24-يوليو-2019

وعد بوريس جونسون بإنهاء مسألة بريكيست قريبًا (Getty)

صبيحة الثلاثاء، حسم النائب اليميني بوريس جونسون، السباق الانتخابي على رأس الحزب المحافظ البريطاني، وبالتالي رئاسة الحكومة البريطانية، بعد منافسة شرسة ضد غريمه جيريمي هانت الذي تفوق عليه في آخر جولة، بفارق 92.153 صوت مقابل 46.656، خلفًا لثاني امرأة قادت الحكومة البريطانية، رئيسة الوزراء السابقة تريزا ماي.

 قلل رئيس حزب العمال، اليساري جيريمي كوربين، من حجم "الانتصار" الذي يدعيه جونسون، والذي لا يعدو أن يكون "انتخابًا من قبل أقل من مئة ألف صوت غير ذات وزن داخل حزب المحافظين"

تريزا ماي، التي تكلل الفشل في تحقيق الخروج من الاتحاد الأوروبي، باستقالتها المدوية من على زعامة الحزب، مضيعة بذلك رئاستها الحكومة. مع أنها بذلت كلَّ جهد في تحقيق الإجماع السياسي لنسختها من البريكسيت، في وقت انفك حولها الحلفاء وتركت وحيدة، تلقي خطبة وداعها أمام مقر إقامتها بداونينغ ستريت: "عدم قدرتي على إتمام البريكست أمر مؤسف للغاية بالنسبة لي.. وأصبح من الواضح لي الآن أن مصلحة البلاد تقتضي وجود رئيس وزراء جديد ليقود هذه الجهود".

اقرأ/ي أيضًا: القفزة البريطانية إلى المجهول

أما الآن، فكل الأنظار متوجهة إلى الرجل الأشقر، الذي يبدو والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يشتركان في أكثر من قصة الشعر. وهو يدخل معترك الحكم برهانات ملغومة، وانتصار مؤجل مهما كان متوقعًا. 

بورتريه انتصار مؤجل

وكما كان متوقعًا منذ شغور منصب رئيس حزب المحافظين، أن بوريس جونسون هو الاسم القادم الذي سيشغله، وكذلك كان. بعد مسيرة طويلة من التصفيات الانتخابية، وعلى طول الشهر الماضي، انتهاء إلى صبيحة يوم 22 حزيران/يوليو، الذي أعلن فيه "بوجو" فائزًا بفارق 45,497 عن غريمه جيريمي هانت.

بوريس جونسون، الذي شغل من قبل منصب وزير خارجية بريطانيا وكذا عمدة العاصمة، خلد انتصاره بخطاب استهله بشكر غريمه جيريمي هانت، "الذي كان مرافقًا رائعًا" طوال الحملة التي خاضاها عبر ربوع البلاد. شاكرًا بذات الكيف الرئيسة السابقة تريزا ماي لما قدمته من خدمات للحزب.

منتقلًا للكلام إلى أعضاء حزبه، والذين "لا زالوا يسائلون الحكمة في اختيارهم" له، على أنه "لا أحد يحتكر الحكمة كاملة، غير أن تاريخ الحزب يثبت أن المحافظين وحدهم القادرين على التعبير عن الطبيعة البشرية في تناقض غرائزها، بين حب التملك والعطاء، على هذا الأساس اختارهم الناس كنواب عنهم لتحقيق التوازن بينهما، ومنح كل واحد حقه في الحياة"، يقول نص الخطاب.

"خاصة في هذه اللحظة من تاريخنا" يسترسل جونسون، "وجب لم شمل هاتين الغريزتين، بين الرغبة العميقة في الصداقة والتبادل الحر، والدعم المشترك في تحقيق الأمن والدفاع، التي تربط بريطانيا وشركائها الأوروبيين. وبين الرغبة في السيادة الذاتية الوطنية في منأى عن ضغوط خارجية". مشيرًا إلى رهانه على فك عقدة البريكسيت التي ورثها عن سلفه، مؤكدًا أن "مغادرة الاتحاد الأوروبي ستتم كاملة يوم 31 تشرين الأول/أكتوبر القادم!". هذا وختم جونسون كلامه مذكرًا بثالوث وعوده المقدسة: تحقيق البريكسيت، توحيد البلاد والإطاحة بكوربين.

في وقت قلل رئيس حزب العمال، اليساري جيريمي كوربين، من حجم "الانتصار" الذي يدعيه جونسون، والذي لا يعدو أن يكون "انتخابًا من قبل أقل من مئة ألف صوت غير ذات وزن داخل حزب المحافظين" على حد تعبير كوربين في تصريح له على قناة الـ BBC. مشيرًا إلى أن مشروع جونسون غير المعلن هو "إعفاء الأغنياء من الضرائب وتحقيق البريكسيت دون اتفاق" في وقت "يعمل حزب العمال على عكس ذلك، ويقاوم من أجل بريطانيا تمكن الشباب من الثقة والأمان في المستقبل". خاتمًا كلامه بالتأكيد على أن حزبه "مستعد لخوض الانتخابات العامة ولا يقلقه انتخاب بوريس جونسون اليوم".

حدد بوريس جونسون ليوم 31 تشرين/الأول أكتوبر من هذه السنة كآخر أجل لتحقيق البريكسيت، كما عبر عن ذلك في عديد من التصريحات بـ"سأفعلها وليكن ما يكون!"، ومهما اعتبر ذلك سابقًا كجزء من الحملة الانتخابية، فإن حديثه عن "إذا كنا سنخرج باتفاق" تؤكد نيته المبيتة على ضرب كل التحذيرات عرض الحائط، بل تثبت بشكل مسبق شكل العلاقة التي ستربط أوروبا ببريطانيا منذ صبيحة أمس.

في وقت يحدث فيه هذا القرار الملمح له لغطًا كبيرًا وسط الكتلة المحافظة، وبعد التحذيرات التي واجهت جونسون من أجل العدول عن تلك الفكرة، أكد أربعة نواب في مكتب رئيس الحكومة على استقالتهم من مناصبهم ورفض الخدمة تحت إمرته. فيما فضل ألان دانكن، وزير الخارجية البريطاني، الانتظار إذا ما كان جونسون سيحظى بثقة البرلمان، كي يعلن استقالته بعد ذلك.

اقرأ/ي أيضًا: ماهي تأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟

التحذير لم يقتصر على المحافظين فقط، بل تعدى الأمر وصولًا إلى البنك الدولي، والذي ساوى في المخاطر بين البريكسيت دون اتفاق واتفاق ترامب الجديد حول التجارة، معتبرًا إياها "كأحد التهديدات المحدقة بالاقتصاد الدولي ككل". فيما سبح تكتل قادة الأعمال ( كونفدرالية الصناعة البريطانية) على نفس موجة مؤسسة كريستين لاغارد، طالبين من رئيس الوزراء القادم غض النظر عن "كارثة" الخروج من دون اتفاق: "رئيس الوزراء القادم عليه أن لا يقلل من مكاسب الخروج باتفاق جيد، والذي سيفتح أبواب استثمارات جديدة ويعزز الثقة بين المستثمرين بيننا وبينهم" حسب ما صرحت به مديرة الكونفدرالية المذكورة

كل الأنظار متوجهة إلى جونسون، الرجل الأشقر، الذي يبدو والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يشتركان في أكثر من قصة الشعر. وهو يدخل معترك الحكم برهانات ملغومة، وانتصار مؤجل مهما كان متوقعًا

في حين التزم قادة أوروبا بالأعراف الدبلوماسية في مباركتهم لجونسون فوزه، وأكدوا التزامهم بعدم رجوع الاتحاد من جديد إلى طاولة مفاوضات البريكسيت وإعادة النظر في الاتفاق المقدم سابقًا لتريزا ماي، كما طلب رئيس الحكومة البريطاني القادم. في وقت فتحت فيه رئيسة المفوضية الأوروبية الجديدة، أورسولا فون دير لين، المجال أمام إمكانية تمديد محتمل للمحادثات "إن قدمت بريطانيا دفوعًا كافية ومقنعة لذلك"، كما ذكرت جونسون بأنهم "أمام تحدٍ كبير، وعديد من المواضيع تعثر التوافق"، لهذا وجب عليهم الوقوف جنبا إلى جنب من أجل تقديم شيء جميل للشعوب الأوروبية والبريطانية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التأقلم البريطاني مع جرائم السعودية.. احتياطات "بريكست"!

7 حجج وراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي