15-ديسمبر-2018

تكشف ظاهرة اعتناق لاجئين مسلمين للمسيحية، عن ازدواجيةٍ لدى المؤسسات الأوروبية المعنية بقبول اللاجئين (رويترز)

ألترا صوت - فريق التحرير

في السنوات الأخيرة، ومع تفاقم أزمة اللاجئين المسلمين إلى دول الشمال، بدأت تبرز ظاهرة تحول اللاجئين المسلمين في أوروبا تحديدًا، إلى اعتناق المسيحية. وفي أوروبا، وخاصة ألمانيا التي بلغ عدد اللاجئين السوريين إليها مطلع العام الجاري، نحو مليون و800 ألف لاجئ، وغيرهم عشرات آلاف اللاجئين من جنسيات أخرى، عرفت حملات مكثفة في بعض الأحيان، للتبشير بالمسيحية بين اللاجئين المسلمين.

خلال الفترة بين 2014 و2015، ازداد عدد اللاجئين لألمانيا الذين اعتنقوا المسيحية، فوصل إلى 178 ألف متحول من الإسلام للمسيحية

ولعب العوز والحاجة بين اللاجئين دورًا كبيرًا في استقطابهم بالتبشير لاعتناق المسيحية، إذ عمدت مؤسسات مدنية وجمعيات أهلية مسيحية، إلى لعب دورٍ خدمي أكبر، يمزج بين مساعدة اللاجئين وتبشيرهم للمسيحية. كما أن عددًا من اللاجئين، ولتوفيق وضعه اجتماعيًا وثقافيًا في بلد اللجوء، يلجأ لاعتناق المسيحية، خاصة بعد موجة رفض اللاجئين التي يتزعمها اليمين المتطرف في أوروبا.

اقرأ/ي أيضًا: فحص ديني للاجئين السوريين في أمريكا

ووفقًا لإحصائية أوردها موقع "دويتشه فيله"، فإنه خلال الفترة ما بين عام 2014 وعام 2015، ازدادت أعداد اللاجئين الذين اعتنقوا المسيحية إلى 10 أضعاف، إذ وصل عددهم إلى 178 ألف متحول من الإسلام للمسيحية.

اللاجئين المسلمين واعتناق المسيحية
ما بين 2014 و2015 ارتفعت أعداد اللاجئين المسلمين المتحولين للمسيحية في ألمانيا، إلى 10 أضعاف

وفي النمسا، قالت كنيسة أبرشية فيينا، إنها تستقبل من خمس إلى 10 طلبات تعميد أسبوعيًا، 85% منها من مسلمين يرغبون في اعتناق المسيحية. ويعزز من هذا أن دولًا مثل التشيك وبولندا وسلوفاكيا، ترفض استقبال اللاجئين المسلمين، في حين أنها تكون أكثر ترحيبًا باللاجئين المسيحيين.

مساعدات إنسانية.. وتبشيرية!

تلعب المساعدات الإنسانية دورًا بارزًا في جذب اللاجئين المسلمين للتحول إلى المسيحية، لنجدة أنفسهم معيشيًا. ويحدث ذلك حتى في دولة كلبنان.

أوردت صحيفة تيليغراف البريطانية قصة لاجئ سوري يدعى إبراهيم علي، فرّ من حلب بعد اندلاع الحرب إلى لبنان. وعمل علي في تنظيف الشوارع، وكان يدخر ما يستطيع من المال لجلب أسرته إلى لبنان. غير أنه طُرد من عمله، ما اضطره للتسول في الشارع.

قابل علي، رجلًا عراقيًا مسيحيًا، دله على كنيسة الرب الإنجيلية، باعتبارها توفر الطعام والمأوى للمشردين. ذهب علي للكنيسة، وقدم له الطعام والمبيت، وبعض المال، مع شرط حضور الدروس الأسبوعية لتدارس الإنجيل. وجد علي أن معظم من يحضر الدروس معه، لاجئون مسلمون، يستهدفون توفير المأكل والمأوى، دون ميل اعتقادي حقيقي للمسيحية.

مزيج العنصرية

مع تصاعد موجة اليمين المتطرف في أوروبا، عانى اللاجئون -بالإضافة إلى ويلات الحرب والتغريب- من تفاقم الخطاب والممارسات العنصرية بحقهم في دول اللجوء، وحتى على حدودها.

وترتكز مخاوف اليمين المتطرف في أوروبا، من اللاجئين، على المساس بالاستقرار الثقافي لمجتمعاتهم. لذا، كان حل النجاة للعديد من اللاجئين، هو اعتناق المسيحية للقبول بهم في المجتمعات الأوروبية.

يؤكد على ذلك رئيس المجلس الإسلامي في ألمانيا، أيمن مزيك، في حديث لتلفزيون سوريا، حيث قال إن ظاهرة تعميد اللاجئين المسلمين في ألمانيا، سببها رغبتهم في سهولة الحصول على حق اللجوء، وهربًا من تداعيات العنصرية ضد المسلمين.

اللاجئون المسلمون واعتناق المسيحية
يمثل اعتناق المسيحية للعديد من اللاجئين المسلمين، فرصة للنجاة في دول اللجوء الغربية

يُضاف إلى ذلك، الإغراءات المعيشية التي سيتحصل عليها اللاجئ إذا ما اعتنق المسيحية، والتي ستقدمها له المؤسسات والجمعيات الكنسية.

ازدياد الظاهرة في السنوات القليلة الماضية، يدفع للسؤال النقدي حول انتقائية المعيار الإنساني في المجتمعات الغربية، وتحديدًا المؤسسات الدينية المسيحية، التي كثيرًا ما تربط تقديم المساعدات المعيشية الضرورية للاجئين، باعتناق المسيحية، أو على الأقل التعرض لدورس في الدين المسيحي.

تلعب المساعدات الإنسانية دورًا بارزًا في جذب اللاجئين المسلمين للتحول إلى المسيحية، لنجدة أنفسهم معيشيًا

كما أنه يكشف من وجهٍ آخر، عن ازوداجية المعايير لدى المؤسسات الأوروبية المعنية بقبول اللاجئين. فاللاجئ إن كان مسيحيًا سيحظى بفرص لقبول طلب لجوئه، أضعاف ما سيحظى به اللاجئ المسلم. وأدت تلك الازدواجية إلى تشديد اختبارات عقيدة اللاجئين، للإطمئنان الكامل بمسيحيتهم، كما تنقل دويتشه فيله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"أوروبا الجديدة" التي تكره اللاجئين

خريطة "المؤمنين" وأصحاب الديانات في الأرض.. إلى أين يتجه الدين بالعالم؟