الترا صوت – فريق التحرير
بدأ لاجئون سوريون قبل أيام العمل على محاولات جديدة لتقديم رئيس النظام السوري بشار الأسد للمحاكمة دوليًا، بالاستناد لتقارير حقوقية، وشهادات للاجئين سوريين على عمليات القتل والتعذيب والإخفاء القسري التي مارسها النظام السوري، بعد تقديمهم وثائق لمحكمة الجنايات الدولية تثبت ارتكاب قوات النظام مجازر في سوريا.
يرى مراقبون أن فرصة تقديم رموز النظام السوري للمحاكمة دوليًا لا تزال ضعيفة، بسبب وقوف روسيا التي تحاول أن تعجل من مسار الحل السياسي، وتسعى لأن تجد مخرجًا قانونيًا للأسد من المحاكمة دوليًا
محامون بريطانيون يقومون بالإشراف على القضية
الملفات التي جرى تقديمها لمحكمة الجنايات الدولية تحوي شهادات 28 لاجئًا سوريًا يقيمون حاليًا في المخيمات الأردنية، بالتنسيق مع المحامي البريطاني رودني ديكسون، الذي أشار إلى أن المحامين البريطانيين يسعون من خلال هذه القضية لتحقيق "انفراج حقيقي بالنسبة للضحايا السوريين"، بعد مضي تسعة أعوام دون أن تتم محاسبة المسؤولين عن ارتكاب المجازر في سوريا.
اقرأ/ي أيضًا: إجرام السلطة وقتلتها الكثر.. محرقة سوريا نموذجًا!
فقد تضمنت شهادة أحد الضحايا، بحسب ما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية، تفاصيل عن تعرض ابنه للتعذيب بسبب رفضه الذهاب للقتال إلى جانب قوات النظام السوري، فيما تحدث الشخص الذي قدم شهادته، ورفض الكشف عن هويته، أيضًا عن تعرضه للمضايقة من قبل النظام السوري بسبب عمله التطوعي في مدينة حمص لعلاج المصابين خلال المظاهرات برصاص قوات النظام عام 2012، كما أنه وثق شهادات لنساء تعرضن للاغتصاب في سجون النظام السوري.
ووفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، فقد تم توثيق مقتل أكثر 198 ألف مدني منذ آذار/مارس 2011 حتى الآن، كما أن الشبكة وثقت إخفاء أكثر من 81 ألف مدني خلال نفس الأعوام في سجون النظام السوري، وقالت في تقرير منفصل بمناسبة يوم المرأة العالمي إنها سجلت مقتل أكثر 21 ألف امرأة، بالإضافة لتوثيقها تعرض أكثر من ثمانية آلاف امرأة للعنف الجنسي.
أوروبا تبدأ ملاحقة ضباط الأسد
وفي خطوة جديدة ضمن المسار الحقوقي الذي يسعى المجتمع الدولي فيه لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا، بدأت ألمانيا بملاحقة الأسماء المتهمة بارتكاب جرائم حرب، فقد اعتقلت الشرطة الألمانية منتصف شباط/فبراير الفائت ضابطين اثنين كانا يخدمان في فرع المخابرات العامة السورية، بناء على اتهامات موجهة ضدهما لارتكابهما "التعذيب المنهجي والوحشي"، بالإضافة لاعتقال الشرطة الفرنسية رجلًا ثالثًا كان يخدم إلى جانب الضابطين عينهما في فرع المخابرات العامة.
كما أرسلت ألمانيا الشهر الماضي مذكرًة رسمية للحكومة اللبنانية تطالبها بتسليم رئيس فرع المخابرات الجوية جميل الحسن لاتهامه بارتكاب جرائم قتل وتعذيب، وجاءت المذكرة الألمانية بناء على تقارير تشير إلى تواجد الحسن في إحدى المستشفيات اللبنانية لتلقي العلاج، ووفقًا لتقارير صحفية فإن الحسن هو صاحب فكرة إلقاء البراميل المتفجرة التي تم إسقاطها على المناطق المدنية الخارجة عن سيطرة النظام السوري.
وحظيت المذكرة الألمانية بتأييد واشنطن التي أعربت في بيان صادر عنها عن ترحيبها بـ"أي قرار تتخذه الحكومة اللبنانية لتسهيل التسليم القانوني للواء السوري جميل الحسن إلى ألمانيا"، ويأتي حراك واشنطن الأخير بالتزامن مع مصادقة مجلس النواب الأمريكي على قانون قيصر لحماية المدنيين عام 2019 وقانون "لا مساعدة للأسد".
إلا أن القانونين لم يحظيا بموافقة مجلس الشيوخ الأمريكي، بعدما صوت السناتور الجمهوري راند بول ضدهما، ويعرف عن بول المقرب من اللوبيات الإسرائيلية، رفضه الدائم لتدخل الولايات المتحدة في سوريا ضد النظام السوري، وقام بالتغريد لأكثر من مرة معبرًا عن ذلك، كان منها عندما تعرضت مدينة خان شيخون بريف إدلب للهجوم بالسلاح الكيميائي، حيث كتب عبر حسابه "بينما ندين جميعًا الفظائع في سوريا، لم تتعرض الولايات المتحدة للهجوم".
هل يتفق المجتمع الدولي على محاكمة مرتكبي الجرائم في سوريا؟
مطلع الشهر الجاري، قالت منظمة الأسلحة الكيميائية إن محققين تابعين لها توصلوا لنتائج تثبت استخدام السلاح الكيميائي في نيسان/أبريل الفائت في مدينة دوما بريف دمشق، وعلى الرغم من عدم اتهام المحققين لأي طرف من الأطراف السورية المتحاربة، فإنهم أشاروا إلى أن المادة الكيميائية المستخدمة هي "الكلور الجزيئي".
ومنذ آب/أغسطس 2013 قام النظام السوري باستخدام السلاح الكيميائي لأكثر من 30 مرة بنسب متفاوتة ضد المناطق الخارجة عن سيطرته، ما دفع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعطاء الموافقة على تنفيذ ضربات جوية ضد النظام السوري ردًا على استخدامه للسلاح الكيميائي في قصف مدينة خان شيخون في نيسان/أبريل عام 2017.
اقرأ/ي أيضًا: إعلان موسكو..عزل الأزمة السورية خارجيًا
ويرى مراقبون أن فرصة تقديم رموز النظام السوري للمحاكمة دوليًا لا تزال ضعيفة، بسبب وقوف روسيا التي تحاول أن تعجل من مسار الحل السياسي، وتسعى لأن تجد مخرجًا قانونيًا للأسد من المحاكمة دوليًا، إلى جانب الضباط المسؤولين عن ارتكاب الجرائم، رغم تقديم وثائق وشهادات تثبت ارتكاب النظام السوري للمجازر في المناطق الخارجة عن سيطرته.
منذ آب/أغسطس 2013 قام النظام السوري باستخدام السلاح الكيميائي لأكثر من 30 مرة بنسب متفاوتة ضد المناطق الخارجة عن سيطرته، ما تسبب بآلاف الضحايا المدنيين
ولذلك فإن التقارير التي تطالب بمحاكمة الأسد إلى جانب الضباط المسؤولين عن ارتكاب جرائم تعذيب وقتل وإخفاء قسري في سوريا، تشهد انقسامًا دوليًا، ففي الوقت الذي يسعى الاتحاد الأوروبي للمضي في عملية المحاسبة دوليًا، تقف روسيا والصين في الطرف المدافع عن النظام السوري، فقد استخدمت الدولتان الحليفتان للأسد منذ عام 2011 حق النقض لأكثر من عشر مرات، لعرقلة قرارات أممية لمحاسبة أو إدانة النظام السوري بارتكابه جرائم ضد الإنسانية.
اقرأ/ي أيضًا: