سعى المشرعون الجمهوريون في مجلس النواب إلى تمرير قانون يُتوقّع أن يكون الهدف الأساسي منه إغلاق المنظمات غير الربحية التي تدعم حقوق الفلسطينيين. من المقرر التصويت على القانون في محاولة ثانية، بعد فشلهم في الحصول على أغلبية الأصوات لتمريره قبل نحو أسبوع، وفقًا لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وبحسب الصحيفة، سيتم التصويت مجددًا على مشروع القانون رقم 9495، المُعنون بـ"قانون وقف تمويل الإرهاب"، في وقت لاحق من اليوم الخميس. وكان المشرعون الجمهوريون قد فشلوا في تمرير القانون سابقًا بسبب عدم حصوله على الأغلبية المطلوبة وفقًا للإجراء السريع الذي اعتمدوه، مما دفعهم إلى إعادة طرحه للتصويت من خلال لجنة قواعد مجلس النواب، التي تتيح تمريره بأغلبية بسيطة.
وصوّت 52 نائبًا ديمقراطيًا، بالإضافة إلى 204 نواب جمهوريين، لصالح القانون الأسبوع الماضي، بينما صوّت النائب الجمهوري توماس ماسيه، إلى جانب 144 ديمقراطيًا، بالرفض، مما حال دون حصول القانون على أغلبية الثلثين اللازمة لتمريره. ويتجاهل مؤيدو المشروع، من بينهم بعض الديمقراطيين، تحذيرات المعارضين من أنه قد يؤدي إلى حظر المنظمات التي تدعم حقوق الفلسطينيين، وفقًا لموقع "إنتربست".
المشروع لم يحدد "معيارًا" للأدلة التي يمكن أن يستند إليها في تحديد المنظمات غير الربحية إن كانت "قدمت دعمًا ماديًا للإرهاب"
ونقلت"الغارديان" عن نائب المدير الوطني لمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية "كير"، إدوارد أحمد ميتشل، قوله: "المصادقة على القانون ستمثل فرصة لاستهداف الجماعات التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين"، واصفًا المشروع بأنه "أحد أكثر مشاريع القوانين سوءًا وخطورة التي قُدّمت في مجلس النواب خلال السنوات الأخيرة". وأشار إلى إمكانية أن يصبح المشروع قانونًا إذا حصل على الموافقة النهائية.
وأوضحت الصحيفة أن المشروع لم يحدد معايير واضحة للأدلة التي يمكن الاعتماد عليها لتصنيف المنظمات غير الربحية على أنها قدمت "دعمًا ماديًا للإرهاب"، تاركًا الأمر لتقديرات وزارة الخزانة الأميركية. ويمنح القانون المنظمات غير الربحية 90 يومًا لتقديم وثائق تثبت براءتها من تهمة "تمويل الإرهاب" قبل أن تصدر وزارة الخزانة قرارها النهائي. كما يُتيح القانون للمنظمات الحق في الاستئناف ضد القرار أمام المحاكم، لكن هذه الإجراءات قد تستنزف مواردها.
من جهتها، صرّحت راما كديمي، عضو مركز العمل من أجل العرق في العاصمة واشنطن، لموقع "العربي الجديد": "هذا التشريع الذي يخطط مجلس النواب لتمريره يهدد منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الربحية في الولايات المتحدة بما يتعارض مع حقوق التعديل الأول (للدستور الأميركي) وحرية التعبير والحق في التنظيم". وأضافت: "تمرير هذا القانون في هذه اللحظة، خاصة مع احتمال فوز (دونالد) ترامب بالرئاسة، سيُمكّنه من استهداف أي منظمة لا يتفق معها".
وأشارت كديمي إلى أن التشريع قد يؤثر حتى على وسائل الإعلام الأميركية التي تعمل كمنظمات غير ربحية، موضحة: "إذا كتبتَ شيئًا ضد ترامب، فإنه يملك السلطة لإغلاق منظمات والتأثير عليها". وأكدت أن التشريع "سيضر بمنظمات العدالة وحقوق السكان الأصليين والمناخ وغيرها"، معتبرة أن "من العار على أي ديمقراطي تأييد تشريع كهذا".
الناخبون المسلمون مستاؤون من اختيارات #ترامب لإدارته ويعتبرون ذلك خذلانًا من جانبه لحركة مؤيدي السلام ومناهضي الحرب.
اقرأ أكثر: https://t.co/A3YTZCPeiO pic.twitter.com/95mddBzpm8
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 17, 2024
من جانبها، أكدت النائبة الديمقراطية نيكيما وليامز، في تدوينة عبر منصة "أكس"، أنها ستصوّت بـ"لا" على مشروع القانون، محذّرة من أن الموافقة عليه ستمنح "دونالد ترامب سلطة تقييد الحقوق الدستورية للأفراد والمجموعات التي يعتبرها أعداء له". كما انتقدت النائبة الديمقراطية ذات الأصول الفلسطينية، رشيدة طليب، الديمقراطيين الذين صوتوا لصالح القانون، مؤكدة أنه "لن تكون هناك أي منظمة آمنة، مثل الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين، الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، ومنظمة تنظيم الأسرة".
وفي تصريحاته، قال مدير الشؤون الحكومية في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، روبرت مكاو، عقب طرح مشروع القانون للتصويت الأسبوع الماضي: "إن القانون يستخدم وزارة الخزانة بشكل خطير لاستهداف المنظمات غير الربحية ودور العبادة المسيحية، اليهودية، أو الإسلامية التي تدعم الحقوق الفلسطينية واللبنانية أو تنتقد الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل".
وأضاف مكاو: "إن السماح بمثل هذه السلطة الشاملة وغير المقيّدة يشكّل سابقة خطيرة، إذ يتيح للحكومة استهداف وقمع الأصوات المعارضة تحت ستار الأمن القومي". وأكد أن "هذا ليس مجرد هجوم على مجتمعاتنا، بل تهديد أساسي لحرية التعبير والديمقراطية"، وفقًا لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني.