توّج فلامنغو البرازيلي بطلًا لأندية أمريكا الجنوبية "كوبا ليبرتادوريس"، بعدما قلب تأخّره في المباراة النهائيّة أمام ريفربليت الأرجنتيني حامل اللقب بهدف، إلى فوز بهدفين لواحد، وذلك في الدقائق الأخيرة من النهائي الذي جمع الفريقين في العاصمة البيروفية ليما، لينال النادي البرازيلي الكأس للمرّة الثانية في تاريخه، ويقتنص بطاقة العبور نحو كأس العالم للأندية التي ستقام في قطر الشهر القادم.
كلّ الأنظار اتّجهت نحو العاصمة البيروفية ليما، والتي احتضن ملعبها المونيمينتال أكثر من 70 ألف متفرّج قدموا من البرازيل والأرجنتين لمؤازرة الفريقين، واللذين سيسعيان للظفر بالنسخة الـ60 من البطولة القارّية بنظامها الجديد الذي يجري لأوّل مرّة، فالنهائي سيُلعب في ملعب محدّد مسبقًا، على عكس النظام السابق المعتمد عليه، عندما كان طرفا النهائي يخوضان مباراتي ذهاب وإياب يتوّج من خلالها البطل، علمًا أن النسخة الأخيرة التي جمعت ريفر بليت وبوكاجونيورز في النهائي الشهير العام الماضي، كانت آخر نسخة يجري بها النهائي بنظام مباراتي ذهاب وإياب.
قلب فلامنغو تأخّره في الدقيقة 89 إلى فوز بهدفين سجّلهما باربوسا في الوقت القاتل، حارمًا ريفربليت من الحفاظ على اللقب
يكفي أن يكون طرفا النهائي من البرازيل والأرجنتين لتشكّل البطولة مطلبًا شعبيًا لدى الدولتين، فقبل النهائي الذي أقيم في ساعة متأخّرة من ليلة السبت بأيام، تمت كسوة تمثال السيد المسيح في مدينة ريو دي جانيرو بقميص نادي فلامنغو، هذا الفريق الذي بات قريبًا للغاية من التتويج بالدوري البرازيلي، فهو يحتاج لثلاث نقاط فقط من 4 جولات متبقّية لنيل اللقب، ويقوده المدرّب البرتغالي الشهير جورجي جيسوس، الأخير يخشى من تكرار موسمه الكارثي مع بنفيكا البرتغالي، ومن عقدة التتويج بالألقاب القارّية.
ففي ختام موسم 2012-2013 كان ناديه بنفيكا قاب قوسين أو أدنى من نيل ثلاثية تاريخية، كأس البرتغال والدوري البرتغالي وكأس الدوري الأوروبي، لكنّ الفاجعة أتت عندما فرّط ببطولة الدوري البرتغالي في المرحلة قبل الأخيرة، وحينها هُزم أمام المنافس بورتو في الدقيقة الأخيرة من المباراة، في وقت كان التعادل كافيًا لمنح جورجي جيسوس اللقب، أيام قليلة بعد ذلك، وينجح خلالها تشيلسي في الفوز على بنفيكا أيضًا في الوقت بدل الضائع بنهائي الدوري الأوروبي، ذهبت أحلام الثلاثية أدراج الرياح، لكنّ الأمل بتحقيق البطولة القارّية عاد من جديد في الموسم التالي، فواجه المدرّب جيسوس إشبيلية الإسباني في النهائي، وهُزم هذه المرّة أيضًا بركلات الترجيح، إنها عقدة النهائيات القارّية، سيحاول جيسوس أن يتخلّص منها على حساب ريفربليت حامل اللقب.
هذا الأخير يعيش في أبهى أيامه، مدرّبه مارسيلو غاياردو قاده في الموسم الماضي لتحقيق كأس الليبرتادوريس على حساب بوكا جونيورز الغريم الأزلي، وكرّر فعلته في الموسم الحالي بنصف النهائي، فأطاح به خارج البطولة، تفوّق في المونيمينتال بهدفين دون رد، وهُزم بهدف وحيد في البومبونيرا، وتحقيق الكأس سيضمن له الحفاظ على اللقب كأوّل ناد يفعل ذلك منذ البوكا في مطلع الألفية، كذلك سيضيف غاياردو إنجازًا شخصيًا لمسيرته كونه سيصبح برصيده 3 بطولات ليبرتادوريس، الأولى في 2015، والثانية في العام الماضي.
بدأ الفريقان المباراة دون جسّ نبض، بدا اللقاء سريعًا في مجرياته منذ الدقائق الأولى، وكان الصراع على الاستحواذ شرسًا للغاية بين الفريقين، وعلى الرغم من ندرة الفرص إلا أن مجريات اللقاء لم ينقصها الحماس، فالاندفاع والالتحام الشديدان زادا من جماليّة النهائي، ومن أولى فرص اللقاء نجح ريفربليت في التقدّم بالدقيقة 15، عندما استلم رافائيل بوري كرة إغناسيو فيرنانديز العرضية وأودعها أرضية على يسار الحارس ألفيس، منح هذا الهدف الثقة للاعبي الريفر، فأمر غاياردو لاعبيه بتهدئة اللعب والتعامل مع ردّة فعل البرازيليين، والذين حاولوا أن يعدّلوا النتيجة دون جدوى، لأن استحواذهم على الكرة وكثرة تمريراتهم لم توصلهم لمرمى الحارس الدولي فرانكو أرماني، بسبب حصر غاياردو اللعب في منتصف ملعب الخصم، فلجأ فلامنغو للتسديد من بعيد، دون تشكيل أي خطورة على ريفر بليت.
اقرأ/ي أيضًا: السوبر كلاسيكو.. زعامة أمريكا الجنوبية بين ريفربلايت وبوكا جونيورز
واصل فلامنغو نهجه في الشوط الثاني، ضغط كثيف على مرمى الخصم، واستحواذ على الكرة دون جدوى، صلابة الدفاع حالت دون الوصول لمرمى أرماني، واعتمد الريفر على الهجمات المرتدّة من أجل تسجيل هدف قد يقتل المباراة، وسنحت أخطر فرصة لتعديل النتيجة عبر هنريكي، عندما انفرد بالحارس آرماني فتصدّى الأرجنتيني للكرة باقتدار، فارتدّت الكرة لإيفرتون وصوّبها فأنقذها الدفاع، ارتدّت أيضًا لباربوسا سدّدها مسرعًا فأنقذها أخيرًا آرماني، وهنا شعر الفريق البرازيلي بالإحباط، الوقت يمضي وما زالوا متأخّرين، بل كاد ريفربليت أن يضيف الهدف الثاني القاتل من هجمة مرتدّة، لكنّ الرعونة والتسرّع حرما النادي الأرجنتيني من تحقيق ذلك، إلى أن حدثت المعجزة في الوقت القاتل..
في وقت كان به الأرجنتينيون يحتفلون بصخب في مدرّجات ملعب المونيمينتال بالبيرو، كان الصمت سيّد الموقف بالنسبة للجماهير البرازيلية، فلم يتبقَّ سوى دقيقة واحدة على نهاية المباراة، والريفر في طريقه لنيل اللقب للمرّة الخامسة في تاريخه والثانية على التوالي، لكنّ باربوسا أنقذ الموقف في الدقيقة 89، عندما أكمل جهود زميليه أراسكايتا وهنريكي، فاستلم الكرة العرضية داخل منطقة الجزاء وأودعها في المرمى هدف التعادل. ثوان قليلة بعد ذلك والفريقان يترقّبان تمديد المباراة لوقتين إضافيين، ارتكب دفاع الريفر هفوة قاتلة استغلّها باربوسا أحسن استغلال، وسدّد الكرة قويّة في مرمى أرماني. صمد الريفر 89 دقيقة، وتاه في دقيقتين، أهدر فيهما البطولة، ليحرز فلامنغو البرازيلي كأس الليبرتادوري للمرّة الثانية في تاريخه، الأولى كانت قبل 38 سنة، وتحديدًا عام 1981، وينهي المدرّب البرتغالي جورجي جيسوس عقدة البطولات القارّية، نهاية مثيرة لكأس الليبرتادوريس.
اقرأ/ي أيضًا: