فسوف تصبح لها سلطة على الرجل، وهو ما لا يجاري العرف!

سورة النساء

تُرجع فاطمة مشهور، مديرة المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل ورئيسة شبكة النساء المستقلات؛ حرمان المرأة من الميراث لأسباب ثقافية "تتصل بمنظومة القيم الاجتماعيه التي ما تزال نظرتها منقوصة لحقوق المرأة كإنسان"، على حد قولها، مضيفة لـ"ألترا صوت": "حق المرأة في الميراث واضح في الشريعة الإسلامية".

وبتجاوز القانون إلى سلطة الدين، اعتبرت فاطمة أن عادة حرمان المرأة من الميراث، خرق للنص الديني: "تعد سورة النساء أكبر دليل على حق المرأة في الميراث"، مضيفة: "بل إن من يتفحص معاني وتفسير هذه السورة وآياتها، سيجد أنها في مواضع كثيرة تنصف المرأة أكثر من الرجل".

وتقول فاطمة إن "مفاهيم مغلوطة" هي التي تتحكم في قضية ميراث المرأة في اليمن، موضحة: "لأن مجتمعاتنا هي مجتمعات ذكورية، فإن سلطة تقرير هذا الحق من عدمه يرجع للرجل"، مستطردة: "الأكثر خطورة حينما تصدر مواقف حرمان المرأة من الميراث من رجال متعلمين بل مثقفين".

المرأة اليمنية
مطالبة المرأة اليمنية بحقها في الميراث، يعتبر لدى بعض القبائل خروج عن الانتماء الأسري

وتعد مواقف حرمان المرأة من الميراث، مخالفة لنصوص القانون، غير أن ما جرت عليه العادة أن إجراءات التقاضي في المحاكم حول حقوق الميراث تطول أكثر مما تحتمل المرأة ماديًا ومعنويًا.

"النساء شقائق الرجال"

وعن المنظور القانوني لميراث النساء في اليمن، أوضح المحامي الناشط الحقوقي عبدالله محمد الشرعبي، أن الدستور اليمني ينص على المساواة بين الرجل والمرأة: "النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما على الرجل"، لافتًا إلى أن قانون الأحوال الشخصية اليمني النافذ برقم 34 لسنة 2003، بين ميراث الرجل والمرأة، وفصل ذلك وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.

أما عن أسباب حرمان المرأة من الميراث، أكد عبدالله الشرعبي، أن "جهل المرأة اليمنية لحقوقها وجهلها بأحكام الشريعة الإسلامية، والقانون من جهة أن لها ميراث؛ يُصعّب عليها المطالبة بحقوق تجهلها"، مضيفًا: "فضلًا عن أن الذكور يرون في تمكين المرأة من حقها، ضعف في حقهم هم".

لفت باحثون ومحامون إلى أن بطء إجراءات التقاضي وزيادة مصاريفها، يحول دون حصول المرأة اليمنية على حقها الذي تطالب به في الميراث 

وأشار الشرعبي أيضًا إلى أن التطويل في إجراءات التقاضي وتأخر الفصل في القضايا، يحول دون حصول المرأة المطالبة بحقها، على حقها، إضافة إلى أنه مؤخرًا صدر قانون الرسوم القضائية، الذي أوجب على كل من يريد تقديم دعوى قضائية للمطالبة بحقوق ما، دفع رسوم قضائية تقدر بـ1.5% من الحق المطالب به، "ونظرًا لظروف المرأة الصعبة، فقد لا تستطيع دفع ذلك، وبالتالي يؤدي هذا إلى حرمانها من حقوقها"، كما قال الشرعبي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الحب قبل الزواج.. محظور لدى قبائل اليمن

زواج القاصرات في السودان.. وأد الأحلام بتواطؤ القانون