ظهر برنامج باسم يوسف "البرنامج" وبلغ قمة شهرته في الوقت القصير الذي حظي فيه المصريون بمساحة لا بأس بها من الحرية بعد انطلاق الثورة. كان تأثير باسم يوسف كبيرًا بسبب قوة فريق الإعداد والكتابة الذي يعمل معه في برنامجه، وهو الذي جعله حدثًا ينتظره المصريون مساء كل جمعة لفترة ليست قصيرة من الوقت.
تعرضت حلقة "البرنامج" التي تلت فض اعتصام رابعة إلى نقد شديد واعتبرت "رقصًا على الجثث"
اقرأ/ي أيضًا: "SNL بالعربي".. كوميديا سياسية في مواجهة الرقابة
لكن لم يتفق المصريون يومًا على باسم يوسف، خاصة وقد انتهج نهجًا جديدًا في برامج الكوميديا، حيث كان برنامجه "بلا سقف"، كما كان ساخرًا حد البذاءة في بعض الأحيان، مما جعله البرنامج المفضل لبعض الشباب، فهو يتحدث مثلهم ويقترب من أسلوبهم في الحوار والتناول. باسم يوسف سخر من حكم المجلس العسكري ومن الإخوان ومن الانتخابات التي أدت إلى وصول عبد الفتاح السيسي إلى الحكم، ولكن الانقسام الحقيقي حول باسم يوسف كان في الحلقات التي تلت "فض رابعة" الوحشي الذي قام فيه الجيش بقتل الآلاف من المعتصمين.
قام بعدها باسم يوسف بإدارة حلقة "أقل من توقعات المشاهدين"، حسب الكثيرين، حول رد فعله من "الفض" وكأنه لم يكن على علم بما جرى من جرائم يومها، وانتشر فيديو تحت عنوان "الرقص على جثتي". باسم يوسف رد بعد ذلك بمقالات على الشروق والمصري اليوم، أكد فيها رفضه ما حدث في أحداث فض رابعة والنهضة وحتى على حسابه على موقع فيسبوك، واستمر الانتقاد قائمًا حتى اليوم الذي قدم فيه باسم يوسف حفل جوائز الايمي الدولية، وكانت هذه هي البداية للسخط بالمعنى الحقيقي عليه حيث اعتبر البعض تقديمه لهذا الحفل بمثابة تكريم له على موقفه من "مذابح النظام" بينما اعتبر البعض الآخر أن أسلوبه في التقديم كان دون المستوى وأنه يسخر من الشخصية العربية.
استعاد الهجوم على باسم يوسف زخمه مرة أخرى بعد مقارنته، على حسابه على تويتر، بين موقف محمد مرسي وموقف عبد الفتاح السيسي في السلام مع إسرائيل، قائلًا: "من عزيزي بيريز للسلام الدافئ مع إسرائيل مافيش فرق كبير". منتقدو باسم يسمونه بـ"الأراجوز"، ويحملونه مسؤولية ما حدث في مصر في الثالث من تموز/يوليو 2013، ويرون فيه أحد أهم أسباب الانقلاب ويستبعدون سياسات محمد مرسي من المسؤولية ويعيرونه بالحرية التامة التي حظي بها إبان حكم محمد مرسي والتي سمحت له بإذاعة "البرنامج" بحرية تامة حتى وصوله إلى الناس والتأثير على الرأي العام.
حالة الاستقطاب السياسي الكبيرة التي تشهدها مصر بعد 30 حزيران/يونيو تجلت بوضوح في طريقة التعامل مع باسم يوسف
اقرأ/ي أيضًا: السيسي والمثقفون.. الرئيس يبحث عن رجاله
حالة الاستقطاب السياسي الكبيرة التي تشهدها مصر بعد 30 حزيران/يونيو تجلت بوضوح في طريقة التعامل مع باسم يوسف، وانقسام الناس حوله كان صورة مصغرة لتضارب الآراء الشديد حول شخص واحد. يتفاعل باسم يوسف بشكل مستمر مع مجريات الأحداث في مصر رغم إقامته خارجها منذ إيقاف برنامجه عام 2013 بسبب تعرضه للسيسي بالانتقاد، حيث كان أنصار ومؤيدو السيسي يتجمعون حول مكان عرض "البرنامج" في وسط القاهرة في محاولة للاشتباك مع رواد البرنامج من المشاهدين. بينما ادعت إدارة قناة سي بي سي، المحسوبة على النظام في مصر، أن البرنامج توقف لأسباب فنية وتجارية لا علاقة لها بالمحتوى.
باسم يتعرض للسب والشتم اليوم من أنصار النظام وأنصار الإخوان لكنه في النهاية يرى أنه يقول ما لا يحب أحد أن يسمعه. ونظرًا للانسداد في أجواء الحريات في مصر هذه الأيام فقد بات من المستحيل أن يعيد باسم تقديم برنامجه من جديد داخل مصر، في حين يطالبه كثيرون بتقديم برنامجه عبر يوتيوب كما بدأ أول الأمر ليثبت أن موقفه غير خاضع للضغط وينحاز للشعب ضد النظام، النظام الذي يطارد باسم يوسف خارج البلاد لثنيه عن تقديم إحدى المسرحيات في لندن.
اقرأ/ي أيضًا: