25-يونيو-2019

تسعى الإدارة الأمريكية إلى فرض تسوية قسرية على الفلسطينيين (تويتر)

الترا صوت – فريق التحرير

انطلقت اليوم الثلاثاء المرحلة الأولى من مؤتمر البحرين الذي تستضيفه المنامة لمناقشة خطة السلام من أجل الازدهار التي قدمها صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاري البيت الأبيض جاريد كوشنر، بحضور عربي ودولي ممثل بمستثمرين اقتصاديين، ويقدم خلالها كوشنر مهندس الخطة رؤيته الاقتصادية لفرض تسوية سياسية شاملة، تحت مبررات السلام الاقتصادي، ضمن كتيبين مليئين بالرسومات والإحصائيات التي تشبه نشرة الاستثمار.

على الرغم من الحشد الإعلامي الذي سعت إليه الإدارة الأمريكية خلال الفترة الماضية من خلال ترويجها لما بات يعرف بخطة السلام من أجل الازدهار، التي بدأت بمؤتمر البحرين، فإن التوقعات لا تشير لإمكانية نجاحها 

مقاطعة فلسطينية لمؤتمر البحرين

وتدور فحوى الاجتماع الذي روّجت له واشنطن خلال الشهرين الماضيين بشكل إعلامي واسع حول تقديم مساعدات مالية بقيمة 28 مليار دولار للسلطة الفلسطينية لتنفيذ مشاريع استثمارية تنهض باقتصاد مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة بحسب ما ذكر بيان صادر عن البيت الأبيض قبيل انعقاد المؤتمر الصحفي لما وصفة كوشنر بـ"ورشة عمل"، بغياب ممثلين عن السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، ووفقًا للمعطيات المتوفرة فإن المؤتمر يأتي في سياق مزاعم واشنطن لإحياء عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية على اعتبار أن الجزء الأول مخصص لمناقشة الشق الاقتصادي، فيما يكون الجزء الثاني لمناقشة الجانب السياسي على أن يتم الكشف عنه في وقت لاحق.

اقرأ/ي أيضًا: "السلام من أجل الازدهار".. تفاصيل رؤية واشنطن الاقتصادية لمؤتمر البحرين

إلا أن أبرز ما يخص المؤتمر المنعقد تمثل بإعلان السلطة الفلسطينية عدم حضورها، وهو ما دفع بالحكومة الإسرائيلية لاحقًا لاتخاذ موقف ممائل لموقف السلطة الفلسطينية، وعبّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس الإثنين، عن رفضه لسياسة واشنطن التي تعمل على تحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية إلى قضية اقتصادية، وقال في كلمة له مع الصحافة الغربية: "عندما يتم حل سياسي على أساس الشرعية الدولية ورؤية الدولتين، وقتها نقول مرحبًا بكل من يريد أن يساعدنا".

وشهد قطاع غزة يوم أمس إضرابًا واسعًا احتجاجَا على الخطة التي يناقشها المؤتمر بهدف إفراغ القضية الفلسطينية من طابعها السياسي، حيثُ أغلقت المحلات التجارية أبوابها في جميع المحافظات الجنوبية، وكذلك البنوك والوزارات، كما علّق الصيادون عملهم في بحر قطاع غزة، وانتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع وبين النشطاء العرب والفلسطينيين وسوم "فلسطين مش للبيع، ضد صفقة القرن، وضد مؤتمر البحرين".

وإلى جانب البحرين التي تقوم بتنظيم المؤتمر، تشارك دول الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر والأردن والمغرب، وممثلون عن الأمم المتحدة، ومستثمرون من القطاع الخاص، ودبلوماسيون غربيون وإسرائيليون بصفة شخصية، فضلًا عن ستة وسائل إعلام إسرائيلية جرت دعوتها لتغطية فعاليات المؤتمر، وهي المرة الأولى منذ عام 1994 عندما شارك وزير البيئة الإسرائيلي حينها في مؤتمر حول القضايا البيئية نظمته البحرين، ما يشير إلى مضي الدول الخليجية المشاركة في المؤتمر خطوات إضافية نحو التطبيع مع إسرائيل.

رغم فشل المؤتمر.. لماذا تصر واشنطن على انعقاده؟

وتشير معظم التوقعات التي استبقت انعقاد المؤتمر بأسابيع إلى فشله، وبالأخص تلك الصادرة عن محلليين وأكاديميين إسرائيليين، وهو ما انعكس في حديث المحلل السياسي يوني بن مناحيم الذي أشار إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لا يتوقع من المؤتمر "شيئًا كبيرًا"، فهو يرى من المؤتمر فرصة يرمي من خلالها لضم المستوطنات الإسرائيلية التي جرى بناؤها في الضفة الغربية بعد انتهاء الانتخابات الإسرائيلية المقبلة بذريعة رفض الفلسطينيين للخطة الأمريكية.

الواضح أكثر من مؤتمر البحرين أن واشنطن ترمي من ورائه لتحقيق عدة مكاسب اقتصادية وسياسية في آن واحد، فهي في المرتبة الأولى تسعى للقضاء على أي أمل مرتبط بحل الدولتين، وإعلان القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين، وهو ما يفهم من كلام كوشنر في الحوار الذي أجراه مع قناة الجزيرة، حين قال: "أعتقد أننا جميعا علينا أن نعترف بأنه إن كان من الممكن التوصل لاتفاق، فإنه لن يكون على غرار مبادرة السلام العربية. سيكون في منطقة وسط بين مبادرة السلام العربية وبين الموقف الإسرائيلي".

كما أن ترامب يحاول الضغط على دول الخليج للحصول على دفعات مالية جديدة مستغلًا التوتر الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط مع إيران مؤخرًا، فقد نقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي خليجي قوله إن دول الخليج تأمل من وجودها في المؤتمر إظهار تضامنها مع إدارة ترامب بسبب تشددها ضد إيران، في الوقت الذي جدد ترامب أول أمس الأحد، تأكيده على التغاضي عن بعض سلوكيات دول الخليج طالما أنهم يدفعون الأموال.

ويأتي أخيرًا من ضمن أهداف المؤتمر محاولات ترامب لإنقاذ نتنياهو من الأزمة الداخلية التي تعصف بالحكومة الإسرائيلية بعد فشله بتشكيل حكومة جديدة بعيد انتهاء انتخابات الكنيست الإسرائيلي في نيسان/أبريل الماضي، ما دفعها لتحديد موعد إعادتها منتصف أيلول/سبتمبر القادم، فضلًا عن تهم الفساد التي يواجهها نتنياهو بعد تحقيق طويل رغم إنكاره لها، إذ يسعى بعد انتهاء الانتخابات لإعلان ضم المستوطنات التي احتلتها إسرائيل في المنطقة ج من الضفة الغربية، والتي تشكل 60 بالمئة من مساحتها.

اقرأ/ي أيضًا: عرب "صفقة القرن".. تسوية قسرية رغمًا عن أصحاب القضية!

هناك ما هو أهم من المال

وعلى الرغم من الحشد الإعلامي الذي سعت إليه الإدارة الأمريكية خلال الفترة الماضية من خلال ترويجها لما بات يعرف بخطة السلام من أجل الازدهار، فإن التوقعات لا تشير لإمكانية نجاحها نتيجة عدة عوامل، في مقدمتها مقاطعة المستثمرين والمسؤولين التنفيذيين الفلسطينيين بحسب ما ترى الزميل الزائر في مؤسسة كارنيغي للسلام زها حسن، مشيرًة إلى أن المقاطعين يمثلون 80 بالمئة من اقتصاد المناطق الفلسطينية المحتلة، وتضيف أن ما يعيق التنمية الاقتصادية الفلسطينية والاستثمار هو "الاحتلال ببساطة".

شهد قطاع غزة يوم أمس إضرابًا واسعًا احتجاجَا على الخطة التي يناقشها مؤتمر البحرين بهدف إفراغ القضية الفلسطينية من طابعها السياسي، حيثُ أغلقت المحلات التجارية أبوابها في جميع المحافظات الجنوبية، وكذلك البنوك والوزارات

وانتقد الوزير الإسرائيلي الأسبق يوسي بيلين مؤتمر البحرين في حديثه مع صحيفة جيروزاليم بوست العبرية معتبرًا أن إطلاق الجانب الاقتصادي قبل السياسي هو "رشوة"، وأضاف أن أي شخص يعرف قليلًا عن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والحياة الفلسطينية يدرك أن هناك ما هو أهم من المال، مضيفًا "إذا لم تكن هناك خطة دبلوماسية، ولا تعرف ماهية الحل الدبلوماسي، لا يمكنك الحديث عن المشاريع الاقتصادية". وهو خطاب على الرغم من أنه يبدو أكثر إلمامًا بحيثيات الصراع، فإنه جزء من تصور إسرائيلي يرفض تسوية الإدارة الأمريكية، من منطق الرغبة بالانفصال عن الفلسطينيين، وفرض نمط آخر من التسوية على أساس حل الدولتين المشروط.

 

اقرأ/ي أيضًا:

السعودية ومسلسل التطبيع.. متى سيرفرف العلم الإسرائيلي في الرياض؟

مشروع "نيوم".. ذريعة ابن سلمان لإعلان تطبيع العلاقات مع إسرائيل