ألتراصوت- فريق التحرير
صادق البرلمان الموريتاني مساء يوم أمس الثلاثاء على مشروع قانون "حماية الرموز الوطنية وتجريم المساس بهيبة الدولة وشرف المواطن". وقد انسحب نواب المعارضة من جلسة المصادقة على القانون المذكور نظرًا لتهديده للحريات بالصيغة التي أُحيل إليهم بها من طرف الحكومة، وكان القانون المعروف إعلاميا في موريتانيا "بقانون حماية الرموز" قد أثار جدلاً كبيرا بين النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الذين انقسموا حوله إلى منتقدين يرون فيه مصادرةً لحرية الرأي وتكميم الأفواه، ومؤيدين رأوا فيه حمايةً لرموز الدولة والأعراض والحياة الخاصة من الانتهاك والتشويه.
أبرز مواد القانون المثير للجدل
يسعى القانون حسب مادته الأولى إلى "تجريم ومعاقبة الأفعال المرتكبة عن قصد باستخدام تقنيات الإعلام والاتصال الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي، المرتبطة بالمساس بهيبة الدولة، ورموزها، وبالأمن الوطني، والسلم الأهلي، واللحمة الاجتماعية، والحياة الشخصية، وشرف المواطن".
وتعد الفقرة الثانية من المادة الثالثة محلّ جدل بين النشطاء لتركيزها على الشخصيات العامة وفي المقدمة منها رئيس الجمهورية، حيث تقول تلك الفقرة: " يعتبر مساسًا متعمدًا بالحياة الشخصية كل تجريح أو إهانة أو سب لشخص رئيس الجمهورية أو لأي مسؤول عمومي يتجاوز أفعاله وقراراته التسييرية إلى ذاته وحياته الشخصية، أو إفشاء سر شخصي دون إذن صريح من المعني، وكل إنتاج أو نشر أو توزيع لقذف أو تجريح أو سب أو نسبة وقائع غير صحيحة إلى شخص".
هذا بالإضافة إلى المادة الخامسة من القانون التي تعتبر مساسًا بالأمن الوطني "كل نشر أو توزيع، لمواد نصية أو صوتية أو مصورة عبر استخدام تقنيات ووسائل الإعلام والاتصال الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي تستهدف النيل من الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة، أو زعزعة ولائهم للجمهورية، كما يعتبر كذلك مساسا بالأمن الوطني، تصوير ونشر وتوزيع صور أفراد أو تشكيلات القوات المسلحة أثناء أداء مهامها، دون إذن صريح من القيادة المسؤولة".
ويفرض القانون عقوبات تتراواح بين سنة إلى 3 سنوات وغرامة مالية على ارتكاب تلك الانتهاكات.
المحامي الموريتاني محمد المامي مولاي اعتبر في تدوينة له على فيس بوك أن "من أراد الموضوعية فلايناقش قانون حماية الرموز من منظور حماية الأعراض أو الوحدة الوطنية اوقيم الإسلام أوالإضرار بالدفاع الوطني، أو إعطاء معلومات حساسة عن الأمن، فكل هذه المواضيع مفصلة في القانون النافذ وبصياغة أدق" فالقانون لم يأت بجديد في هذه المسائل، وإنما محل التوترات في هذا القانون هو ذلك الجانب المتعلق ب"تجريم المساس برئيس الجمهورية والمسؤولين ومنع تصوير أفراد الأمن أثناء أداء مهامهم، فهذه هي محل النقاش".
أما الصحفي الموريتاني عبد الله سيديا أحمد شيخ فقد تفاعل مع إجازة قانون "حماية الرموز" من طرف البرلمان عبر تدوينة قال فيها "هنيئا للصوص الوطن ورجال السلطة الفاسدين، هنيئا للضباط المخربين والتجار المرابين، هنيئا لرئيس نائم ووزير غارم لقد منحتم أنفسكم الحصانة لتتفرغو لإعمال معاول الهدم في وطن جريح، هنيئا لكم بتمرير قانون الموز".
رسام الكاريكاتير خالد مولاي إدريس فاعتبر أن سرّاق المال العام لا يعتبرون رموزا في نظره، وذلك في إشارة إلى ما يزعمه البعض أن القانون جاء ليخرس ألسنة المدونين والصحفيين عن كشف قضايا الفساد وفضح الفاسدين.
أما المدون الموريتاني المعروف الطالب عبد الودود اختار التعامل مع المسألة من زاوية ساخرة، حيث تساءل في تدوينه له عن "ماهي مدة صلاحية الرمز ؟ وهل يمكن القول بأن رمزا ناجحا بالتزوير رمز مزور؟"
في المقابل اعتبر مؤيدو القانون ومن بينهم المدون المصطفى محمد المختار أن المصادقة على قانون حماية الرموز "خطوة مهمة نحو تقنين وتنظيم حرية التعبير وإنهاء الفوضى والإساءة والهمجية" على حد تعبيره.
يشار إلى أن "حركة كفانا"، وهي حركة معارضة شبابية، نظّمت وقفةً احتجاجية أمام البرلمان الموريتاني رفضًا لقانون الرموز، مطالبةً النواب برفضه، وتعرّض نشطاء الحركة خلال وقفتهم للقمع من طرف الشرطة الموريتانية.
وقال رئيس حركة كفانا يعقوب ولد لمرابط إن الشرطة حاولت منع الوقفة التي نظّموها وعمدت إلى قمعهم بالضرب، مضيفًا أن مشروع قانون الرموز "يشكل تحديًا وانقلابًا على الشرعية ومستقبل الحريات في البلاد"، داعيًا النخب الوطنية إلى "تحمل مسؤولياتها".
كما اتهم رئيس حركة كفانا نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني بأنه "أسّس لتراجع الحريات ومصادرة حرية الرأي والتعبير".
اقرأ/ي أيضًا:
الترحال السياسي في موريتانيا.. "القبيلة العميقة" والسياسة الهشة