أحال وكيل الجمهورية في موريتانيا، مساء يوم الجمعة السادس عشر من أكتوبر/تشرين الأول، خمسة نشطاء موريتانيين إلى السجن استعدادًا لمحاكمتهم، على خلفية مشاركتهم في وقفة احتجاجية منددة بتعامل وزارة الصحة مع مرض "حمى الضنك" الذي تفشى في موريتانيا منذ أشهر واحتجاجًا على الأوضاع الصحية في البلاد. وأودت "حمى الوادي المتصدع" أو "حمى الضنك"، إلى حد الآن، بحياة ثمانية مواطنين حسب إحصاءات وزارة الصحة، وهو ما خلق حالة من الغضب في أوساط المواطنين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.
احتج النشطاء على خلفية صمت وزارة الصحة أمام تفشي مرض "حمى الضنك" في موريتانيا منذ أشهر
وكان الأمن الموريتاني قد اعتقل اثني عشر ناشطًا من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية يوم الأربعاء الرابع عشر من أكتوبر/تشرين الأول، أطلق سراح سبعة منهم وأبقى على البقية. يقول الناشط مزيد ولد الشيخ، وهو أحد المشاركين في الوقفة الاحتجاجية، لـ"ألترا صوت": "قامت الشرطة بضرب واعتقال من وجدتهم أمام وزارة الصحة حتى الذين لم يشاركوا في التظاهرة المنددة بصمت الوزارة إزاء تفشي الحمى ثم اقتادوهم إلى جهة مجهولة ليطلقوا سراح بعضهم ويتم احتجاز البقية وإحالتهم إلى السجن في تعد سافر على القانون".
اقرأ/ي أيضًا: الحمى النزيفية تؤجل الدراسة في موريتانيا
وأحال وكيل الجمهورية المعتقلين إلى السجن بتهمتي "التجمهر غير المسلح الذي من شأنه الإخلال بالهدوء العمومي" وعقوبتها السجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات والاعتداء على موظفين عموميين خلال تأديتهم لوظائفهم، وعقوبتها السجن من شهر إلى ثلاث سنوات، طبقًا للمواد 101 و102 و212 من القانون الجنائي الموريتاني.
يؤكد محمد المامي ولد مولاي أعل، محامي النشطاء المعتقلين، لـ"ألترا صوت" أنه غير مقتنع بصواب التهم الموجهة للناشطين. ويضيف: "أعتقد أن التهم جانبت الصواب لأنه من الواضح أن الشباب كانوا سلميين، ومن الواضح أيضًا أن دوافعهم غير إجرامية بل على العكس هي دوافع نبيلة تهدف إلى تنبيه السلطات إلى خطر الوضعية الصحية في البلد". واعتبر ولد مولاي أعل أن "اعتقال نشطاء شباب لمجرد أنهم عبروا عن رأيهم بشكل سلمي يعد انتكاسة في مجال الحريات في موريتانيا، خصوصًا حرية التعبير وحرية الاجتماع المكرسين وفق المادة 10 من الدستور الموريتاني".
اعتقل الأمن الموريتاني اثني عشر ناشطًا من المشاركين في الوقفة الاحتجاجية أمام وزارة الصحة
وجوبه اعتقال النشطاء بانتقادات شديدة من قبل الأحزاب المعارضة والهيئات الحقوقية والحركات الشبابية الموريتانية. أصدرت أحزاب تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم وحركة 25 فبراير والمرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، بيانات اعتبرت أن ما حدث "تعديًا سافرًا على حقوق الإنسان والحريات في موريتانيا وطالبوا بإطلاق سراح النشطاء". وصرح رئيس المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، عبد الله ولد بيان لـ"ألترا صوت": "أعتقد أن الحريات العامة في موريتانيا تشهد تراجعًا كبيرًا في ظل النظام الحالي، وأن سنة 2015 تمثل ذروة التدهور".
ويوضح ولد بيان: "اعتقال هؤلاء الشباب حلقة جديدة من حلقات مسلسل فبركة التهم واستغلال القضاء من أجل تصفية الخصوم وإسكات الأصوات الرافضة للظلم، إذ شهدت بداية هذه السنة الحكم التعسفي على بيرام ولد اعبيدي رئيس حركة "ايرا" المناهضة للعبودية ونائبه، ثم تلت ذلك انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان، من قبيل القمع الوحشي للمظاهرات السلمية والتعذيب داخل مفوضيات الشرطة والاعتداء على الصحفيين والحجر على البرامج الإذاعية". ويتخوف الموريتانيون من أن تتحول المؤسسات، التي يرجى منها حماية القانون، إلى أداة للتسلط ولإرهاب المواطنين والحد من حرياتهم.
ويطالب ولد بيان بـ"ضرورة تكاتف المواطنين من أجل الوقوف في وجه هذا الوضع وإفشال هذه السياسة القمعية، وعدم الاستسلام لأساليب التخويف والإرهاب، وذلك بمتابعة الاحتجاجات السلمية، لصالح قضايا المظلومين و المهمشين، والاستمرار في ممارسة الحق المشروع في حرية التعبير والتظاهر".
اقرأ/ي أيضًا:
إيقاف أشهر برنامج إذاعي بموريتانيا
أن تكون ضد العبودية في موريتانيا