رفعت هولندا وكندا قضية على النظام السوري في محكمة العدل الدولية في لاهاي، أمس الاثنين، متعلقة بجرائم التعذيب، والمعاملة اللاإنسانية بحق المعتقلين في سجون نظام الأسد.
وطلبت كندا وهولندا في طلبهما من المحكمة إصدار أوامر طارئة للنظام السوري لوقف جميع أعمال التعذيب والمعاملة القاسية وإنهاء الاعتقالات التعسفية
وتصنف القضية في نطاق اتفاقية "مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، وهذه الاتفاقية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1984، ووقع عليها النظام السوري عام 2004.
وجاء في البيان الصادر عن المحكمة، أن هولندا وكندا قالتا في طلبهما، إن النظام السوري "ارتكب انتهاكات لا حصر لها للقانون الدولي بدءًا من 2011 على أقل تقدير"، وأضاف البيان أن كندا وهولندا "طلبتا اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المعرضين لخطر التعذيب".
وقالت وزارة الخارجية الهولندية في بيان "هناك أدلة كثيرة تثبت أن النظام السوري ارتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد مواطنين سوريين على نطاق واسع".
وطلبت كندا وهولندا في طلبهما من المحكمة إصدار أوامر طارئة للنظام السوري لوقف جميع أعمال التعذيب والمعاملة القاسية وإنهاء الاعتقالات التعسفية. والتقديرات تشير إلى أن المحكمة الدولية ستأمر بجلسات استماع طارئة للنظر في مثل هذه الطلبات في غضون أيام من تلقي الدعوى.
تأتي هذه الخطوة بعد فشل المسار الذي يجب اتباعه قانونيًا قبل الوصول إلى المحكمة، إذ أعاقت روسيا جهود إحالة القضية في مجلس الأمن الدولي المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا. وبدأت هولندا المسار عام 2020، وانضمت لها كندا في عام 2021.
جاء في بيان وزارة الخارجية الكندية المشترك مع هولندا: "بدأت كندا وهولندا إجراءات قانونية في محكمة العدل الدولية لمحاسبة النظام السوري على التعذيب والمعاملة والعقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة لشعبه. ومنذ عام 2011، والشعب السوري يتعرض للتعذيب والقتل والاعتداء الجنسي والاختفاء القسري والاعتداء بالأسلحة الكيماوية على نطاق واسع. وبعد 12عامًا، لا تزال انتهاكات حقوق الإنسان على يد النظام السوري مستمرة، حتى يومنا هذا".
وأكد البيان على أنه "لا يمكن الوصول إلى حل تفاوضي مع النظام السوري، ولا يمكن التوصل إلى اتفاق بشأن شروط التحكيم، وهكذا اتخذت كندا وهولندا هذه الخطوة بإحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية للسعي إلى امتثال النظام السوري لها، بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب".
تحركات حقوقية ودولية
وتصاعدت خلال السنوات الأخيرة، وتيرة التحركات الدولية والتصريحات التي تطالب بمحاسبة المسؤولين من النظام السوري عن جرائم الحرب التي شهدتها سوريا.
وفي وقت سابق، أكدت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، دعم بلادها لمحاكمة رئيس النظام السوري بشار الأسد، ففي فرنسا، أصدر القضاء الفرنسي قبل شهرين، مذكرة بمحاكمة ثلاث مسؤولين كبار في النظام السوري أمام محكمة الجنايات الفرنسية، بتهمة التواطؤ على قتل مواطنين سوريين يحملان الجنسية الفرنسية.
كما أصدرت محكمة في ألمانيا، حكمًا قضائيًا بالسجن المؤبد، في حق ضابط سابق في مخابرات الأسد، بعد ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، حيث أدين بقضايا تعذيب 4 آلاف شخص على الأقل كانوا محتجزين بفرع 251 المعروف بفرع الخطيب، بين عامي 2011 و2012، كما وجهت إليه تهم بقتل 58 شخصًا.
ويحاكم طبيب سوري أمام محكمة ألمانية بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية ارتكبها عند كان يعمل في مستشفى حمص العسكري، حيث وجهت إليه اتهامات بتعذيب سجناء وضربهم على جروحهم، ورش أطرافهم بالكحول ثم حرقها.
وتتجه الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقديم لائحة اتهام فيدرالية، ضد مستويات قيادية رفيعة في نظام الأسد، وذلك لأول مرة في تهم تتعلق بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان في سوريا من قبل نظام الأسد، وذلك بحسب ما كشفت صحيفة نيويورك تايمز.
وتضيف الصحيفة الأمريكية: "على الرغم من أنه من غير المرجح أن يتم القبض على عناصر نظام الأسد، فإن الإدانة تشير إلى أن الولايات المتحدة تهدف إلى تحميل النظام السوري المسؤولية".
وتعود القضية تحديدًا إلى عام 2016 وذلك بعد اعتقال عاملة الإغاثة السورية ليلى شويكاني، التي تحمل المواطنة الأمريكية، من قبل قوات نظام الأسد، والتي تم تعذيبها لمدة أشهر قبل إعدامها في أواخر عام 2016.
بحسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، صدر العام الماضي بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، فقد قتل 14 ألفًا سوريًا تحت التعذيب بين آذار /مارس 2011، وآذار /مارس 2021، ووفقًا للتقرير ذاته، كان النظام مسؤولًا عن مقتل معظم ضحايا التعذيب بنسبة 98.63%، من بينهم 173 طفلًا و 74 سيدة.
تصاعدت خلال السنوات الأخيرة، وتيرة التحركات الدولية والتصريحات التي تطالب بمحاسبة المسؤولين من النظام السوري عن جرائم الحرب التي شهدتها سوريا
ويعتقل النظام السوري ما يزيد عن 215 ألف معتقل، دون الإفصاح عن مكانهم وهويتهم، بحسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان. وقالت الشبكة، إنها تمتلك قوائم تتجاوز الـ 117 ألف معتقل بينهم نساء وأطفال، إلا أنها تقدر أعداد المعتقلين بما يفوق الـ 215 ألف معتقل منهم 99% لدى قوات النظام السوري.