حثت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، الاتحاد الأوروبي على التنفيذ السريع لمذكرة التفاهم المبرمة مع تونس تموز/يوليو الماضي بشأن الهجرة. وتأتي دعوة ميلوني في وقت وصلت فيه أعداد قياسية للمهاجرين إلى جزيرة "لمبيدوزا "الإيطالية انطلاقًا من سواحل تونس التي رفضت مؤخرًا استقبال وفد برلماني أوروبي بدعوى عدم التنسيق المسبق بشأن الزيارة، إلا أنّ مصادر أخرى تعزز فرضية الضغط التونسي على الطرف الأوروبي المتأرجح في الموقف من اتفاق الهجرة المبرم مع تونس.
وفي هذا السياق تتنزل المساعي الإيطالية لإقناع الاتحاد الأوروبي بالبدء في تنفيذ مذكرة التفاهم بما يسمح لتونس بالحصول على مساعدات مالية من أجل وقف تدفق المهاجرين نحو سواحلها.
وكانت تونس قد وقعت تموز/يوليو الماضي مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي لإرساء "شراكة استراتيجية وشاملة" في التنمية الاقتصادية والطاقات المتجدّدة ومكافحة الهجرة غير النظامية.
تسعى رئيسة الوزراء الإيطالية، وراء الضغط من أجل مساهمة تونس في حراسة الحدود الأوروبية
وينص الاتفاق على تقديم مساعدة لتونس بقيمة 105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة، إضافة إلى 150 مليون يورو لدعم ميزانية البلد الذي يعاني من ديون تناهز 80% من ناتجه المحلّي الإجمالي، ويواجه نقصًا في السيولة.
بيد أنّ هذه المساعدة مشروطة بتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول منه على قرض جديد، مع الإشارة إلى أنّ المحادثات بين الطرفين تراوح مكانها منذ نحو عام.
وبسبب تأخر قرض الصندوق لم تتمكن تونس من تعبئة نحو 60% من الموارد الخارجية المبرمجة في الموازنة نتيجة ربط المانحين صرف التمويلات بتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وبالعودة لتصريحات ميلوني التي أدلت بها على هامش لقاء مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في مطار لامبيدوزا، قالت ميلوني إنه "يجب أن نكون سريعين وحاسمين في تنفيذ مذكرة التفاهم مع تونس بخصوص الهجرة غير النظامية التي قد تكون تمهيدية لاتفاقيات أخرى مع دول شمال أفريقيا الأخرى".
وأضافت ميلوني "إذا كان أي شخص يعتقد أنه في مواجهة الأزمة العالمية يمكن حل هذه القضية داخل الحدود الإيطالية، فسيكون مخطئًا. إذا لم نعمل بجدية وكلنا معًا على مكافحة المهاجرين غير النظاميين، فإنّ المشكلة سوف تؤثر على الجميع"، وفق قولها.
وأشارت ميلوني إلى أن "وجود أوروبا على الحدود الأكثر عرضة للهجرة غير النظامية الجماعية يؤكد أن حدود لامبيدوزا لا تمثل الحدود الإيطالية فحسب، بل أيضًا الحدود الأوروبية"، مردفةً: "الآن ستتابع الحكومة الإيطالية باهتمام كبير، خطوة بخطوة، الالتزامات التي تعهدت بها أوروبا مع إيطاليا، بدءًا من الالتزام بالإفراج السريع عن الموارد المنصوص عليها في مذكرة التفاهم المبرمة مع تونس".
وأكدت جورجيا ميلوني أنها تعتزم المطالبة باتخاذ تدابير ضرورية فيما يتعلق بمغادرة المهاجرين غير النظاميين من شمال أفريقيا، وفق ما نقلته وكالة نوفا.
كما أعلنت أن بلادها "ستطلب من الدول الأعضاء الأخرى اتخاذ القرارات الضرورية، خاصة فيما يتعلق بمنع مغادرة المهاجرين غير النظاميين من شمال أفريقيا".
وتابعت: "نحن نستعد لإطلاق بعض الإجراءات المهمة للغاية. سنقوم بتغيير فترة الاحتجاز في مراكز الاحتجاز لإعادة أولئك الذين يدخلون إيطاليا بشكل غير قانوني، والتي سيتم رفعها إلى الحد الأقصى الذي تسمح به اللوائح الأوروبية الحالية: 6 أشهر قابلة للتمديد لمدة 12 شهرًا إضافيًا، ليصبح المجموع 18 شهرًا"، مشيرةً إلى أنّ "ذلك ضروري، ليس فقط لإجراء الفحوصات اللازمة، بل أيضًا للمضي قدمًا في إعادة أولئك الذين لا يحق لهم الحصول على الحماية الدولية إلى أوطانهم"، على حد قولها.
وأضافت أنه على ذلك، "سنعطي تفويضًا لوزارة الدفاع لإنشاء الهياكل اللازمة لاحتجاز المهاجرين غير النظاميين في أسرع وقت ممكن"، مضيفةً: "لقد أدت سنوات من سياسات الهجرة إلى أنه يوجد اليوم في إيطاليا عدد قليل جدًا من الأماكن المتاحة في مراكز الإقامة قبل إعادة المهاجرين إلى بلدانهم".
وأردفت: "يجب أن تكون تلك المراكز التي سيتم بناؤها في أماكن ذات كثافة سكانية منخفضة للغاية ويمكن تحديد حدودها ومراقبتها بسهولة، بما لا يخلق المزيد من الانزعاج وانعدام الأمن فيها، وهما مقترحان سيتم تضمينهما في مرسوم ليصبحا نافذين على الفور"، وفق تصريحها.
تحاول تونس الضغط على أوروبا من خلال السماح بتدفق الهجرة
يشار إلى أنّ آلاف المهاجرين وصلوا الأسبوع الماضي إلى جزيرة لامبيدوزا بإيطاليا، ما خلق وضعًا حرجًا هناك. وفي مواجهة هذا الوضع، دعت رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي، جورجيا ميلوني، وكذلك رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى التضامن الأوروبي ونادت دول الاتحاد الأوروبي إلى استقبال بعض المهاجرين لتخفيف العبء على إيطاليا.
كما تواجه تونس موجات قياسية من تدفقات المهاجرين هذا العام وكوارث متكررة نتيجة غرق قوارب للمهاجرين بعضهم من التونسيين أو من أفريقيا جنوب الصحراء أثناء محاولتهم الوصول إلى السواحل الإيطالية.
وتتعرض تونس لضغوط قوية من إيطاليا والاتحاد الأوروبي، الذي تعهد أيضًا بتقديم مليار يورو من أموال التكتل لمساعدة الاقتصاد التونسي المنهك مقابل وقف تدفق المهاجرين.