ألقى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خطابًا في أول أيام أشغال الجمعية العامّة للأمم المتحدة في نيويورك، تناول فيها الحصار على بلاده منذ قرابة أربعة أشهر، ومسؤولية دول الحصار في تأزيم الأوضاع في المنطقة، كما لم يفوّت الفرصة لتسليط الضوء على التزام بلاده في دعم قضايا الشعب العربي نحو التحرّر خاصة في دول الثورات وفلسطين. وقد لاقت كلمة أمير قطر صدى واسعًا محليًا وإقليميًا ودوليًا، خاصة وأن الأزمة الخليجية قد خيّمت على كواليس الجمعية العامّة، وسيطرت على اهتمام القوى الإقليمية والدولية.
لاقت كلمة أمير قطر في الجمعية العامة صدى واسعًا محليًا وإقليميًا ودوليًا، خاصة والأزمة الخليجية قد خيمت على كواليس الجمعية
وتأتي هذه الكلمة في خضم تصعيد دول الحصار، عبر محاولات تحشيدها الداخلي ضد أمير قطر مستغلة جولاته الناجحة مع الحلفاء دوليًا، وذلك بعد ترويج بيانين لشخصيتين قطريتين يعلنان مواقف لصالح دول الحصار، إلا أن الرد القطري شعبيًا كان حازمًا وساخرًا من هذه المحاولات، في ما يعد فشلاً جديداً لدول الحصار التي خابت مساعيها لفرض إملاءاتها. وقد التقى، في الأثناء، أمير قطر بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في لقاء هو الأول منذ بدء الحصار، تحدث فيه ترامب بنبرة متفائلة عن قرب الوصول لحلّ للأزمة.
وقد حيّى الأمير الشيخ تميم بن حمد في كلمته الشعب القطري والمقيمين في بلاده وهو ما لقي ترحابًا واسعًا في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تناقل عبرها الناشطون صورًا ومقاطع مصوّرة يظهر فيها الأمير يتجوّل في شوارع نيويورك ويتشارك التقاط الصور مع قطريين وعرب.
اقرأ/ي أيضًا: غضب في السوشال ميديا بعد أول لقاء علني بين السيسي ونتنياهو
عن "غدر" دول الحصار
وقال الأمير في بداية كلمته متحدثًا عن الحصار: "هذه المرة أقف هنا وبلدي وشعبي يتعرضان لحصار جائر مستمر فرضته دول مجاورة منذ الخامس من حزيران/يونيو الماضي"، مضيفًا أن الحصار "فرض فجأة ومن دون سابق إنذار"، مما جعل القطريين يعتبرونه "نوعًا من الغدر". وأضاف أن دول الحصار "تمني النفس أن يحدث الحصار أثرًا تراكميًا على الاقتصاد والمجتمع في بلدي، ما دام قد فشل في إحداث الأثر المباشر".
وكشف أمام قادة العالم أساليب دول الحصار عبر تزييف التصريحات وفبركة البيانات والقرصنة، قائلًا إنه "لا تزال الأموال تصرف بسخاء على آلة صنع الافتراءات ونشرها على أمل أن تختلط على الناس الحقيقة بالكذب".
وقد وصف راشد المنصوري، الرئيس التنفيذي لبورصة قطر، الخطاب بأنه "رجولي وإنساني وعقلاني بامتياز".
كشف أمير قطر أمام قادة العالم أساليب دول الحصار، خلال الأزمة الأخيرة، عبر تزييف التصريحات وفبركة البيانات والقرصنة
مساندة للروهينغا ولقضايا الشعب العربي
ورغم الحصار الذي تعيشه بلاده، خيّر أمير قطر أن يبدأ كلمته حول مأساة مسلمي الروهينغا، حيث طالب حكومة ميانمار للاضطلاع بمسؤوليتها القانونية والأخلاقية ووقف العنف ضد أبناء الأقلية المسلمة وإعادة اللاجئين منهم إلى أماكنهم ومنع التمييز ضدهم. وهو ما أشار إليه جابر الحرمي، رئيس تحرير جريدة "الشرق" القطرية، على حسابه على تويتر، وذلك على سبيل تأكيد الاهتمام الرسمي القطري بهذه القضية.
وفي القضية الفلسطينية، حمّل الأمير تميم المسؤولية لإسرائيل لعدم تحقيق السلام الدائم والعادل والشامل برفضها مبادرة السلام العربية ومواصلة نهجها في التوسع الاستيطاني وتهويد القدس فضلًا عن مواصلة حصار قطاع غزة.
وفي الشأن اليمني، شدّد على أهمية الحفاظ على وحدة اليمن داعيًا المجتمع الدولي لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف المناطق اليمنية. وذلك في رسالة مضمونة الوصول لدول الحصار وتحديدًا الإمارات العربية المتّحدة التي تعمل على تقسيم اليمن بدعمها للجماعات الانفصالية في عدن، وكذلك للعربية السعودية التي تقود التحالف العربي الذي تورّط وفق تقارير أممية في جرائم حرب. وفي نفس السياق، دعا لدعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا في ليبيا وذلك ردًّا على دعم دول الحصار وخاصة مصر والإمارات العربية للمشير خليفة حفتر وحكومته المنعزلة في شرق البلاد.
اقرأ/ي أيضًا: تلاعب دبلوماسي وعسكري.. ماذا يُجهّز السيسي لليبيا برعاية أبوظبي؟
وفي الملف السّوري، دعا الأمير إلى "عمل جاد من أجل التوصل إلى حل سياسي يلبي تطلعات الشعب السوري".
اقرأ/ي أيضًا: وجه الإمارات المفضوح في اليمن.. حرب على الشرعية وحقوق الإنسان
ولم يفوّت الأمير تميم الفرصة للدعوة لإجراء "حوار بنّاء" بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران على أساس المصالح المشتركة ومبدأ حسن الجوار، وتأتي هذه الدعوة لقطع الطريق على دول الحصار التي اتخذت من العلاقات القطرية الإيرانية مطيّة لتبرير حصارها خاصة في الولايات المتحدّة.
شدّد أمير قطر على أهمية الحفاظ على وحدة اليمن في رسالة لدول الحصار ولا سيما ما تعمل عليه الإمارات والسعودية من تقسيم للبلد
جذور السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.. الخليج وإيران نموذجًا
وبتأكيده لالتزام بلاده بدعم تطلعات الشعب العربي، كتبت مريم آل ثاني "لله درك يا #تميم_المجد لم تركز على #حصار_قطر فقط بل شملت في كلمة الحق شعوب فلسطين، سوريا، ليبيا، اليمن والروهينغا".
وأضافت "أنه تغيرت الظروف وتعرضت قطر لحصار جائر ومع ذلك لم يتغير موقفها المؤازر للشعوب العربية التي تتعرض لاضطهاد من حكوماتها".
اعتزاز بالشعب القطري والمقيمين
وحيّى أمير قطر في كلمته القطريين والمقيمين في بلاده، حيث توجّه إليهم وقال "أعبر عن اعتزازي بشعبي القطري ومعه المقيمين في قطر من مختلف الجنسيات، الذي صمد أمام حصار قطر بعزة وكبرياء".
وكتب سلمان الأنصاري، اللاعب القطري لكرة القدم، على حسابه، "استجاب الله لتلك الدعوة وتفاخر #تميم_المجد بحب شعبه له وحبه لهم أمام العالم بأسره".
وانتشرت صورة تظهر أمير قطر يتوسّط مواطنًا قطريًا ومقيمًا، في إشارة لالتفافهم وعدم التمييز بينهم.
وقد اختتم الأمير تميم خطابه بالقول: "سيبقى بلدي #قطر كعبةً للمضيوم!".
اقرأ/ي أيضًا:
واشنطن بوست: حصار قطر يبوء بالفشل!
بعد تقرير الخارجية الأمريكية عن الإرهاب.. الإحراج مستمر لدول حصار قطر