21-مارس-2019

لا يبدو أن الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة الأسد، قابل للانتعاش خلال الفترة المقبلة (أ.ف.ب)

ألترا صوت - فريق التحرير

تواجه المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري أزمة اقتصادية منذ بداية العام الجاري، نتيجة مضاعفة الدول الغربية للعقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام، وفرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على إيران، الحليف الأساسي لرئيس النظام السوري بشار الأسد. فيما تعمل دول منفردة على ملاحقة رجال الأعمال السوريين الداعمين للأسد على أراضيها في محاولة للضغط على الأسد لقبول البدء بالعملية السياسية.

تواجه المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري أزمة اقتصادية منذ بداية العام، بسبب مضاعفة العقوبات على نظام الأسد وإيران

الكويت تلاحق رجال الأسد على أراضيها

نشرت صحيفة القبس الكويتية خبر اعتقال السلطات الكويتية رجل الأعمال السوري مازن الترزي، بالإضافة لأربعة من معاونيه وسكرتيريه الخاص. وقالت الصحيفة إن اعتقال رجل الأعمال المقرب من الأسد، جاءت بتهمة تبييض الأموال لجهات خارجية، وطباعة منشورات من دون تراخيص، إضافة لمصادرة أجهزة الكمبيوتر وكاميرات المجلة والهواتف الخاصة بالترزي، فضلًا عن أن اثنين من معاونيه ينتميان لحزب الله اللبناني.

اقرأ/ي أيضًا: خرائط موسكو في ملف "إعادة إعمار" سوريا.. هنا طهران بعيدًا عن الجولان

ويُعرف عن الترزي أنه واحد من رجال الأعمال الداعمين للنظام السوري، فهو يملك استثمارات في سوريا من بينها الشركة الوطنية للطيران محدودة المسؤولية، كما أنه أطلق عام 2015 حملة "راجعين يا سوريا"، وكان من بين المعتصمين أمام البيت الأبيض في العام عينه دعمًا للنظام السوري، وأدرجته الإدارة الأمريكية عام 2015 على قائمة الشخصيات المفروض عيلها عقوبات اقتصادية.

سوريا
تواجه مناطق سيطرة النظام السوري أزمات اقتصادية متزايدة منذ مطلع 2019 نتيجة للضغوطات الغربية

 كما أُدرج الترزي من قبل مجلس الاتحاد الأوروبي على قائمة الشخصيات المفروض عليها عقوبات اقتصادية أيضًا بسبب تقديمها الدعم للنظام السوري. وكان المجلس الأوروبي في كانون الثاني/يناير 2019، قد فرض عقوبات اقتصادية على 11 رجل أعمال، وخمسة شركات تعمل في مشاريع عقارية تدعم النظام السوري أو يستفيد منها للالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه.

وردًا على اعتقال الترزي، أصدرت وزارة المالية التابعة للنظام السوري قرارًا يقضي بالحجز الاحتياطي على أموال مجموعة من المستثمرين الكويتين والمصريين، لمخالفة التصدير تهريبًا، وفق ما نقل موقع الاقتصادي.

مناطق النظام تنهار اقتصاديًا

شهدت المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري منذ مطلع العام الجاري أزمة اقتصادية غير مسبوقة مرتبطة بمجال الغاز والطاقة، رغم استعادته السيطرة على معظم حقول النفط التي  كان يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في البادية السورية أو شرق سوريا، حيث اجتاحت مناطق سيطرته ما عرف بـ"أزمة الغاز والكهرباء"، ما أدى لحالة من الاحتقان الشعبي وصلت درجتها للموالين للنظام السوري أنفسهم.

ووفق صحيفة العربي الجديد، فقد سُجل عجز بتأمين الغاز المنزلي بنسبة تصل لـ50% أو ما يعادل 550 طنًا من الغاز يوميًا، بالإضافة إلى تراجع القمح إلى أدنى مستوياته منذ عام 29 عامًا، ففي 2018 لم يتجاوز إنتاجه 1.2 مليون طن، ما دفع بالنظام السوري إلى شراء القمح من روسيا بعد أن كان مكتفيًا ذاتيًا خلال السنوات الماضية.

على جانب آخر، فإن العجز المالي في الموازنة العامة للنظام السورية في 2012 بلغ 39%، ووصل في 2019 إلى 42.8% بحسب صحيفة العربي الجديد.

مما ساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية في مناطق النظام السوري، تحسب العقوبات الأمريكية التي فرضت على إيران وروسيا، بحسب ما قاله وزير النفط في حكومة النظام علي غانم، الذي أضاف أن "الحصار الاقتصادي المفروض كان وراء إيقاف جزء كبير من عمليات توريد الغاز". 

كما أشارت تقارير صحفية إلى أن قيمة الصادرات عن النظام السوري تراجعت خلال عام 2017 بقيمة 11.3 مليار دولار مقارنة بقيمة الصادرات خلال عام 2010، وهو ما يؤكد على عمق الأزمة الاقتصادية التي تضرب مناطق سيطرته.

كيف يلتف النظام السوري على انهياره اقتصاديًا؟

في محاولة لتفادي الانهيار الاقتصادي المتسارع في مناطق سيطرته، بدأ النظام السوري سلسلة من الإجراءات، حيثُ أعلنت مؤسسة الطيران السورية عودة الرحلات من أبو ظبي إلى اللاذقية وبالعكس، اعتبارًا من 26 من الشهر الجاري، وهو ما قال مسؤولون في المؤسسة إنه سيؤمن إيرادات إضافية لدعم قطاع الطيران.

سوريا
لا يبدو من منفرج أمام الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرة الأسد، ما لم يقدم وحلفاءه تنازلات في عدة ملفات

كذلك يسعى النظام لإصدار زيادة جديدة على الضرائب السنوية المفروضة على المطاعم والفنادق والملاهي، بالإضافة لدراسة اقتراح مقدم من لجنة الإدارة المحلية في مجلس الشعب التابع للنظام السوري لرفع الضريبة على مواد المحروقات الأساسية مثل البنزين والمازوت، وهو ما يشكل عبئًا اقتصاديًا جديدًا على الحياة المعيشية للأسرة السورية.

ففي الوقت الذي قال تقرير صادر عن المكتب المركزي للإحصاء إن متوسط الإنفاق التقديري للأسرة السورية لعام 2018 بلغ 325 ألف ليرة سورية، فإن أعلى راتب موظف في مؤسسات النظام يصل إلى 100 ألف ليرة فقط، وهو ما يعكس حجم المعاناة الاقتصادية التي تعيشها مناطق سيطرته.

ويتجه النظام السوري في الوقت الراهن لإعادة فتح معبر القائم الحدودي مع العراق، والذي في حال إعادة افتتاحه، فإنه سيكون منفذًا للنظام وإيران للالتفاف على العقوبات الاقتصادية المفروضة عليهما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لطهران، والدول الغربية مع الولايات المتحدة أيضًا بالنسبة لدمشق، لكنه يشكل أهمية أولية لإيران أكثر من النظام السوري التي تسعى لإيجاد سوق لتسويق منتجاتها.

لكن ماذا عن الدول الغربية؟

على ما يبدو فإن الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مناطق النظام ستزداد تعقيدًا خلال الفترة المقبلة، بالنظر لعدة عوامل أبرزها تصريحات المتحدث بالخارجية الأمريكية روبرت بالادينو، الذي حذر في تغريدة عبر حسابه الرسمي بتويتر قبل أيام من تقديم الأموال للنظام السوري للشروع في بدء مرحلة إعادة الإعمار.. حذر من استخدامه الأموال القليلة المتواجدة في خزانته في إعادة بناء تمثال حافظ الأسد في مدينة درعا، ما دفع بسكان المدينة الخروج في مظاهرات احتجاجية.

وفي الوقت نفسه يصطدم النظام السوري بمعارضة الولايات المتحدة المضي في عملية دعم إعادة الإعمار، أو إلغاء العقوبات الاقتصادية، ما لم يوافق الأسد بالاشتراك مع روسيا وإيران، على المضي في العملية السياسية. 

وأشارت تقارير إلى أن النظام السوري غير معني بتقديم أي تنازلات، ما لم يستعد السيطرة على كافة المناطق الخارجة عن سيطرته، الأمر الذي كان واضحًا في كلمة الأسد الأخيرة، وهو ما قد يشكل عقبة إضافية أمام أي محاولات لتفادي الانهيار الاقتصادي المتسارع.

لا يبدو أن الوضع الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام السوري، قابل للانتعاش، بل تشير المعطيات إلى أنه يتجه للأسوأ

وعليه، فلا يبدو أن الوضع الاقتصادي المتردي الذي تشهده مناطق النظام السوري، قابل للانتعاش خلال الفترة المقبلة، بل إن المعطيات تشير إلى أن الأوضاع في اتجاه الأسوأ، نتيجة توافق الدول الفاعلة بالشأن السوري على أن أي انفراج في الحصار المفروض على النظام السوري يجب أن يقابل بتقديمه لتنازلات مرتبطة بعدة ملفات حقوقية، لكن يبقى أهمها موافقته على تسريع الحل السياسي، وهو ما يرفضه الأسد بالاشتراك مع حلفائه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

طرابلس في "زوبعة" إعادة إعمار سوريا.. ماذا يريد الأسد من المدينة المُهملة؟

نظام الأسد يستكمل "سوريا المفيدة" عبر سحب الجنسية وغيرها من الجرائم