لا يخشى مرتضى منصور، عضو مجلس النواب المصري، أي اعتراضات وردود فعل سلبية حول رئاسته للجنة حقوق الإنسان بـ"برلمان 30 يونيو"، فالرجل الذي يأبى أن يبيت ليلته دون أن يوزع الاتهامات والسباب على من يحاول "الاقتراب منه أو التصوير" في أي مناسبة، يقف مزهوًا باختياره رئيسًا لتلك اللجنة.
بعد اختياره رئيسًا للجنة حقوق الإنسان، يواصل مرتضى منصور هجومه على المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني واصفًا إياها بـ"الدكاكين"
ووقع اختيار منصور لرئاسة اللجنة بشكل مؤقت باعتباره أكبر الأعضاء سنًا داخل اللجنة، إلى حين اختيار رئيس آخر بعد إجراء التعديلات على اللائحة الداخلية لـ"المجلس الموقر"، والانتهاء من مناقشة وتمرير القوانين التي صدرت بقرار رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في غياب البرلمان، إلا أنه لم يُهادن في تصريحاته عقب توليه الحقيبة البرلمانية الجديدة، مواصلًا الهجوم غير المنقطع على منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، واصفًا إياها بـ"الدكاكين" ومهددًا باستخدام سلطاته في غلقها وتسريح العاملين فيها.
ويعلن منصور أن استراتيجيته في التعامل مع حقوق الإنسان تقتصر على "كرامة المواطن وضد تعذيبه في أقسام الشرطة، وتوفير مسكن نظيف وصرف صحي"، فقط بهذه العباراة، وما دونها تُعد في قاموسه السياسي "بوتيكات" تُستخدم لأغراض تلقي التمويل الأجنبي، والتي في نظره "يُمارس داخلها الجنس، وتحتوي على عملاء وخونة للخارج"، رغم اعتمادها من الحكومة المصرية وعملها طبقًا للقانون الرسمي.
لا يتوقف "الدكتاتور العادل" ذلك الوصف الذي أطلقه منصور على نفسه، في تأييد كل ما هو معادٍ للحرية، بداية من موقفه المؤيد لفرض قانون الطوارئ على البلاد بعد ثورة 30 يونيو، وعدم انتقاد ضباط الداخلية المتهمين بوقائع تعذيب للمواطنين داخل أماكن الحجز وأقسام الشرطة، رافضًا كذلك أي انتقاد للرئيس عبدالفتاح السيسي أو السياسات التي تتخذها حكومته، متوعدًا شباب الثورة بالسجن بـ"القانون" الذي يجيد اللعب على أوتاره ويوظفه كيفما شاء لخدمة مصالحه وأهدافه.
يبقى منصور في المعسكر المعارض لثورة 25 يناير حتى أخمص قدميه، لا يترك فرصة إلا وينقض عليها كالثعلب على فريسته الجرداء، بل ويمتد هجومه "خارج الحدود" في كثير من الأحيان إلى رموزها وشبابها والرعيل الأول الذين دعوا لإسقاط نظام حسني مبارك، حتى أنه يعتبر الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق لدولة "30 يونيو": "خامورجي وخائن وعميل لصالح دول أجنبية" لمجرد رأيه حول إطلاق الحريات في المجتمع المصري، وإصراره على تطبيقها.
وتسبب منصور في أزمة كبيرة أثناء الجلسة الافتتاحية للبرلمان يوم الأحد الماضي، بعد إصراره على إضافة كلمة "مبادئ الدستور" لنص اليمين الدستوري الذي يقرؤه النواب في الجلسة الأولى، بما يُعتبر عدم اعتراف بثورة 25 يناير التي نصت عليه ديباجة دستور 2014، قبل أن يتدخل رئيس الجلسة الإجرائية المستشار بهاء أبوشقة بطلب لإعادة القسم، الأمر الذي قابله منصور بالرفض قبل أن يتدخل أكثر من نائب لإقناعه بتلاوة القسم "حتى لو جاء بما لا يرضي ضميره وقناعاته".
"اختيار في غير محله"، هكذا علق صلاح سليمان، رئيس مؤسسة النقيب للتدريب ودعم الديمقراطية، بخصوص تولي منصور رئاسة لجنة حقوق الإنسان، مؤكدًا أن المجلس كان عليه أن يضع "الشخص المناسب في المكان المناسب" خاصة أن مهمة اللجنة التعامل مع آليات حقوق الإنسان والرد على التقارير الدولية التي تختص بمناقشة الشأن المصري، وتمثيل القاهرة في المنظمات الدولية المختصة. موضحًا في تصريحات هاتفية لـ"ألترا صوت" أن "مرتضى منصور ليس له سابق علم ودراية بهذا الملف الذي يحظى بطبيعة خاصة في الدول النامية، كذلك فموقفه واضح ومعروف سلفًا حيث يمتعض عمل تلك المؤسسات داخل مصر، ويشن حربًا شعواء عليها، ويخلط بين المنظمات "المشبوهة" والمنظمات التي تعمل وفقًا للقانون وتحت غطاء مجتمعي".
يطالب عديد المتابعين باستبدال مرتضى منصور بعضو آخر في أقرب وقت، وتسليم رئاسة لجنة حقوق الإنسان إلى شخص معهود له العمل في المجال الحقوقي
وطالب سليمان بضرورة استبدال مرتضى بعضو آخر في أقرب وقت، وتولي أحد الشخصيات المعهود لها العمل في المجال الحقوقي، حتى يكون هناك تواصل دائم وممهد مع العاملين في هذا المجال داخل مصر وخارجها، مقترحًا أن يتولى النائب البرلماني محمد أنور السادات رئاستها خلال الانتخابات التي ستجرى عقب إنجاز القوانين التي صدرت في غيبة البرلمان خلال خمسة عشر يومًا من انعقاد المجلس.
وأسندت للجنة التي يترأسها "منصور" مناقشة 7 قوانين، من أصل 191 قرارًا بقانون صدرت في عهد الرئيس السابق عدلي منصور، والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، تشمل مناقشة قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 42 لسنة 2014 بمنح العاملين بالدولة "علاوة" خاصة، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون 48 لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون المناقصات والمزايدات، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 197 لسنة 2014 بزيادة النسبة المقررة للـ"معاشات" بنسبة 5% وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 222 لسنة 2014 بزيادة النسبة المقررة للـ"معاشات" العسكرية بنسبة 5%، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 6 لعام 2015 بتعديل بعض أحكام قانون الطفل ومعه مناقشة القانون رقم 7 بذات الموضوع، وأخيرًا مناقشة قرار رئيس الجمهورية رقم 99 لعام 2015 بمنح "علاوة" خاصة للعاملين بالدولة من غير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية.
ورغم ذلك، فإن اللجنة لم يوكل إليها مناقشة "قانون التظاهر" والذي تم إقراره بتاريخ 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2013 في غياب البرلمان، وأثار موجة من الاحتجاجات، اعتقل على إثرها عدد من شباب الثورة، حيث تم إحالته للجنة التشريعية لإقراره.
اقرأ/ي أيضًا: