تراهن مصر على استضافة قمة المناخ COP27 المقرر عقدها في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل في شرم الشيخ على البحر الأحمر، لكي تعزز دورها السياسي في المنطقة على الرغم من سجلها الحقوقي المتدهور. فمنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة، قام نظامه بقمع وإسكات كل أطياف المعارضة، ومنع المعارضين من التعبير عن رأيهم على الوسائل المسموعة والمكتوبة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، كما لم يترك أي مجال للصحافة الحرة للتعبير عن رأيها.
تراهن مصر على استضافة قمة المناخ COP27 المقرر عقدها في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، لكي تعزز دورها السياسي في المنطقة على الرغم من سجلها الحقوقي المتدهور
في هذا الإطار، حذرت 36 منظمة حقوقية مصرية وأفريقية ودولية من بينها منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش في بيان لها من أن "القيود على حق التظاهر وحرية التعبير في مصر يمكن أن تمنع مشاركة كاملة ونشطة للمجتمع المدني في القمة". وانتقدت المنظمات الموقعة على البيان تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" تحدث فيها عن أن الحكومة المصرية ستسعى إلى أن تكون التظاهرات، وهي نشاط رئيسي في قمم المناخ، داخل مبنى شيد لهذا الغرض.
وأثارت تصريحات شكري قلق المنظمات الحقوقية حيال ما يمكن أن يترتب عليه ذلك، ويؤثر على النشاط السلمي في القمة. وأشار البيان "بالنظر إلى القيود الحالية على الاحتجاج والتجمع في مصر التي ترقى إلى تجريمهما الفعلي، توحي تعليقات وزير الخارجية ضمنًا إلى أن السلطات المصرية لن تتسامح مع الاحتجاج خارج هذا المكان المحدّد من الحكومة". وذكرت المنظمات أنه "بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعايير الحقوقية يجب تسهيل تنظيم المظاهرات كقاعدة عامة على مرأى ومسمع جمهورها المستهدف، وينبغي على السلطات المصرية أن تسمح من دون قيد أو شرط بتنظيم الاحتجاجات والتجمعات السلمية قبَيْل مؤتمر كوب 27، بما في ذلك في القاهرة العاصمة المصرية، ومدن أخرى". مشيرة إلى أن "هذه الشروط غير متوافرة في بلد يوجد به نحو 60 ألف سجين سياسي"، مطالبة "الدول المشاركة في المؤتمر بالضغط على السلطات المصرية لتأمين مشاركة آمنة ومفيدة للمجتمع المدني حتى ينجح المؤتمر".
ففي العام 2013 أصدرت السلطات المصرية "القانون رقم 7 لعام 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، الذي يمنح قوات الأمن حرية منع التظاهرات، واستخدام القوة غير الضرورية والمفرطة ضد المتظاهرين السلميين". وقالت المنظمات الحقوقية في بيانها إن "السلطات استخدمت هذا القانون، بالإضافة إلى قانون الحقبة الاستعمارية الجائر رقم 10 لعام 1914 بشأن التجمعات، لمقاضاة آلاف المتظاهرين السلميين في محاكمات جماعية ظالمة بشدة، كما استخدمت قوات الأمن، بصورة مستمرة، القوة غير القانونية، والقاتلة في بعض الأحيان، والاعتقالات الجماعية لفض المظاهرات".
وعددت المنظمات عددًا من الوقائع لقيام قوات الأمن المصرية باعتداءات تعسفية بحق النشطاء، كما لم يقتصر الأمر على التضييق على النشاطات المناهضة لها، بل إن السلطات المصرية لم تتسامح حتى تجاه الاحتجاجات والمظاهرات التي لا تستهدفها أو لا تنتقدها، مشيرين إلى حادثة الاعتداء على وقفة سلمية لسودانيين احتجاجًا على مقتل طفل سوداني على يد رجل مصري. حيث تم اعتقال المحتجين وتوجيه إليهم الشتائم والعبارات العنصرية من قبل رجال أمن مصريين، بالإضافة لحادثة أخرى حين اعتقلت قوات الأمن المصرية ما لا يقل عن 30 ناشطًا سودانيًا نظموا احتجاجات في مقر مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بالقاهرة، وتعدّت عليهم بالضرب وأخضعتهم للعمل القسري. كما دعت المنظمات الحقوقية السلطات المصرية إلى "إطلاق سراح أي شخص محتجز تعسفيًا لمجرد ممارسته السلمية لحقوقه الإنسانية أو بسبب دينه أو هويته الجندرية أو ميوله الجنسية"، وشددت على السلطات المصرية بضرورة "تعديل التشريعات بحيث تتماشى مع التزامات مصر بموجب القانون الدولي".
يذكر أن مؤتمر المناخ يجمع الدول الأطراف في "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ" بالإضافة إلى آلاف الخبراء والصحفيين وممثلي الشركات والمجموعات غير الحكومية، ويشكل فرصة مهمة للمجتمع الدولي للالتقاء ومناقشة العمل المناخي الطموح القائم على الحقوق.