26-سبتمبر-2024
مبادرة أميركية فرنسية

غارة إسرائيلية تستهدف بلدة مرجعيون بجنوب لبنان (رويترز)

دعت الولايات المتحدة بالاشتراك مع فرنسا إلى وقف لإطلاق النار لمدة 21 يومًا بين "إسرائيل" و"حزب الله" في لبنان لتفادي خروج الوضع عن السيطرة، في نداء انضم إليه الاتحاد الأوروبي ودول عربية وغربية، بعد مداولات دبلوماسية مكثفة في الأمم المتحدة، على وقع الهجوم الجوي الواسع الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي في جميع أنحاء لبنان منذ الإثنين الماضي، وسط تهديد باجتياح بري لجنوب لبنان.

وجاءت هذه الدعوة بعد وقت قصير من إعلان جيش الاحتلال، أمس الأربعاء، أنه يستعد لشن اجتياح بري محتمل لجنوب لبنان، في الوقت الذي واصلت مقاتلات الاحتلال، اليوم الخميس، شن غارات جوية مكثفة استهدفت مناطق مختلفة في لبنان من جنوبه إلى شرقه، لليوم الرابع على التوالي، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء والجرحى، ونزوح ما لا يقل عن 500 ألف لبناني من جنوب لبنان.

"حان الوقت لإبرام تسوية دبلوماسية"

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، ونظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في بيان مشترك، أمس الأربعاء، صدر بعد لقاء بينهما على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنه "حان الوقت لإبرام تسوية دبلوماسية تضمن الأمن وتمكن المدنيين على جانبي الحدود من العودة إلى ديارهم بأمان".

قال الرئيسان الأميركي والفرنسي إنه "حان الوقت لإبرام تسوية دبلوماسية تضمن الأمن وتمكن المدنيين على جانبي الحدود من العودة إلى ديارهم بأمان"

وأضاف الرئيسان في بيانهما، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، "عملنا معًا في الأيام الأخيرة" من أجل التوصل إلى "دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار"، وأضافا أن "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كل من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر".

وأكدت جميع الدول التي ذكرها البيان على دعوتها "إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يومًا عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية لإفساح المجال أمام الدبلوماسية"، وذلك في إطار الجهود الدولية الساعية لإيجاد تسوية للوضع في لبنان، وفي غزة التي تشهد عدوانًا إسرائيليًا منذ السابع من تشرين الأول/اكتوبر الماضي.

ونقلت الوكالة الفرنسية عن مسؤول أميركي كبير قوله، إن هذا النداء يمثل "اختراقًا مهمًا" بالنسبة للبنان، مبديًا أمله في أن يؤدي أيضًا إلى "تحفيز" الجهود الرامية للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع غزة.

وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، أول من أشار إلى هذه الدعوة إلى هدنة مؤقتة في وقت سابق من، أمس الأربعاء، خلال اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، ورأى بارو أن اندلاع حرب شاملة بين "إسرائيل وحزب الله ليس حتميًا"، بشرط أن تنخرط جميع الأطراف "بحزم" في إيجاد حل سلمي للنزاع.

وقف إطلاق النار سيسري على "الخط الأزرق" 

وتأتي هذه المبادرة التي تحظى بدعم دولي بعد مباحثات مكثفة جرت على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وسط تحذير الرئيس بايدن من أن اندلاع "حرب شاملة" في الشرق الأوسط "أمر محتمل"، بينما دعا ماكرون "بقوة إسرائيل إلى وقف التصعيد في لبنان وحزب الله إلى وقف إطلاق النار".

إلى ذلك، أفاد مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لوكالة "رويترز"، بأن وقف إطلاق النار سيسري على "الخط الأزرق" بين "إسرائيل" ولبنان، وهو خط ترسيم الحدود بين البلدين، موضحًا أن واشنطن كانت على مدى الأشهر القليلة الماضية تتواصل مع المسؤولين في "إسرائيل" ولبنان لخفض الأعمال القتالية.

وقال المسؤول: "أجرينا هذه المناقشات على مدى فترة طويلة"، مضيفًا أن هدف واشنطن وحلفاءها تحويل هذه المناقشات إلى اتفاق أوسع خلال فترة وقف إطلاق النار التي تستمر 21 يومًا، وبحسب المسؤول الأميركي، فإن بايدن ركز على مسعى التوصل لوقف إطلاق النار "في كل محادثة تقريبًا أجراها مع زعماء العالم" في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الأسبوع.

من جانبه، نقل موقع "العربي الجديد" عن أوساط في الحكومة اللبنانية، أن "هناك تفاؤل من التوصل لاتفاق مؤقت لوقف إطلاق النار، لكن ننتظر أن يحصل ذلك فكل شيء متوقع"، مضيفة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، "يكثف من مشاوراته الدولية للضغط على إسرائيل لوقف عدوانها".

وأضافت الأوساط الحكومية في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "ميقاتي يؤكد أن لبنان لا يريد الحرب والحراك الذي يحصل مكثف ويوحي بالايجابية"، مشيرةً إلى أن "المطلوب وقف إطلاق النار فترة من الزمن يصار خلالها إلى إجراء مناقشات سياسية لمعرفة مصير المرحلة المقبلة".

وزراء في حكومة الاحتلال يعارضون المبادرة الدولية

لكن هذا التوجه الساعي لإبرام اتفاق مؤقت لوقف لإطلاق النار بين "إسرائيل" و"حزب الله"، قوبل بردود فعل غاضبة ورافضة له من قبل وزارء في حكومة الاحتلال، وفقًا لوسائل إعلام عبرية، وذلك بعدما قالت تقارير إن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أعطى الضوء الأخضر للتفاوض على وقف مؤقت لإطلاق النار، دون أن توقف "إسرائيل" عدوانها على لبنان خلال فترة المفاوضات.

وقالت وزيرة الاستيطان والمهام الوطنية، أوريت ستروك، عبر حساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، إنه "لا يوجد تفويض أخلاقي لوقف إطلاق النار، لا لمدة 21 يومًا، ولا لمدة 21 ساعة. حزب الله حول لبنان إلى برميل متفجر"، وتابعت مضيفة أن " (قرار مجلس الأمن) 1701 حوّل سكان الشمال (الإسرائيليين) إلى رهائن، ومنفيين في بلدهم، ولا يمكن تكرار أخطاء الماضي".

من جانبه، شدد وزير مالية حكومة الاحتلال ورئيس حزب "الصهيونية الدينية" المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، على أن "الحرب في الشمال يجب أن تنتهي بسيناريو واحد فقط، سحق حزب الله وسلبه قدرته على المساس بسكان الشمال"، مضيفًأ أنه "يجب ألا يمنح العدو وقتًا للتعافي من الضربات الصعبة التي تلقّاها وإعادة تنظيم صفوفه لمواصلة الحرب بعد 21 يومًا. هذه هي الطريقة الوحيدة التي سنعيد بها السكان والأمن إلى الشمال والبلاد".

أما وزير الثقافة والرياضة الذي يمثل حزب "الليكود" الحاكم في حكومة الاحتلال، ميكي زوهار، فقد أكد أن "وقف إطلاق النار دون أي مقابل ملموس من جانب حزب الله هو خطأ فادح يعرض الإنجازات الأمنية الكبرى التي حققتها إسرائيل في الأيام الأخيرة للخطر"، وأضاف "آمل حقًا ألا تكون التقارير صحيحة، وعلينا أن نستمر بكل ما أوتينا من قوة حتى الحسم الواضح في الشمال".

وفي السياق، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لبيد، إن "إسرائيل يجب أن تعلن هذا الصباح (اليوم الخميس) أنها تقبل اقتراح بايدن-ماكرون لوقف إطلاق النار، لكن لمدة سبعة أيام فقط، حتى لا تسمح لحزب الله باستعادة أنظمة القيادة والسيطرة الخاصة به"، وأضاف مؤكدًا "لن نقبل أي اقتراح لا يتضمن إبعاد حزب الله عن حدودنا الشمالية".

وكانت القناة الـ12 العبرية قد نقلت عن مسؤولين إسرائيليين كبار، لم تسمهم، أن "إسرائيل لديها شروطها الخاصة للهدنة، والتقديرات تفيد بأن حزب الله لن يوافق عليها"، وأضافت زاعمة أن "نتنياهو أوعز بتخفيف الهجمات في لبنان من أجل مفاوضات وقف إطلاق النار"، لكن رئاسة الوزراء الإسرائيلية، أكدت أن لا تعليمات بوقف العمليات في لبنان، فيما قالت تقارير صحفية، إن مقاتلات الاحتلال شنت ما لا يقل عن 50 غارة جوية، اليوم الخميس، استهدفت منطقة البقاع شرق لبنان.