26-يناير-2018

تقع جزيرة باديس نحو 30 كلم من الحسيمة (إغناثيو غافيرا/Getty)

غير سبتة ومليلية، هناك العديد من الجزر المغربية المحتلة اليوم، والتي تغيب عن معارف كثير من المغاربة والعرب، لنتعرف عليها معًا في هذا التقرير.

تقع الجزر الجعفرية قبالة المغرب مباشرة على بعد 3,3 كيلومتر فقط من مدينة راس الماء المغربية، ومع ذلك فهي تحت السيطرة الإسبانية

1- جزيرة البران

البران هي جزيرة صغيرة تقع على بعد 50 كلم من الساحل المغربي الشمالي و90 كم من الساحل الإسباني الجنوبي، لا تتعدى مساحتها 7 هكتارات، وهي عبارة عن منصة مسطحة ترتفع قمتها إلى 15 متر من سطح البحر، وسميت بذلك الاسم نسبة إلى بحر البران داخل البحر الأبيض المتوسط غربًا.

ورغم أنها أقرب إلى حدود المغرب من جارته الشمالية، إلا أنها ظلت في ملكية الإسبان منذ القرن السادس عشر إلى الآن، بصفتها تابعة لمقاطعة ألميريا، وإن كان المغرب يطالب بها أحيانًا.

كانت الجزيرة قديمًا في ملك القراصنة التونسيين، لكن إسبانيا أخذتها منهم بعد أن هزمتهم في معركة البران سنة 1540، ومنذ ذلك الحين استخدمها الإسبان لأغراض عسكرية مختلفة، كما حدث خلال فترة الاستعمار وإبان الحرب العالمية الثانية، وإلى اليوم تتخذها حامية عسكرية صغيرة تابعة للبحرية الإسبانية مقرًا لها وتضم منارة للمراقبة.

جزيرة البران

2- الجزر الجعفرية

تدعى أيضًا جزر الشفارين (أي اللصوص) والزفارين ( zafarin كلمة إسبانية تعني الذهب)، وهي مجموعة من ثلاثة جزر (جزيرة الكونغرس، جزيرة إسلا إزابيل، وديل ري)، تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي نصف كلم مربع، تقع قبالة المغرب مباشرة على بعد 3,3 كيلومتر فقط من مدينة راس الماء المغربية، ومع ذلك فهي تحت السيطرة الإسبانية.

كانت الجزر في البداية غير مأهولة ولم يكن يطالب بها أحد، لكن بدءًا من سنة 1830 مع موجة الاستعمار الأوروبي، بدت مطامع كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا حولها لكونها منطقة عسكرية استراتيجية، إلا أنه لا أحد منهم كان يرغب في الدخول في مواجهة، خاصة مع تزايد حدة التنافس الأوروبي آنذاك، وفي سنة 1948 قررت الحكومة الفرنسية كسر الجمود، وأرسلت إليها من وهران سفينة تحت قيادة المارشال ماكماهون من أجل احتلال الجزر، فعلم الإسبان بنية الفرنسيين فأرسلوا سريعًا سفينة حربية استولت على الجزر باسم الملكة إيزابيل الثانية قبل وصول الفرنسيين.

ومنذ ذلك الحين ظلت في ملك الإسبان وإن كانت محاذية للمغرب، يقارب عدد سكانها اليوم الألف نسمة بين مدنيين وعسكريين، وتحتضن 9 أنواع من الأحياء البحرية المهددة بالانقراض.

الجزر الجعفرية

اقرأ/ي أيضًا: عطش في الجنة! نظرة على واقع شح المياه في أجمل جزر العالم

3- جزر الكناري

جزر الكناري، هي أرخبيل من 17 جزيرة، تقع على بعد 100 كيلومترًا غرب المغرب في ساحله الأطلسي، ومع أنها تبعد عن شبه الجزيرة الإيبيرية أكثر من ألف كلم إلا أنها تابعة للدولة الإسبانية، يقطنها حوالي مليوني شخص في مساحة تقدر بسبعة آلاف كلم مربع، وهي منطقة تخضع للحكم الذاتي.

ويضم أرخبيل الكناري سبعة جزر رئيسة وهي (من الأكبر إلى الأصغر في المنطقة): تينيريفي، فويرتيفنتورا، غران كناريا، لانزاروت، لا بالما، لا غوميرا و إل هيرو، بالإضافة إلى جزر أخرى صغيرة، يزورها ما يقرب عن 12 مليون زائر سنويًا، وذلك بفضل طبيعتها الخلابة ومناخها الاستوائي المعتدل.

في التاريخ القديم، يعتقد أنها كانت محط زيارة الفينيقيين والإغريق والقرطاجيين، وتذكر المراجع التاريخية أن الملك يوبا الثاني لمملكة نوميديا الأمازيغية أرسل سفينة لاستكشافها ووجد الجزر غير مأهولة، لكنه وجد معبدًا حجريًا وأطلال مباني. ووفقًا لعدة دراسات جينية أجريت في عام 2000 على بقايا مومياوات، تبين أن السكان الأصليين للجزر، المسمون "غوانش"،  ينحدرون إلى سكان من شمال غرب أفريقيا.

ولم يطأ الإسبان جزر الكناري إلا في القرن الخامس عشر، عندما انتزعتها مملكة قشتالة من البرتغاليين والسكان الأصليين، ومنذئذ أصبحت الجزر نقطة توقف الغزاة الإسبان والتجار والمبشرين في طريقهم إلى العالم الجديد، وقد جلب هذا الطريق التجاري ازدهارًا للمجتمعات الساكنة هناك، وسرعان ما بدأت تجذب التجار والمغامرين من جميع أنحاء أوروبا، وشيدت بها القصور البديعة والكنائس المزخرفة والمباني الرائعة، لكن غناها جعلها صيدًا مغريًا على مدار عقود لهجمات القراصنة وأساطيل الهولنديين والجزائريين والبريطانيين، حتى أن وينستون تشرشل أعدّ خططًا للاستيلاء عليها كقاعدة بحرية، إلا أنها ظلت باقية تحت سيطرة الإسبان.

وفي عام 1968، إبان الحرب الإسبانية الأهلية، ظهرت حركة مسلحة تابعة لشمال إفريقيا بالجزر، وقد اعترفت منظمة الوحدة الأفريقية بـ"الحركة الإسلامية للاستقلال الأفريقي في أفريقيا" بوصفها حركة استقلال أفريقية مشروعة، وأعلنت أن جزر الكناري إقليم أفريقي لا يزال خاضعًا لحكم أجنبي، وبعد تأسيس نظام دستوري في إسبانيا، تم منح الحكم الذاتي للكناريين من خلال قانون صدر في عام 1982، ولا تزال إلى اليوم الحدود الدولية لجزر الكناري موضوع نزاع بين إسبانيا والمغرب.

جزر الكناوي

اقرأ/ي أيضًا: تيران وصنافير.. الوقائع والخرائط والتاريخ!

4- جزيرة ليلى

كادت جزيرة تورة أن تتسبب في اندلاع حرب بين المغرب والإسبان سنة 2002  لولا تدخل الولايات المتحدة التي أشرفت على إبرام اتفاق يقضي ببقائها مهجورة من أي وجود مدني أو عسكري

وتسمى أيضًا جزيرة تورة أو جزيرة المرجان أو جزيرة المعدنوس، وهي جزيرة صخرية صغيرة، غير مأهولة، لا تتعدى مساحتها 15 هكتارًا، تبعد 200 كلم من الساحل المغربي، وعلى بُعد بضعة كيلومترات غرب سبتة المحتلة، كادت أن تتسبب في اندلاع حرب بين المغرب والإسبان سنة 2002.

استولت البرتغال على الجزيرة في عام 1415 جنبًا إلى جنب مع غزو سبتة، على الجزيرة المجاورة من المغرب، ثم أصبحت تحت سيطرة الملك فيليب الأول، الذي كان ملكًا للإسبان والبرتغال في نفس الآن، وعندما انقسم اتحاد البلدين سنة 1640، بقيت الجزيرة في ملك إسبانيا، إلى أن رفعت الأخيرة راية الاستعمار عن شمال المغرب في عام 1956، ليعتبر المغرب الجزيرة في ملكه باعتبارها داخل مياهه الإقليمية، لكن ظلت فارغة.

وفي صباح يوم 18 تموز / يوليو 2002، أطلقت إسبانيا عملية "روميو – سيرا" للسيطرة على الجزيرة عسكريًا، بعد أن وطئها جنود طلاب بحرية مغربية، فقاموا بالسيطرة على الجزيرة وألقوا القبض على الجنود المغاربة، ونقلوهم بطائرة هليكوبتر إلى مقر الحرس المدني في سبتة، ثم إلى الحدود المغربية، لتتأهب قوات البلدين للحرب، لولا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية التي أشرفت على إبرام اتفاق بين الجارين، بموجبه يتم الحفاظ على الوضع السابق للجزيرة الذي كان قائماً، كجزيرة مهجورة من أي وجود مدني أو عسكري لأي بلد.

جزيرة ليلى

5- جزيرة باديس

جزيرة باديس أو جزيرة القميرة وهي صخرة متصلة بالشاطئ المغربي "برزخ رملي" المطل على البحر الأبيض المتوسط، على بعد نحو 30 كلم من الحسيمة، تخضع مباشرة لحكومة مدريد، ولا يقطنها أحد سوى عدد قليل من الجنود الإسبانيين، ولا أحد يفهم لماذا إسبانيا تصر على التمسك بهذه القطعة الصخرية منذ قرون، رغم أنه ليس بها موارد أو لها أهمية استراتيجية.

خضعت لسيطرة الإسبان منذ بداية القرن السادس عشر، وفي عام 1522 شن علي أبو الحسن، الذي سيصبح حاكمًا على مملكة فاس فيما بعد، هجومًا على الجزيرة مما أسفر عن مقتل الحامية الإسبانية بأكملها، ثم قدمها للقوات العثمانية التي ساعدته في الحصول على مدينة العرائش، قبل أن يستعيد الإسبان الجزيرة من جديد في سنة 1564.

وفي صباح يوم 29 أغسطس/ آب 2012، وضع سبعة نشطاء مغاربة من "لجنة تحرير سبتة ومليلة" أعلام المغرب على الصخرة، فاعتقل الجنود الإسبان بعضهم فيما هرب البقية.

جزيرة باديس

 

اقرأ/ي أيضًا:

جزائريو كاليدونيا الجديدة.. حنين من وراء البحار

ما هي أفضل الأماكن للاسترخاء في العالم؟