الترا صوت – فريق التحرير
تحيي الأمم المتحدة اليوم الخميس الموافق 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر، اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء، وهو التاريخ الذي تم اعتماده كيوم عالمي ابتداءً من مطلع الألفية الحالية. وكما جرت العادة، ستُنظم النشاطات والندوات حول العالم، للتأكيد على الاستمرار في العمل لمساعدة النساء في مواجهة العنف، وتأمين مساكن وملاجئ للنساء الهاربات من العنف المنزلي مع أطفالهن، بالإضافة إلى المسيرات والوقفات الرمزية، وجمع التبرعات لدعم الجمعيات المدافعة عن حقوق النساء.
وفي هذا المجال،كان لافتًا خلال العام 2021، إصدار مسلسل Maid الذي عُرض على منصة نيتفليكس، وانتشر بشكل كبير وحظي بأصداء إيجابية، إثر تسلّيطه الضوء بصورة أساسية على قضية العنف المنزلي ضد النساء وسبل تأمين المأوى والحماية لهم.
لمحة تاريخية
في 25 تشرين الثاني \ نوفمبر من العام 1960، أمر حاكم الدومينيكان رافائيل تروخيو بإعدام ثلاث شقيقات كنّ يقاتلن لمحاربة الديكتاتورية في البلاد، وقد كرّست الناشطات النسويات هذا التاريخ كمناسبة سنوية للاحتفال بيوم مناهضة العنف ضد النساء ابتداءً من العام 1981.
وفي العام 1999 حدّدت الأمم المتحدة تاريخ الـ 25 من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، كيوم عالمي لمناهضة العنف ضد النساء، وبدأ الاحتفال رسميًا به بدءًا من العام 2000، ويختار منظمو الاحتفال موضوعًا محدّدًا كل عام ويتمّ التركيز عليه، وتُنظم النشاطات والندوات المتعلّقة به.
نسخة 2021: لإنهاء العنف ضد النساء فورًا
تقرّر أن تحمل نسخة العام 2020 شعار " نحو عالم برتقالي. أوقفوا العنف ضد النساء فورًا"، وأشار موقع الأمم المتحدة على الإنترنت للمناسبة، إلى إن امرأة واحدة من أصل كل ثلاث نساء، تعرّضت لاعتداء جنسي مرة واحدة على الأقل في حياتها.
وذكر الموقع أن الاعتداءات تزداد في حالات الحروب والأزمات على شاكلة جائحة كوفيد 19، ونقل الموقع دراسة عن هيئة الأمم لمتحدة للمرأة، أستندت على دراسات أُجريت في 13 دولة منذ اكتشاف الوباء، أن اثنتين من بين كل ثلاث نساء أبلغن أنهن يعرفن على الأقل إمرأة تعرضت لشكل من أشكال العنف، وأن النساء هنّ الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي، كما أشارت الدراسة إلى أن واحدة فقط من كل عشر نساء تعرضن للعنف، لجأت إلى الشرطة وأبلغت عن الأمر.
العالم العربي: المرأة تدفع الثمن
تتزامن مناسبة اليوم العالمي لمناسبة العنف ضد النساء هذا العام، في وقت تعيش فيه المرأة العربية واقعًا غاية في الصعوبة، وتتعرّض لكافة أشكال العنف الجسدي، اللفظي والمعنوي، في ظل انحياز المجتمع للرجل بشكل فاضح، وغياب القوانين التي تحمي المرأة من العنف، والآليات والأطر لتنفيذها في حال وُجدت.
وقد شهد العالم العربي خلال العام 2021 العديد من حوادث العنف المؤسفة التي طالت النساء بشكل أو بآخر، وفي مقدمها العنف في المنزل بأشكاله المختلفة، بالإضافة إلى التعرض للتحرش والمضايقات الجنسية في العمل وداخل سجون الانظمة وسجون الاحتلال الإسرائيلي.
الحراك النسوي في لبنان : " دايمًا وقتها "
الناشطات والناشطون المؤيدون للقضايا النسوية في لبنان، أحيوا هذه المناسبة من خلال وسم#دايمًا _وقتها، الذي أطلقته جمعية أبعاد المهتمة بقضايا النساء، وقد ذكّرت الناشطة نداء رحمون بأن أبعاد لديها اليوم ثلاثة ملاجئ للنساء اللواتي يتعرّضن للعنف، كما نشرت رقم الهاتف الذي تتلقى عليه " أبعاد " شكاوى العنف من النساء لكي تعمل على احتضانهن وحمايتن.
وأشارت الفنانة ومقدمة البرامج الترفيهية مايا دياب، إلى أن 57 % من فقط من حالات التبليغ المنزلي تمّت من قبل النساء اللواتي تعرّضن للعنف، مقارنة مع 40% من الحالات التي تمّت عبر جيران أو أقارب الضحية.
واستغلت ناشطات نسويات المناسبة لتوجيه التحية لروح النساء ضحايا العنف المنزلي في الفترة الاخيرة، مثل ليليان علاو التي قُتلت داخل سيارة في البقاع، بعد تعرضها للضرب بسلاح ثقيل من قبل زوجها وأخيها، ووداد حسون التي قُتلت خنقًا في مخيم نهر البارد شمال لبنان، وألقيت جثتها بعد تجريدها من ثيابها قرب أحد الشواطئ، ولا يزال الجاني مجهولًا.
لا بد من الإشارة إلى أن مجلس النواب اللبناني أقرّ في العام 2014 قانون العنف الأسري، بعد أخذ ورد طويلين، وضغوطات كبيرة من الجمعيات النسوية والمنظمات المدافعة عن حقوق المرأة، إثر الزيادة المطردة في حالات العنف ضد النساء، وأتاح هذا القانون للنساء ضحايا العنف الأسري، باللجوء إلى القضاء والتقدّم بشكوى ضد المعنف ( زوج، أخ، أب ..... ).
إلا أن مشاكل كثيرة اعترت تطبيق هذا القانون، أبرزها بحسب الناشطة في مجال حقوق المرأة والإنسان آلاء حميد، هو التعامل السيء مع النساء في المخافر من قبل قوى الامن، ودخول الوساطات والمحسوبيات لمصلحة الرجل المعنّف في الكثير من الحالات، والنقص اللوجيستي لدى الجمعيات في الإمكانيات والافراد وغياب دور السلطات الرسمية، في ظل تزايد حالات العنف على امتداد المناطق اللبنانية، والذي يطال النساء اللبنانيات، اللاجئات الفلسطينيات والنازحات السوريات على حدّ سواء.
أما في العراق، فقد كان لافتًا التجمّع الذي دعت إليه جمعيات نسوية عراقية في مدينة البصرة جنوبي البلاد، بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء، للتعبير عن رفضهن لكافة أنواع العنف الذي تتعرض له المرأة العراقية ، ورفعت النساء المشاركات في التظاهرة ملصقات برتقالية، وهو اللون الذي يرمز إلى المطالبة بمستقبل أفضل للنساء والفتيات.
ولا يبدو الوضع أفضل في الأردن، حيث لا تزال ما تسمى بجرائم الشرف تُرتكب بحق النساء، بدون أن تسنّ السلطات القوانين الرادعة في هذا المجال، فيما كان لافتًا هذا العام الحديث عن الاستغلال التي تتعرض لها النساء الأردنيات العاملات في المصانع التابعة للشركات العاملية، وهو أمر تحدّثت عنه صحيفة الغادريان البريطانية قبل سنتين، دون أن يتمّ اتخاذ أية إجراءات، ولعلّ موت العاملة الأردنية " حمدة الخياطة " قهرًا، بسبب تعرضها للظلم والصراخ من مرؤوسيها ما هزّ الرأي العام في الأردن والعالم العربي، أصدق دليل على حال المرأة الأردنية العاملة.
ولا يزال التحرّش والاعتداءات الجنسية، هو أكثر ما يقلق المرأة المصرية، بالإضافة إلى العنف المنزلي وسوء الأوضاع الاقتصادية، وقد شاءت الأقدار أن يُضبط متحرشان في العام 2021 بالجرم المشهود في مصر، الأول يعمل كمدرس، رصدته كاميرات التسجيل وهو يقوم باعتداء جنسي على طفلة في مدخل أحد المباني، والثاني هو طبيب تجميل وسائح برازيلي، تحرّش بموظفة تعمل في مجال بيع ورق البردى. كاميرات التسجيل ضبط متحرّشين اثنين خلال عام، لكن ما هو عدد المتحرشين المتخفّين الذي يعيشون بيننا؟ سؤال يجول في بال نساء وفتيات مصر!
كيف تفاعلت الناشطات النسويات مع المناسبة؟
كان لناشطات نسويات، إعلاميات، ووجوه عامة إضافة إلى جمعيات ومنظمات حقوقية من العالم العربي، مواقف عبر مواقع التواصل الأجتماعي، إحياءً للمناسبة، وتأكيدًا على رفض العنف ضد النساء، من خلال استخدام وسم #اليوم_العالمي_لمناهضة_العنف_ضد_النساء. في أبرز المواقف نادت مجلة مرآة المرأة الكويتية، بضرورة القضاء على العنف ضد النساء حول العالم، وتفعيل القوانين التي تجرّمه.
وتوجهت أستاذة العلوم السياسية والناشطة في مجال حقوق المرأة صباح العمراني بالتحية إلى المرأة الفلسطينية في هذه المناسبة، منتقدة تغييب معاناتها من قبل الدول والجمعيات المعنية بحقوق النساء. حيث قالت العمراني :" لا نكاد نسمع للدول والمنظمات همسًا حين يتعلق الامر بالنساء في فلسطين اللائي يواجهن ظروفاً بالغة السوء والقسوة، فقدان الشريك أو المعيل، معتقلات في سجون الاحتلال في ظروف اعتقال وحشية"
وضمن السياق نفسه، أكّدت نور العنيزي من العراق، على ضرورة وضع قضية العراقيات الأيزيديات المختطفات لدى تنظيم داعش، على سلم أولويات القضايا النسوية العراقية.
اقرأ/ي أيضًا:
الكشف عن مدرّس متحرش في مصر يشعل موجة غضب عبر منصات التواصل الاجتماعي