تفاعلت الأوساط الصحافية والحقوقية البريطانية، مع انتشار أخبار حول قيام هيئة الإذاعة البريطانية BBC، بإنفاق أكثر من مليون جنيه إسترليني خلال الأعوام القليلة الماضية، بدل أتعاب محامين وخدمات قانونية، لمواجهة قضايا رُفعت ضد الهيئة من نساء عاملات لديها. إذ اتّهمت مجمل القضايا هيئة الإذاعة البريطانية بالتمييز في الأجور ضد النساء.
حصلت لجنة الشؤون الرقمية والثقافة والرياضة في البرلمان البريطاني على صور لفواتير من BBC، تؤكدّ أن الأخيرة دفعت حوالي 1.12 مليون جنيه إسترليني، كأجور لمحامين عملوا على قضايا التمييز ضد النساء
ظهرت بعض تفاصيل القضية إلى العلن أول مرة، خلال مساءلة قام بها عضو البرلمان البريطاني والصحفي السابق جون نيكولسون، للمدير العام الجديد للهيئة تيم ديفي، أثناء جلسة استماع عُقدت لهذه الغاية أواخر أيلول/سبتمبر 2020. وقد نفى ديفي خلال تلك الجلسة معرفته بالرقم الدقيق الذي دفعته الهيئة لهذه الغاية.
اقرأ/ي أيضًا: BBC وفرانس 24.. إعلامٌ فوق الشارع والمهنية
فيما حصلت لجنة الشؤون الرقمية والثقافة والرياضة في البرلمان البريطاني DCMC على صور لفواتير من BBC، تؤكدّ أن الأخيرة قد دفعت حوالي 1.12 مليون جنيه إسترليني، كأجور لمحامين عملوا على قضايا التمييز ضد النساء لمدة تفوق الـ2600 ساعة.
وكان القضاء البريطاني قد فرض على BBC في العام 2017، نشر جدول برواتب موظفيها، بعد وصول الكثير من الشكاوى من موظفين حاليين وسابقين في الهيئة تتعلق بجانب التمييز في الرواتب. وقد أظهر الجدول المنشور يومها، وجود خلل في بنية الأجور، وانحيازًا واضحًا للموظفين الذكور. إذًا، في BBC قد تصل المرأة إلى مناصب عالية، ولكنها أيضًا قد تحصل على راتب أقل من راتب موظف ذكر يعمل تحت إمرتها، وفق ما توضحه البيانات المقدمة للقضاء البريطاني.
في سياق متصل شبهت الموظفة السابقة في BBC كاري كرايسي، التي شغلت منصب تحرير قسم BBC China، قيام الهيئة بدفع الأموال للمحامين للدفاع عنها في قضايا التمييز الجندري بـ"غسيل الأموال". مع العلم أن كرايسي ربحت دعوى قضائية ضد الهيئة في العام 2018، بعدما عرضت بالتفاصيل مستندات تثبت براعتها وتفوقها في عملها، فيما حصل زملائها الذكور الذين لم يكونوا بكفاءتها على مكافآت.
وقد شجّعت الدعوى التي ربحتها كرايسي زميلات لها في الهيئة للقيام بالأمر نفسه، واللجوء إلى السبل القانونية لتحصيل حقوقهن. في مطلع عام 2020، ربحت سميرة أحمد، مقدمة البرامج التلفزيونية المعروفة في الهيئة، دعوى قضائية ضد مؤسستها، وحصلت على تعويض مالي بقيمة 700 ألف جنيه إسترليني، بعدما عجزت الهيئة عن تفسير سبب التفاوت بين راتب سميرة أحمد، وراتب زميلها في البرنامج جيريمي فاين، بالرغم من أنهما يؤديّان العمل نفسه.
بالإضافة إلى سميرة أحمد وكاري كرايسي، نجحت بعض الموظفات في BBC، أقل من عشرة، في الفوز بالدعوات التي تقدّمن بها، من أصل أكثر من ألف شكوى تمّ التقدم بها إلى اللجنة الأوروبية لحقوق الإنسان. وعبرت مجموعة BBC Women، وهي نقابة مهمتها الدفاع عن حقوق العاملات في BBC، عن القلق الشديد تجاه هذا الرقم. وأضافت يتولّد اعتقاد لدى النساء العاملات في هيئة الإذاعة البريطانية، أن مؤسستهن تفضّل دفع أموالها إلى المحامين لمعالجة القضايا، على أن تعطي النساء حقوقهن، وتساويهن بالرجال، بالرغم من قيامهن بالعمل نفسه.
في حين قالت الأمينة العامة للاتحاد الوطني للصحفيين في بريطانيا ميشيل ستانستريت، أنها فوجئت بكمية الشكاوى التي تمّت تبرئة BBC منها. وقالت إن الطريقة التي عولجت بها الأمور، ستشجّع المؤسسات التي لا تدفع بشكل متساوٍ بين الجنسين على الإمعان في تمييزها، كما ستثبط أية امرأة ستحاول في المستقبل أن تتقدّم بشكوى في هذا المجال. ورأت ستانسريت أن قضية سميرة أحمد، إحدى القضايا القليلة التي وصلت إلى خاتمة سعيدة، وما كانت لتتم على هذا النحو لولا النفوذ القوي الذي تتمتع به المدعية. ورأت ستانستريت أن الظلم الذي لحق بسميرة أحمد، يؤكد بالدليل القاطع أن التمييز حاصل وواقع داخل أسوار الهيئة.
في المقابل، يصرّ تيم ديفي، المدير العام الجديد للهيئة البريطانية، أنهم قاموا مؤخرًا بالكثير من التحسينات في سبيل تصحيح الأجور. وأنه سيأخذ بجدية توصيات لجنة حقوق الإنسان الأوروبية، ودراسة كل الحالات المقدّمة له، بما يضمن تحقيق المساواة في المستقبل.
اقرأ/ي أيضًا: