بعثرت إنجلترا أوراق المجموعة الرابعة من المستوى الأوّل لدوري أمم أوروبا في نسخته الأولى، عندما حقّقت انتصارًا تاريخيًا على إسبانيا في إشبيلية، بينما فشل الماتادور في ضمان صدارة المجموعة، وبات مصيره معلّقًا بلقاء كرواتيا، والتي لم تنسَ بعد الهزيمة المدوّية التي مُنيت بها في الجولة الثانية.
أحدثت الجماهير الإنجليزية أعمال شغب في إشبيلية عشيّة المباراة
أرادت إنجلترا أن تثأر من الإسبان بعد الهزيمة التي تعرّضت لها في ويمبلي بالجولة الأولى 2-1، حيث ظنّ فريق الأسود الثلاثة أن التحكيم كان سببًا رئيسيًا في خسارتهم، وربّما حرمانهم نقاط المباراة الثلاث. بعد ذلك بأيام قليلة سحقت إسبانيا كرواتيا بستة أهداف نظيفة مع الرأفة، عندما استعرض زملاء أسينسيو مهاراتهم أمام خصومهم وأهدروا الكثير من الفرص، مكتفين بستّة أهداف. تفاصيلٌ كهذه رجّحت كفّة إسبانيا في تصدّر المجموعة، ومع خوض الإنجليز مباراتهم الثانية في المجموعة ضمن الجولة الثالثة في ملعب كرواتيا الخالي من الجماهير، فشل راشفورد ورفاقه في التسجيل بأكثر من مناسبة، فانتهى اللقاء بالتعادل السلبي، وهنا اقتربت إسبانيا كثيراً من ضمان صدارة المجموعة، لذلك وجد أصحاب الأرض هذا اللقاء مناسبة مثالية للتأهّل للدور نصف النهائي عبر انتصار سيكون بالمتناول.
اقرأ/ي أيضًا: للمرّة الرابعة على التوالي.. تركيا تخسر استضافة بطولة أمم أوروبا
لكنّ الإنجليز على عكس أصحاب الأرض وجدوا ذلك فرصة مثالية للثأر، واستبقت الجماهير المتعصّبة مباراة الحسم المنتظرة بتعكير أجواء الفرح المتوقّعة، إذ أحدثوا عشيّة المباراة أعمال شغب أدّت لتدمير العديد من المحال وسط مدينة إشبيلية، فضلاً عن تحطيم عدد من السيارات، الأمر الذي استفزّ عمدة المدينة، فاضطر إلى وصف ذلك بـ"التصرّف غير المقبول والمرفوض تماماً من الجماهير الإنجليزية"، كذلك أدان الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم أعمال الشغب تلك، وتوعّد بمعاقبة المشجّعين الإنجليز المتورّطين.
لم تخسر إسبانيا آخر 38 مباراة على ملعبها، إلى أن كسرت إنجلترا هذا الرقم التاريخي
كلّ هذه الأحداث التي سبقت اللقاء أعطت المباراة رونقاً خاصّاً، فهي بمثابة المقامرة للإنجليز الذين لا خيار لهم سوى الفوز، بينما يكفي الإسبان الفوز أو التعادل ليصبحوا شبه ضامنين للصدارة، وبما أنّ الفوز بعيد المنال بالنسبة للإنجليز على الورق، أو هكذا ظنّ الإسبان، فالاحتفال بضمان الصدارة المبكّر تمّ تحضيره بشكل جيّد، سيّما وأن الماتادور لم يخسر على ملعبه في آخر 38 مباراة له، وتحديداً منذ عام 2003، ويا له من نصر عظيم إن حقّق الإنجليز بجيلهم الشاب ذلك، لأن النصر سيعيدهم للمنافسة على صدارة المجموعة، وسيكسر سلسلة اللاهزيمة الإسبانية، كذلك سيمنحهم الثأر من خسارة ويمبلي، فكم هو قليل احتمال فوز إنجلترا، وكم هي كثيرة المكاسب إن نجحت المقامرة.
دخل لاعبو المدرّب لويس أنريكيه اللقاء وكأنّهم أبطال العالم في خمس مناسبات متتالية، فاستعرضوا أمام جماهيرهم مهاراتهم الكرويّة، ودوّروا الكرة في الملعب واستحوذوا عليها وتبادلوا التمريرات فيما بينهم، لكن ذلك كلّه لا يعني شيئاً في كرة القدم إن لم يتحوّل إلى أهداف، إذ استطاع الإنجليزي رحيم ستيرلينغ أن يفتتح التسجيل للضيوف في الدقيقة 15، مستغلّاً تمريرة من زميله ماركوس راشفورد، علماً أن ستيرلينغ صام عن التهديف مع منتخب بلاده لمدّة 3 أعوام، ووعد جماهيره عشيّة اللقاء بكسر صيامه الطويل على حساب الماتادور.
اقرأ/ي أيضًا: أطفال زيدان مع لويس انريكي.. بداية عصر جديد لصناعة أمجاد الماتادور
خلخل هدف ستيرلينغ تكتيكات لويس أنريكيه، فبانت الأخطاء الدفاعية، واتّضح أن خطّة ندّه ساوثغيت آتت أكلها بغضّ النظر عن اللعب الاستعراضي، لذلك قمعت دفاعات إنجلترا كافّة محاولات أصحاب الأرض في العودة للمباراة، قبل أن يزيد ماركوس راشفورد متاعب الإسبان، عندما استغلّ تمريرة رائعة من هاري كين ووضع في مرمى زميله في اليونايتد دافيد دي خيا الهدف الثاني بالدقيقة 30، وما هي إلا 8 دقائق أخرى حتّى استغلّ مهاجمو الأسود الثلاثة سوء تمركز دفاع الماتادور، فأضافوا هدفاً ثالثاً عبر ستيرلينغ نفسه، عندما نجح في إيداع الكرة التي أمدّه بها هاري كين في مرمى ديخيا، وعلى وقع الصفعات الثلاث التي لم يسبق لإسبانيا أن تلقّتها في تاريخها على ملعبها، انتهى الشوط الأوّل.
وفي الشوط الثاني حاول لويس أنريكيه العودة للقاء، فأشرك باكو ألكاسير الذي أعاد الفريق للمباراة من لمسته الأولى، إذ سجّل هدف تقليص الفارق من رأسيّة بعد ركنيّة أسينسيو في الدقيقة 58، وهنا قرّر مدرّب إنجلترا الاقتناع بأهداف فريقه الثلاثة واللجوء للدفاع، وعلى الرغم من ضغط الإسبان الرهيب لم ينجح زملاء سيرجيو راموس في تقليص النتيجة، إلى أن فعل ذلك بنفسه في الدقيقة الثامنة من الوقت بدل الضائع، لكنّ الأوان كان قد فات، وسجّل التاريخ انتصارًا إنجليزيًا في الملاعب الإسبانية لم يتحقّق منذ عقود.
بذلك أصبح برصيد إنجلترا 4 نقاط من 3 مباريات في المركز الثاني، خلف إسبانيا برصيد 6 نقاط من 3 مباريات أيضاً، وأخيراً كرواتيا بنقطة من مباراتين، ولم يتبقّ لإسبانيا وإنجلترا سوى لقاء واحد مع كرواتيا، وإن حقّقت كرواتيا النصر في المباراتين ستتصدّر المجموعة، بينما تنتظر إنجلترا تعثّر إسبانيا أمام كرواتيا والفوز على الأخيرة في ويمبلي من أجل الصدارة، وغير هذه الاحتمالات ستعني تصدّر إسبانيا للمجموعة الرابعة من المستوى الأوّل، وهبوط أحد الفريقين المتبقّيين إلى المستوى الثاني في النسخة المقبلة.
اقرأ/ي أيضًا:
دوري أمم أوروبا .. عصر جديد في تاريخ كرة القدم
"ألماني حين أفوز ومهاجر حين أخسر".. أوزيل يعتزل دوليًا بسبب العنصرية