احتفلت إدارة مانشستر يونايتد بعيد الميلاد الـ55 لمدربها البرتغالي جوزيه مورينيو، بأبهى صورة، عندما أعلنت تمديد عقده حتى نهاية موسم 2019/ 2020، قبل ذكرى ميلاده بيوم، حيث تبادل المدير التنفيذي للنادي "إد وودورد" كلمات الإطراء والغَزَل مع المدرب البرتغالي الذي شكر مشجعي النادي والقائمين على الفريق من موظفين كبار وصغار، بينما أعرب المدير التنفيذي عن سعادته لموافقة مورينيو على تمديد عقده.
لا تتدخل إدارة مانشستر يونايتد في خيارات مورينيو الفنية، وتعرب قولًا وفعلًا عن ثقتها في رؤيته التي جلبت 3 ألقاب في موسمه الأول
وتوضح هذه الخطوة مدى ذكاء إدارة اليونايتد، واختيارها التوقيت المناسب لذلك. ففي وقت يعاني في أرسنال من انتقادات جماهيرية تجاه الإدارة واللاعبين، بسبب عدم تلبية احتياجات نجوم الفريق كالتشيلي سانشيز الذي رحل لصفوف الشياطين الحمر، كذلك تطفو الحساسية في سطح العلاقة بين مدرب تشيلسي وإدارة فريقه؛ أراد إد وودورد إظهار حالة فريقه المنتشي بصفقة سانشيز بأبهى صورة.
اقرأ/ي أيضًا: مورينيو.. أكثر من مدرب
وتقاسمت إدارة النادي ضمنيًّا مع مورينيو مناطق النفوذ في قلعة اليونايتد، فهي لا تتدخل كغيرها بخياراته الفنّية، وتعرب قولًا وفعلًا عن ثقتها برؤيته التي جلبت ثلاثة ألقاب في موسمه الأول، بينما تُركّز على الجوانب المالية والدعائية للفريق، وهنا بالتحديد أثبتت نجاحها الكبير بتصدرها أندية العالم من حيث الأرباح بإيرادات فاقت 676 مليون يورو عن موسم 2016/ 2017.
النابغة
ولد جوزيه مورينيو 26 كانون الثاني/يناير 1963، فاليوم هو عيد ميلاده الـ55. وقد ولد في مدينة سيتوبال البرتغالية، وهناك سار على خطى والده حارس مرمى البرتغال فيليكس، وأراد أن يصبح لاعب كرة قدم محترف لكنه لم ينجح في ذلك، عندها رأت والدته فيه مَلَكات الإدارة، وأرسلته إلى كلية إدارة الأعمال علّه يصبح رجل أعمال ثريّ، لكن لم يرق له الأمر، وكان يومه الأول في الكلّية هو الأخير.
درس مورينيو في مجال علوم الرياضة، وأصبح مدربًا للّياقة في مدرسة للفتيات، واستمر بذلك عدّة سنوات حتى دخل عالم التدريب عندما عمل مساعدًا ومدربًا بعد ذلك لفرق الناشئين في لشبونة، قبل أن يصبح مترجمًا للإنجليزي المخضرم السير بوبي روبسون، الذي كان مدربًا لفريق سبورتينغ لشبونة الأول، إذ يُعرف عن مورينيو إجادته لست لغات هي الإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والكاتالونية والإيطالية والفرنسية.
فوجئ بوبي روبسون بعقلية مورينيو التكتيكية، فعيّنه عام 1992 مساعدًا له في سبورتينغ لشبونة. وعندما رحل المدرب الإنجليزي إلى بورتو في الموسم التالي، أراد أن يجلب مورينيو معه إلى هناك مساعدًا له، ومع نجاحه في تحقيق لقبين، ظفر برشلونة بتوقيع بوبي عام 1996، وبالطبع لم يذهب إلى هناك دون مورينيو. وعندما رحل روبسون إلى هولندا آثر مورينيو على البقاء في برشلونة، فعمل مساعدًا للهولندي لويس فان خال.
"سبيشيال ون"
كانت تجربة مورينيو الأولى كمدرب لفريق، مع ناد برتغالي عريق جدًا وهو بنفيكا، وكانت مباراته الأولى أمام فريق سبورتينغ لشبونة الذي درب ناشئيه من قبل، فتغلّب في تحدّيه التدريبي الأول على خصمه بثلاثة أهداف نظيفة، وذلك عام 2000.
ورغم النتائج الجيدة، تلاسن مورينيو مع مجلس إدارة النادي، وقدّم استقالته بعد قيادته الفريق في تسع لقاءات فقط. رحل بعد ذلك إلى نادي ليريا وقاده لإنجاز غير مسبوق عندما نجح في التأهل لمسابقة كأس الاتحاد الأوروبي. كل ذلك لفت أنظار نادي بورتو العظيم، فاستقدمه مع بداية موسم 2001/ 2002، عندها بدأ مورينيو بإطلاق تصريحاته النارية، حيث أكد أنه يمتلك لاعبين قادرين على أن يفعلوا كل شيء في كرة القدم، واعدًا جماهير بورتو بتحقيق العديد من الألقاب المحلية والأوروبية.
فشل مورينيو في أن يكون لاعب كرة قدم مُحترف، لكنه نجح بجدارة في مجال التدريب ليصبح فيه الـ"سبيشيال ون"
تصريح كهذا جعل الكثيرين ينظرون له بعين ساخرة، ترى شابًّا منجرفًا كثيرًا في طموحه، لكن ذلك حدث بالفعل عندما أحرز مع ناديه بطولة الدوري المحلي، إضافة إلى كأس الاتحاد الأوروبي أمام سيلتيك الإسكتلندي. وفي الموسم التالي احتفظ بورتو ببطولة الدوري، ووصل إلى نهائي كأس البرتغال، قبل أن يخسر أمام بنفيكا بعد التمديد.
اقرأ/ي أيضًا: مورينيو.. من أسطورة تشيلسي إلى "يهوذا"
لكنّه بعد أيام أحرز بطولة دوري أبطال أوروبا أمام موناكو الفرنسي بثلاثية تاريخية جعلت من مورينيو المدرب الأول في العالم، عندها سعى الملياردير الروسي رومان إبراموفيتش رئيس نادي تشيلسي إلى استقطابه، وقد نجح في ذلك على الفور، وواجه مورينيو الصحفيين الإنجليز في أول مؤتمر له مع البلوز، عندما قال: "أرجوكم لا تطلقوا عليّ لقب المغرور، أنا بطل أوروبا، لذلك أطلقوا علي لقب سبيشيال ون (Special One)".
المتعجرف
أبهر مورينيو خصومه في الدوري الإنجليزي، محرزًا البطولة لموسمين. وكان رجل الصحافة الأول، إذ احتلّت تصريحاته مانشيتات الصفحات الأولى، فاشتهر بانتقاد مدرّب أرسنال: "لم أسمع أحدًا يتحدّث عن تشيلسي أكثر من فينغر، يجب عليه أن ينظر إلى ناديه أكثر من أن يشاهد الناس، إنه مثل الذي يملك منظارًا في منزله ليتطفّل على جيرانه ويرى ما يفعلونه"، لم يكتفِ مورينيو بذلك فحسب، فأكد لاحقًا أنه لو كان مكان فينغر لغادر لندن دون العودة إليها بسبب عدم إحراز الألقاب مع أرسنال.
وفي صيف 2008، انتقل مورينيو إلى إنتر ميلان، وفيه حقق ثلاثية تاريخية، إذ أحرز الدوري الإيطالي وكأس إيطاليا وكان وصيفه في المرتين نادي روما، بينما لعب نهائي دوري أبطال أوروبا أمام بايرين ميونيخ الذي درّبه آنذاك أستاذه السابق لويس فان خال؛ ليحرز مورينيو دوري الأبطال للمرة الثانية بتاريخه بعد الفوز بهدفين نظيفين.
أكد ذلك أنه المدرب الأول في العالم، فنجحت محاولات ريال مدريد بالتعاقد معه عام 2010، وقاد الفريق لنصف نهائي دوري أبطال أوروبا ثلاث مرات على التوالي، وشهدت له جماهير ريال مدريد بتصريحه القديم اللاذع بحق برشلونة عندما قال: "أنا لا أغار من نادي برشلونة فهو نادٍ عريق وعمره 100 عام، بينما وأنا الذي لدي 5 أعوام فقط في التدريب، أمتلك أنا وبرشلونة نفس العدد من البطولات الأوروبية".
عاد مورينيو إلى الملاعب الإنجليزية مرة أُخرى، وتحديدًا ناديه القديم تشيلسي في عام 2013، وقاد النادي لإحراز بطولة الدوري الإنكليزي، وما لبثت علاقته مع مالك النادي أن ساءت لدرجة كبيرة، ليترك النادي بعد ذلك منتظرًا خلافة أسطورة مانشستر أليكس فيرغسون، الذي يبادله الاحترام، لكنّه وفق تقرير صحفي فوجئ بتعيين ديفيد مويس خلفًا له، حيث قيل في التقرير إن مورينيو بكى عندما سمع بذلك، لكن المدرّب البرتغالي نفى ذلك، ونصح الصحفي كاتب المقال بتأليف قصص للأطفال.
في الموسم الأول لمورينيو مع مانشستر يونايتد، استطاع تحقيق ثلاثة ألقاب لنادي الشياطين الحمر
وعلى أية حال كان ذلك فأل خير لمورينيو، حيث تحمّل مويس ومن بعده فان خال، الضغط الناجم عن تركة فيرغسون الثقيلة أمام الجماهير، وبعد إقالة فان خال استلم مورينيو تدريب الشياطين الحمر وقادهم في موسمه الأول لتحقيق كأس رابطة المحترفين وبطولة الدرع الخيرية، إضافة للقب النادي الأول في الدوري الأوروبي.
اقرأ/ي أيضًا: