نشر موقع شبكة "دويتشه فيله" الألمانية تقريرًا يُسلط الضوء على حدث فريد من نوعه، يتمثل في تقرير حقوقي أصدره خبراء بالأمم المتحدة، يندد بالانتهاكات الحقوقية في السعودية، ومن بينها حملة الاعتقالات التي طالت رموزًا إصلاحية ونشطاء حقوقيين. في السطور التالية ننقل لكم التقرير مترجمًا بتصرف.
في انتقاد نادر لسياسات المملكة العربية السعودية، نادى خبراء حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بإطلاق سراح عشرات من النشطاء الذين احتجزتهم السعودية. واتهم فريق الأمم المتحدة السعودية باستغلال قوانين ما يسمى بـ"مكافحة الإرهاب" و"الأمن العام"، لتبرير الاعتقالات الأخيرة والتي شملت نشطاء بارزين في الدفاع عن حقوق الإنسان.
في حدث نادر، أدان خبراء حقوقيون في الأمم المتحدة، حملة الاعتقالات التي نفذها ابن سلمان بحق 60 ناشطًا في أيلول/سبتمبر الماضي
وفيما تعد واقعة غير معهودة من انتقادات الأمم المتحدة الموجهة للسعودية، صرح فريق أممي مكون من خمسة خبراء مستقلين، بأن هناك أكثر من 60 ناشطًا بارزًا، بينهم دعاة وصحفيين وأكاديميين، قد تم اعتقالهم منذ أيلول/سبتمبر الماضي.
تزايد القمع مع صعود ابن سلمان
وصف الخبراء الحملات القمعية التي يقودها ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد، محمد بن سلمان، بأنّها تمثّل "نمطًا مقلقًا لشكل واسع الانتشار وممنهج من الاعتقالات التعسفية والاحتجاز". وقد تصاعدت هذه الحملات منذ صعود ابن سلمان لولاية العهد تحديدًا، بعد إطاحته بابن عمه محمد بن نايف ووضعه قيد الإقامة الجبرية.
اقرأ/ي أيضًا: محمد بن سلمان.. صعود سريع لأمير طائش يهدد البلاد والمنطقة!
وقال الخبراء: "نحن نشهد قمعًا للمدافعين عن حقوق الإنسان، لممارستهم حقهم في التعبير عن رأيهم بسلمية، وكذلك حقهم في الاجتماع وتشكيل الكيانات وفي الاعتقاد. ونشهد كذلك انتقامًا من نشاطهم الحقوقي".
وجاء في تقرير الأمم المتحدة الذي أصدره الخبراء الحقوقيون، أن عددًا من أهم المنسقين لحملات حقوق الإنسان أو من يسمون بـ"الإصلاحيين" في السعودية، هم من بين المقبوض عليهم الآن. وذكر الخبراء الداعية سلمان العودة بوصفه "رجل دين إصلاحي" و"مُؤيد لدور أكبر لحقوق الإنسان في إطار الشريعة الإسلامية".
كما أشار التقرير إلى كل من الأكاديمي والكاتب عبدالله المالكي ورائد الأعمال عصام الزامل، وأعضاء جمعية الحقوق السياسية والمدنية السعودية عبدالعزيز الشبيلي وعيسى بن حامد الحامد، والذين تعتبر جمعيتهم محظورة في السعودية.
اعتقالات لتوطيد سلطانه
هذا ويُشار إلى أنّ تقرير الخبراء الحقوقيين الأمميين، المندد بالانتهاكات الحقوقية في السعودية، قد صدر بعد عامين من اليوم الذي أعلنت فيه السلطات السعودية إعدام 47 شخصًا بتهم متعلقة بالإرهاب، بينهم رجل دين شيعي بارز هو نمر النمر، في إطار حملة القمع والتمييز الممنهجة ضد المواطنين الشيعة، في شرق السعودية تحديدًا.
وفي حين تكذب السعودية بشأن ادعائها بأن ليس في سجونها أي معتقلين سياسيين، فإنها لا تتحرج من التصريح بأنّ مراقبة النشطاء "أمر ضروري للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي"!
ومن جهتهم، طالب الخبراء، السلطات السعودية بتوضيح كيف أنّ إجراءاتها التي تزعم أنها لمكافحة الإرهاب، تتفق مع الالتزامات بالقانون الدولي الإنساني، والتعهدات التي قدمتها السعودية حين طلبت الانضمام لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
ورغم أنّها استطاعت الحصول على عضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي نهاية عام 2016، إلا أنّ السعودية استمرت في انتهاكاتها الحقوقية بمختلف أشكالها، من اعتقال تعسفي دون محاكمات، وقمع لأي صوت مدافع عن حقوق الإنسان، فضلًا عن التعتيم.
رغم حرصها أن تكون عضوة في مجلس حقوق الإنسان الأممي، وحصل لها ذلك في 2016، إلا أن السعودية لا زالت مستمرة في قمعها وانتهاكاتها
ويُشار في هذا الصدد إلى حملة الاعتقالات التي نفذها ابن سلمان، لتشمل 200 من أمراء العائلة المالكة ورجال أعمال نافذين، بحجة محاربة الفساد، في حين أنّ العديد من التقارير تُؤكد أنّ كثيرًا من الفاسدين المعروفين طلقاء، وهو ما يُعزز من رواية أنّ اعتقالات ابن سلمان للأمراء ورجال الأعمال، تأتي في سياق توطيده لسلطته، وتنحيته لأي مُعارض مُحتمل.
اقرأ/ي أيضًا: