21-أبريل-2019

تعد المنطقة العربية من الأسوأ بالنسبة لحريات الصحافة (Getty)

من حافة الهاوية إلى الهاوية نفسها، هكذا تحدثت كل مؤشرات التقرير العالمي لحرية الصحافة الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود لعام 2019. كراهية كاملة للصحافيين، ملاحقات ومطاردات وضحايا، والكثير من التهديدات بالقتل.

مؤشر حرية الصحافة في 2019: العالم العربي ما يزال الأخطر على الصحفيين!

كشف مؤشر مراسلون بلا حدود الستار عن أوضاع كارثية وصلت لها معدلات العنف ضد الصحفيين في المنطقة العربية، التي تعد من الأسوأ في التعامل مع الصحفيين

حاول التقرير تقديم معلومات وإحصاءات، من أجل الإجابة عن سؤال شاغل، حول الكيفية التي تحولت الكراهية الكاملة للصحفيين فيها حول العالم إلى عنف؟ وكيف تحولت مناطق كانت تعد آمنة للصحفيين إلى مناطق أقل أمنًا مع تزايد التجاوزات الحقوقية والانتهاكات؟ وكيف واصلت الأنظمة الاستبداية تشديد قبضتها على وسائل الإعلام في البلدان ذات الطابع المركزي الشمولي أو السلطوي؟

اقرأ/ي أيضًا: الصحافة في مصر.. تهمة كافية

كشف مؤشر مراسلون بلا حدود الستار عن أوضاع كارثية وصلت لها معدلات العنف ضد الصحفيين في المنطقة العربية، التي تعد من بين الأسوأ في التعامل مع الصحفيين وفي الانتهاكات ضدهم، على مستوى العالم أجمع.

في هذا السياق يصرح الأمين العام لمراسلون بلا حدود، كريستوف دايلور، بقوله: إذا كان النقاش السياسي ينزلق ضمنًا أو علنًا، نحو أسلوب الحرب الأهلية، حيث يتم التعامل مع الصحفيين على أنهم كبش فداء، فإن الديمقراطية والصحفيين في خطر محدق". مضيفًا أن "وقف هذه الحلقة من الخوف والترهيب هي مسألة ذات أهمية قصوى للجميع خاصة لأصحاب النوايا الحسنة الذين يقدرون الحريات المكتسبة على مدار التاريخ".

المنطقة العربية: عنوان قمع الصحافة

كانت أفريقيا أفضل بقليل من المنطقة العربية التي ما تزال تصنف على أنها المنطقة الأكثر خطرًا على الصحفيين في العالم، حيث يذكر التقرير أنه على الرغم من تناقص عدد الصحفيين الذين تم قتلهم في سوريا  المصنفة في الدرجة 174 في قائمة البلدان الـ180 المشمولة في التقرير، إلا أنه بلد لا يزال يشكل تهديدًا كبيرًا على الصحفيين، وكذلك هو الحال تمامًا في اليمن التي هبطت درجة واحدة في التصنيف، بما لا تتغير الحال كثيرًا في ليبيا أيضًا، التي تحتل المركز 162 في القائمة.

غير أن البلدان العربية ليست الوحيدة في المنطقة، خاصة من ناحية الاعتقال التعسفي، حيث لا تزال إيران التي تراجعت 6 مراكز لتشغل المركز 170 على مستوى العالم، توصف أنها أكبر سجن للصحفيين، ويتناول التقرير مصر التي انخفضت في المؤشر الجديد مركزين لتشغل المركز 163 مع السعودية في المركز 172 والبحرين التي باتت تقبع في المركز 167.

كثيرون من الصحفيين تم اعتقالهم دون محاكمات، أما من يعتقلون ويحاكمون فإنهم يدخلون سلسلة طويلة من الإجراءات التي لانهاية لها كما هو الحال في المغرب التي تحتل المركز 135. أما الاستثناء الوحيد لهذه القائمة السوداء فهي تونس، التي تحسنت فيها كثيرًا أحوال الصحفيين لترتفع خمسة مراكز وتحتل المركز 72 بين 180 دولة على مستوى العالم. ولا يزال الصومال الذي يقبع في المركز 164 البلد الأكثر دمويةً إفريقيًا بالنسبة للصحفيين.

تورط بحجم أنظمة

في الحديث عن المنطقة العربية، تقاسمت الدول تعليقات التقرير عن القمع والانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون هناك، بينما تصدر دول القائمة كمصر مثلًا، التي علقت المنظمة على نظام الاعتقالات وإجراءات الحبس فيها على أنها الأكثر غموضًا وافتقارًا للشفافية.

ويخرج هذا التقرير إلى النور في الوقت الذي منعت فيه السلطات المصرية الوصول إلى ما يقرب 34000 مجال "دومين" انترنت، في محاولة واضحة للقضاء على حملة "باطل" التي رفضت التعديلات الدستورية في مصر التي تم الاستفتاء عليها هذه الأيام. كان ضمن المواقع التي تم حجبها بسبب ما فعلته السلطات من عمليات حجب بالجملة، مواقع شركات ناشئة بارزة في مجال التكنولوجيا، ومواقع المساعدة الذاتيةSelf Help Webstites، وصفحات المشاهير الرئيسية، وعشرات من مشاريع التكنولوجيا مفتوحة المصدر. وتشير النتائج التي تناولتها بعض المواقع المتخصصة أن الحكومة المصرية ربما تكبدت أضرارًا جانبية كبيرة لأنها تسعى إلى تقييد المحتوى عبر الإنترنت المتعلق بالحملة.

في السعودية، كان لاغتيال جمال خاشقجي الأثر الأكبر على إحراج النظام السعودي عالميًا، حيث هبط مؤشر حرية الصحافة الخاص بالمملكة الذي لم يكن أصلًا في أفضل أحواله لتحتل المملكة المرتبة 172 ولتصبح حسب تعبير المنظمة "واحدة من أسوأ عشر دول في العالم للصحفيين".  أما بالنسبة لسوريا فقد شهد العام الماضي مقتل صحفيين هما رائد فارس وحمود جنيد، وهي أيضًا واحدة من البلدان التي تعتبر الإفلات من العقاب القاعدة، حيث لم يتم تقديم أي شخص حتى الآن للعدالة بتهمة مقتل الصحفيين.

بينما في اليمن توفي الصحفي أنور الراكان بسبب الأمراض الناجمة عن سوء المعاملة التي تعرض لها خلال ما يقرب من عام من الاعتقال من قبل جماعة الحوثي من اليمن.

في حين لم يكن الحال بأحسن من ذلك في فلسطين المحتلة من باقي المنطقة العربية حيث استشهد العام الماضي الصحفيان ياسر مرتجى وأحمد أبو حسين برصاص قناصة إسرائيليين أثناء تأدية عملهما في تغطية مسيرات العودة، وطالبت وقتها منظمة مراسلون بلا حدود المحكمة الجنائية بالتحقيق في الأمر.

التوتر المتصاعد ضد الصحفيين عالميًا، لا يمكن الحديث عنه دون ذكر ما حدث في الولايات المتحدة التي تعتبر اليوم، بوجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أحد المغذين الأساسيين للعدائية المنتشرة ضد الصحافة حول العالم، والتي انخفضت في مؤشر حرية الصحافة ثلاثة مراكز لتحتل المركز 48، حيث صُنفت الولايات المتحدة على أنها منطقة برتقالية أي "إشكالية " بالنسبة للحريات الصحفية.

اقرأ/ي أيضًا: الإعلام التونسي في 2017.. مكاسب في خطر

إذ أورد التقرير أنه "لم يسبق أن تعرض الصحفيون الأمريكيون للكثير من التهديدات بالقتل أو لجؤوا في كثير من الأحيان إلى شركات الأمن الخاصة طلبًا للحماية، ولعل أحد العوامل التي أدت إلى ذلك ما حدث في غرفة أخبار الجازيت العام الماضي في حزيران/يونيو، حيث قام أحد المسلحين بفتح النار على الصحفيين المتواجدين في المكان ليقتل أربعة منهم.

لا يمكن الحديث عن التوتر المتصاعد ضد الصحفيين عالميًا، دون ذكر ما حدث في الولايات المتحدة التي تعتبر اليوم، بوجود ترامب، أحد المغذين الأساسيين للعدائية المنتشرة ضد الصحافة

كانت خلاصة التقرير بطبيعة الحال، أن الصحافة لا تزال تقف غصة قوية في حلق الأنظمة، التي ترى أن الحلول الوحيدة لمواجهة الكلمة الحرة رفع السلاح أوالاعتقال أو التهديد بالقتل أو حجب المواقع الصحفية في أحسن الأحوال.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"كوابيس السلطة الرابعة".. كيف تغيرت الصحافة العربية في 2017؟

أبوظبي على لسان سفيرها في موسكو: حرية الصحافة والتعبير ليست لنا