31-مايو-2018

تتزايد أشكال العداء في الإدارة الأمريكية ضد الهجرة (Getty)

منذ تولي إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للسلطة في البيت الأبيض، بدأت سياسات العداء للمهاجرين تظهر على السطح، واقتُرحت طرق عجائبية من أجل ردع الهجرة، منها ما تضمنته دعاية ترامب في الانتخابات، مثل بناء أسوار على الحدود مع المكسيك، ومنها ما فرض لاحقًا كمراسيم رئاسية، مثل مرسوم حظر السفر من 7 دول إسلامية. مع ذلك فإن هناك إجراءً غير رسمي، وتحت مبررات كثيرة، هو الأقسى على الإطلاق. حيث تتزايد الشواهد على استخدام الإدارة الأمريكية لسياسة فصل المهاجرين عن أبنائهم عند الوصول إلى الحدود، من أجل ردع الهجرة وطلبات اللجوء، حيث يؤخذ الأبناء الأطفال لتتبناهم عائلات أمريكية، بينما لا تستطيع عائلاتهم الحقيقية رؤيتهم. في هذا التقرير المترجم عن صحيفة نيويورك تايمز، تفاصيل وافية عن هذه السياسية.


في 20 شباط/ فبراير، وصلت امرأة شابة تدعى ميريان إلى حدود تكساس حاملة ابنها البالغ من العمر 18 شهرًا. كانت قد فرت من منزلها في هندوراس خلال سحابة من الغاز المسيل للدموع، كما أخبرت موظفي الحدود، وتحتاج إلى الحماية من العنف السياسي هناك. وأعربت عن أملها في أن تجد هي وابنها ملجأ. بدلاً من ذلك، أمرها الوكلاء بوضع ابنها في المقعد الخلفي لمركبة حكومية، كما قالت لاحقًا في شهادة قدمتها أمام محكمة اتحادية. وبكى كلاهما عندما ابتعدت السيارة بالصبي.

قالت إدارة ترامب في الماضي إنها تفكر في أخذ الأطفال من والديهم كطريقة لردع المهاجرين

طوال أشهر، ظل أعضاء الكونغرس يطالبون بإجابات حول عدد الأسر التي يفرق شملها في أثناء القيام بالإجراءات عند المعابر الواقعة على طول الحدود الجنوبية الغربية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن إدارة ترامب قالت في الماضي إنها تفكر في أخذ الأطفال من والديهم كطريقة لردع المهاجرين عن المجيء إلى هنا. وقد رفض المسؤولون مرارًا تقديم بيانات حول عدد العائلات التي تم تفريق شملها، لكنهم أشاروا إلى أن العدد كان منخفضًا نسبيًا. لكن البيانات الجديدة التي استعرضتها صحيفة نيويورك تايمز تظهر أن أكثر من 700 طفل قد أخذوا من البالغين الذين يدعون أنهم آباؤهم منذ تشرين الأول / أكتوبر بما في ذلك أكثر من 100 طفل دون سن الرابعة.

اقرأ/ي أيضًا: أوروبا القلقة على اتحادها من اللاجئين

وقد أعدت هذه البيانات من قبل مكتب إعادة توطين اللاجئين، وهو قسم تابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية يتولى رعاية الأطفال الذين أبعدوا عن الآباء المهاجرين. في البداية، أنكر مسؤولون كبار في وزارة الأمن الداخلي، التي تقوم بمتابعة أوراق المهاجرين على الحدود، أن الأرقام مرتفعة جدًا. لكن بعد أن تم تأكيدها لصحيفة التايمز من قبل ثلاثة مسؤولين اتحاديين يعملون بشكل قريب مع هذه الحالات، أقر متحدث باسم قسم الخدمات الصحية والبشرية يوم الجمعة في بيان أن هناك "نحو 700 حالة".

وقال مسؤولو الأمن الداخلي إن الوكالة لا تفصل العائلات على الحدود بغرض الردع. كما صرح متحدث باسم الوكالة في بيان أنه "مثلما يقتضي القانون، يجب أن تحمي وزارة الأمن الوطني المصالح الفضلى للأطفال القاصرين الذين يعبرون حدودنا، وفي بعض الأحيان يؤدي ذلك إلى فصل الأطفال عن شخص بالغ يسافرون معه إذا لم نتمكن من التأكد من العلاقة الأبوية، أو إذا رأينا أن الطفل معرض للخطر لأي سبب آخر". لكن مسؤولي إدارة ترامب اقترحوا علانية في الماضي أنهم كانوا يفكرون بالفعل في سياسة للردع. في العام الماضي، طرح جون كيلي، رئيس الأركان في إدارة ترامب، الفكرة أثناء عمله كسكرتير للأمن الداخلي. لو أن الخطة اعتمدت، لكانت مراكز الاحتجاز المصممة لإيواء العائلات قد أغلقت واستبدلت بملاجئ منفصلة للبالغين والأطفال. دعم البيت الأبيض هذه الخطوة ودعا مجموعة من المسؤولين من عدة وكالات فدرالية للنظر في مزاياها. لكن وزارة الأمن الداخلي قالت إن السياسة لم تعتمد قط.

ينقل الأطفال الذين يفرقون عن عائلاتهم إلى ملاجئ تديرها منظمات غير حكومية. وهناك، يسعى العمال إلى التعرف على قريب أو وصي في الولايات المتحدة يمكنه تولي رعاية الطفل. ولكن إذا لم يتوفر مثل هذا الشخص البالغ، يمكن للأطفال أن يقبعوا في دار الرعاية لأجل غير مسمى. ويقول مشغلو هذه المرافق إنهم لا يستطيعون في كثير من الأحيان العثور على آباء الأطفال المنفصلين عن ذويهم لأن الأطفال يصلون دون سجلات مناسبة.

ينقل الأطفال الذين يفرقون عن عائلاتهم إلى ملاجئ تديرها منظمات غير حكومية

وبمجرد دخول الطفل في نظام الإيواء، لا توجد عملية صارمة لتحديد ما إذا كان قد تم فصله عن والده الحقيقي، أو جمع شمل الوالدين والأطفال الذين انفصلوا عن طريق الخطأ، حسب قول مسؤول في دوريات الحدود، غير مخول لمناقشة سياسات الوكالة علانية. وقالت ميشيل براني، مديرة برنامج حقوق المهاجرين والعدل في لجنة اللاجئات المعنية بالمرأة، "إن فكرة معاقبة الآباء الذين يحاولون إنقاذ أرواح أبنائهم، ومعاقبة الأطفال الذين عبر بهم آباؤهم لبر الأمان عن طريق التفريق بينهم، هي فكرة قاسية وغير أمريكية". وهذه اللجنة هي مجموعة حقوقية تقوم بإجراء المقابلات والرصد في مراكز احتجاز المهاجرين، بما في ذلك تلك التي ترعى الأطفال. وأضافت، "حقًا أرى أن هذه التجربة مرعبة لأي أم".

وقد تنقلت ميريان عبر ولاية تكساس، واحتجزت في أوقات مختلفة في ثلاثة مراكز احتجاز أخرى. وهي جزء من دعوى قضائية قدمها الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية نيابة عن العديد من الآباء المهاجرين الذين يسعون إلى حظر حالات تفريق شمل الأسرة على الحدود.

اسم ابنها، وكذلك لقب ميريان، تم حجبهما حفاظًا على سلامتهما. ولكن في الشهادة التي قدمتها في هذه القضية، قالت إنها لم تُخّبَر أبدًا لماذا تم إبعاد ابنها عنها. منذ شباط/ فبراير، جاءت الكلمة الوحيدة التي تلقتها حوله من مدير قضية في المرفق في سان أنطونيو حيث يحتجز الطفل. كان ابنها يسأل عنها و"يبكى طوال الوقت" في الأيام التي تلت وصوله إلى المنشأة، على حد قول عامل الحالة، مضيفًا أن الصبي قد أصيب بعدوى في الأذن وسعال. وقالت ميريان في بيانها، إنه "لم يكن لدي أي فكرة عن أنني سأفصل عن طفلي لطلب المساعدة. أنا متشوقة إلى أن ألتقي به".

اقرأ/ي أيضًا: "اليمين البديل في أمريكا.. "هايل ترامب!

إن حماية الأطفال على الحدود أمر معقد لأن هناك بالفعل حالات غش. يصل عشرات الآلاف من المهاجرين إلى هناك كل عام، وغالبًا ما يطلق سراح البالغين الذين يصطحبون أطفالًا ليعبروا إلى الولايات المتحدة بسرعة أكبر من البالغين الذين يأتون بمفردهم، بسبب القيود المفروضة على المدة التي يمكن احتجاز القصر فيها. وقد اعترف بعض المهاجرين بأنهم أحضروا أطفالهم ليس فقط لإخراجهم من الخطر في أماكن مثل أمريكا الوسطى وأفريقيا، بل لأنهم يعتقدون أن ذلك سيؤدي إلى إطلاق السلطات سراحهم من الحجز في وقت أسرع. واعترف آخرون بأنهم أتوا مع أطفال ليسوا أولادهم، ويقول مسؤولو دوريات الحدود إن مثل هذه الحالات من الاحتيال آخذة في التزايد.

مع استمرار الجدل، يستمر الضغط من البيت الأبيض لوضع سياسة فصل. في محادثات هذا الشهر مع كيرستن نيلسن، وزيرة الأمن الداخلي، أعرب ترامب مرارًا عن إحباطه لأن الوكالة لم تكن عدوانية بما فيه الكفاية في مراقبة الحدود، وفقًا لشخص في البيت الأبيض على دراية بالمناقشات. قدم المسؤولون لترامب قائمة بالمقترحات، بما في ذلك خطة فصل المهاجرين الراشدين بشكل روتيني عن أطفالهم. وحث الرئيس السيدة نيلسن على المضي قدما في تنفيذ تلك السياسات، كما قال ذلك الشخص.

 أعرب ترامب مرارًا عن إحباطه لأن المؤسسة الأمنية لم تكن عدوانية بما فيه الكفاية في مراقبة الحدود

لكن حتى المجموعات التي تدعم سياسات الهجرة الأكثر صرامة لم تصل إلى حد تأييد سياسة الفصل الأسري. وقالت جيسيكا فوغان، مديرة الدراسات السياسية لمركز دراسات الهجرة، إحدى هذه المجموعات، إنه يجب عدم استخدام الفصل العائلي إلا كملجأ أخير.

ومع ذلك، قالت إن بعض المهاجرين يستخدمون الأطفال "كدروع بشرية" من أجل الخروج من حجز الهجرة بشكل أسرع. وأضافت فوغان، أنه "ليس من المنطقي على الإطلاق أن تقبل الحكومة هذه المحاولات. إذا تبين أن الطفل يتم استخدامه بهذه الطريقة، فإنه من مصلحة الطفل أن يبقى منفصلًا عن الوالد، لكي تتم مقاضاة الوالدين، لأنها جريمة ويجب ردعها ومحاكمتها".

 

اقرأ/ي أيضًا:

السلفادور.. شباب بين عنف العصابات وانتهاكات الشرطة وجنون ترامب

أين ينتصر الشعبويون في العالم؟..ولماذا؟