"الشوشة"، هو مخيم في جنوب شرق تونس، قريب من الحدود الليبية، أعلنت السلطات التونسية عن إغلاقه رسميًا في 30 من حزيران/يونيو 2013، لكن رغم هذا الإعلان يحوي المخيم إلى اليوم عشرات المهاجرين، يعيشون منذ حوالي ست سنوات في إمبراطورية صحراوية قاحلة دون أي صفة قانونية وعلى أرض غرقت، على ما يبدو، في غياهب النسيان.
حلم العشرات المتبقين في "الشوشة" الآن يكمن في إعادة توطينهم في بلد ثالث، أوروبي أو أمريكي على الأرجح
انتقلنا إلى "الشوشة"، وعند وصولنا لاحظنا أن لا شيء يوحي بالحياة للوهلة الأولى، لكن سرعان ما تنتبه لخيم قديمة مهترئة وقليلة العدد، ثم من السهل أن تتبين البعض بصدد تسول مياه الشرب وشيء من الطعام على قارعة الطريق.
اختفت كل الخدمات التي تتوفر عادة في المخيمات، بعد ثلاث سنوات من تاريخ إعلان الغلق الرسمي، واختفى معها الاهتمام الإعلامي الواسع. وأمام هذا الوضع يتخبط قرابة الخمسين شخصًا في عمق الصحراء التونسية، في مخيم "شبح" يراه البعض من الماضي، وفي وضع بائس لا يحميهم برد الشتاء ولا حرارة ورطوبة الصيف التونسي.
إعادة التوطين.. الحلم الدائم
بؤس المكان انعكس على الوجوه التي استقبلتنا في "الشوشة". كانت ملامح الضجر واليأس واضحة على إبراهيم وعلي وكادريل وغيرهم. يقول الثلاثي القادم من دارفور (السودان) والتشاد وغانا، على التوالي، لـ"الترا صوت": إنهم "غادروا ليبيا بعد اضطراب الوضع هناك سنة 2011 نحو تونس، واستقروا في مخيم الشوشة".
يوجد هذا المخيم معزولًا في الصحراء، في بيئة قاسية، وتحديدًا في منطقة عسكرية على بعد 7 كيلومتر من معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا و25 كيلومتر من أقرب مدينة حضرية وهي بنقردان. وكان "الشوشة" قد احتضن اللاجئين الفارين من ليبيا إبان تطور الصراع في البلد سنة 2011، آنذاك تدفق عديد اللاجئين والعمال المهاجرين إلى كل من جنوب تونس ومصر. وخلال ستة أشهر، لجأ حوالي مليون شخص إلى تونس، من بينهم 200 ألف من غير الجنسية الليبية، حسب إحصاءات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
لا تزال في المخيم الآن جنسيات مختلفة: من السودان، ومن جنوب السودان والصومال وغانا ونيجيريا وليبيريا وسيراليون وإريتريا ومصري واحد. لكن رغم كل هذه العوامل المنفرة لم يغادر الثلاثي، إبراهيم وعلي وكادريل، المخيم مؤكدين "رفضهم كل ما عرض عليهم من حلول على أمل إعادة توطينهم في بلد أوروبي أو أمريكي".
قصص "الشوشة" متشابهة غالبًا أو على الأقل فيها نقاط تشابه كثيرة، تكون الحرب الأهلية أو الوضع الاقتصادي السيئ السبب خلف مغادرتهم أوطانهم الأصلية، من قلب أفريقيا نحو ليبيا، ثم فرضت تطورات الأوضاع هناك التحاقهم بتونس لذلك يجمعون أن هذه الأخيرة بالنسبة إليهم ليست إلا بلد عبور لا أكثر، كما يرفضون، معظمهم، العودة إلى بلدانهم الأصلية بحجج مختلفة أبرزها أن عودتهم تمثل خطرًا على حياتهم نظرًا لمشاكل سياسية وقبائلية ولإمكانية تعرضهم للاضطهاد، وبالتالي حلمهم الوحيد يكمن في إعادة توطينهم في بلد ثالث، أوروبي أو أمريكي على الأرجح.
في هذا السياق، يقول إبراهيم، من دارفور السودان، لـ"الترا صوت": "لا يمكن لتونس أن تقدم لنا شيئًا، ولا أن تضمن مستقبلنا، نشعر أن حكومتها قد فشلت في إدارة ملفاتنا من خلال إغلاق المخيم وهم يعلمون بتواصل استقرارنا فيه ولذلك نحن نرفض أي حل تكون خاتمته الاستقرار النهائي في تونس". ومن جانبه، يؤكد كادريل، من غانا، غياب روابط قوية تجمعه بتونس، ويوضح متحدثًا بالإنجليزية أنه "يجد صعوبات في اللغة وفي المعتقدات والتقاليد والعادات المختلفة بين بلده وتونس". ويضيف: "بلدي في حالة استقرار لكن لا يمكنني العودة إليه نظرًا لمشاكل شخصية ستعرضني للخطر لو وطأت قدمي غانا".
بالعودة إلى الماضي القريب، استقبل المخيم عددًا ضخمًا من المهاجرين في الأشهر الأولى من سنة 2011، ففي ذروة الأزمة، كان يستقبل ما يصل إلى 18 ألف شخص يوميًا حسب إحصاءات المفوضية ثم بدأ العدد في التراجع تدريجيًا، خيّر البعض العودة إلى أوطانهم الأصلية مباشرة، والبعض الآخر قدّم مطالب لجوء للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي أجرت مقابلات عديدة ومنحت صفة اللاجئ لأكثر من أربعة آلاف شخص.
في الأثناء، تم تمكين آخرين من إعادة التوطين، إذ غادر ما يزيد عن 3170 لاجئًا إلى دول أخرى، أولها الولايات المتحدة الأمريكية، تليها النرويج والسويد وأستراليا وكندا وألمانيا، حسب أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وعرضت على البقية برامج للاندماج في تونس، وقبل حينها أكثر من 600 لاجئ هذه البرامج واستقروا في مدينتي بن قردان ومدنين، جنوب تونس. بينما رفض نحو 300 لاجئ برامج الاندماج، وبذلك لم يتمكن البعض من الظفر بصفة لاجئ ولا بإعادة التوطين ولا يرغبون في الالتحاق بوطنهم الأصلي ولا بالاندماج في المجتمع التونسي، ومن ضمن هؤلاء سكان "الشوشة" الحاليين الذين قابلناهم.
وتُمكن برامج الاندماج في تونس، التي أعلنتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عند إغلاق المخيم، من الحصول على الإقامة المؤقتة في تونس وتحويل الخدمات المتحصل عليها سابقًا في المخيم إلى المناطق الحضرية وبالتالي تضمن للقابلين بهذه البرامج الخدمات الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم. كما يحصلون على منحة للتنقل وعلى مساعدة لضمان الإقامة ومساعدات لإيجاد عمل، وهذا ما يؤكده "سكان الشوشة" حاليًا. لكن هؤلاء لا يبدون حسرة ولا حزنًا لرفضهم الاندماج والانتقال إلى المناطق الحضرية ولا يزالون معلقين بأمل إعادة توطينهم في الخارج، ويقدمون طرحًا مغايرًا في هذه المسألة.
اقرأ/ي أيضًا: أطفال أفارقة في الجزائر.. تحية للابتسامات البيضاء
"صفقة" خلف مطالب اللجوء المرفوضة؟
يشعر بعض سكان الشوشة أن هناك "صفقة" ما بين المفوضية والسلطة التونسية خلف رفض منحهم صفة اللاجئين
إبراهيم وعلي وكادريل، من الذين رُفضت مطالبهم في اللجوء وإعادة التوطين من قبل المفوّضية السامية لشؤون اللاجئين، كما أنهم رفضوا برامج الاندماج في تونس وبالتالي وضعهم في البلد غير قانوني، وهي "الحالة الأصعب"، حسب تأكيدات كل الفاعلين في الملف، لأنها تحرمهم من أي حقوق أو حماية ما عدا مساعدات بعض المنظمات الحقوقية كالهلال الأحمر التونسي أو منظمة أطباء بلا حدود.
وعن رفض ملفاتهم وقبول أخرى، يقول إبراهيم لـ"الترا صوت" إن في الأمر "لعبة أو صفقة ما لكنه يجهل تفاصيلها"، ويضيف "نحن نعتبر أننا محتجزون دون سبب، معظم الذين كانوا معنا تم منحهم الحق في إعادة التوطين، لقد تم التلاعب بملفاتنا". ويضيف: "أحسسنا أن اتفاقًا ما حصل بين المفوضية والسلطة التونسية يقضي بأن جزءًا من اللاجئين لابد أن يبقى هنا مقابل أموال قُدمت لتونس، لكنهم أخطؤوا إذ لم يقع التشاور معنا في هذا التوجه ونحن نرفض هذا الخيار نهائيًا".
في الأثناء، تبدي السلطات التونسية تسامحًا مع "سكان الشوشة" الحاليين، ورغم معرفتها بمكان وجودهم ووضعهم غير القانوني إلا أنهم لا يتعرضون إلى مضايقات إلا إذا أحدثوا المشاكل. لكن الوضع ليس دائمًا بهذا الهدوء، فقد حدثنا إبراهيم ولاجئون آخرون من السودان أن "البعض قد تم اقتياده إلى الحدود الجزائرية منذ فترة بغية ترحيلهم إثر احتجاجهم أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي مطالبين بتوطينهم في أوروبا وأكدوا أنهم عوملوا بشكل سيئ". وقد كانت لهذه المجموعة تحركات مختلفة منها احتجاجات أمام مقر الاتحاد الأوروبي في العاصمة التونسية وتظاهرات في المنتدى الاجتماعي العالمي، الذي انتظم في تونس سنتي 2013 و2015، كما اعتصم البعض في العاصمة خلال فترة سابقة، والهدف واحد وهو إعادة التوطين في بلد آخر غير تونس.
حدثنا إبراهيم عن تكرار المحاولات لإعادتهم إلى أوطانهم. يذكر أنه طُلب منهم ذات مرة "الإمضاء على أوراق تثبت قدومهم عبر البحر بطريقة غير شرعية"، ليسهل إعادتهم إلى أوطانهم لكنهم رفضوا، ويؤكد إبراهيم أن "لديهم كل الوثائق التي تثبت دخولهم التراب التونسي في 2011 وبصفة قانونية وأنهم مسجلون في مكاتب المفوضية".
في المقابل، يرفض منجي سليم، رئيس فرع الهلال الأحمر التونسي بمدنين، رواية إبراهيم عن إمكانية أن تكون هناك صفقة خلف رفض مطالب لجوء البعض من سكان "الشوشة". ويقول لـ"الترا صوت": "تساعد المفوضية السلطات التونسية للاهتمام باللاجئين على أرضها وهذا ما يحصل في عديد البلدان الأخرى أيضًا لكنني أشكك في أن تكون هناك صفقة تستهدف جزءًا من اللاجئين". ويضيف: "ربما هي طريقتهم للضغط على الحكومة وعلى المنظمات الحقوقية لتمكينهم من إعادة التوطين".
وبصفة عامة، يؤكد كل من قابلناه في "الشوشة" جهله بالسبب الحقيقي لعدم تمكينه من حق اللجوء وإعادة التوطين. علي، شاب من التشاد، دخل المخيم في مستهل العشرين من عمره وهو الآن بعد ست سنوات قد أضاع سنوات شبابه دون فائدة، و"لا يعلم حتى سبب رفض ملفه كحال 95% من التشاديين في المخيم"، حسب تصريحه.
إعادة التوطين.. حلم شبه مستحيل
تؤكد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن إعادة التوطين في بلد ثالث ليس "حقًا مكتسبًا" بل هو إجراء استثنائي
تواصلنا مع نوفل التونسي، المسؤول الميداني لمكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتونس، حول حلم إعادة التوطين لـ"سكان الشوشة"، وتبينا، حسب ما جاء على لسانه، أن "هذا الحلم شبه مستحيل". عن "الشوشة"، يتحدث التونسي لـ"الترا صوت": "بالنسبة للمفوضية، الشوشة انتهت منذ سنة 2013 وهذا نفس موقف الحكومة التونسية. والموجودون الآن في ذلك المكان ليسوا لاجئين أو طالبي لجوء، بل مهاجرين يهتمون بمصالحهم الخاصة ويتنقلون عادة بين ذلك المكان ومناطق أخرى حتى أنهم رفضوا التنقل للمناطق الحضرية وكل برامج المساعدة التي قدمناها".
ويضيف التونسي: "بالنسبة لطالب اللجوء لا يمكن أن يكون في بلد ويطلب اللجوء في بلد آخر، ربما وقع اللبس عندما تمت إعادة التوطين لعدد معين من لاجئي الشوشة السابقين لكن ذلك كان إجراءً استثنائيًا لمساعدة تونس في مواجهة العدد الكبير من اللاجئين حينها".
ولتوضيح الإجراءات المعتمدة، تُقدم طلبات اللجوء إلى المفوضية التي تقوم بدراستها وتقبل على أساسها منح الشخص صفة لاجئ بالبلد أو لا. وفي حالة صدور قرار سلبي من طرف المفوّضية وتحديدًا المصلحة المختصة للشؤون القانونية، التي تنظر في الطلبات وفقًا لمعايير اتفاقية 1951 المتعلقة بوضعية اللجوء، فيمكن لطالب اللجوء الاعتراض مرة واحدة خلال الثلاثين يومًا التي تعقب صدور القرار، ثم يتم غلق الملف، ولن يفتح من جديد إلا إذا توفّرت معطيات جديدة. وتؤكد المفوضية أن إعادة التوطين في بلد ثالث ليس "حقًا مكتسبًا" بل هو إجراء استثنائي.
وردًا على سؤالنا حول أسباب عدم تمكينهم من إعادة التوطين، يجيب التونسي: "التقدم للحصول على الحق في إعادة التوطين يشترط الحصول على حق اللجوء أولًا في بلد الإقامة الحالي لكن لم يحصل سكان الشوشة الحاليين على صفة اللاجئ أصلًا، كما أن إعادة التوطين يشترط إثبات صعوبة في الاندماج في بلد اللجوء وهذا ليس بالأمر الهين". وفي تونس الآن، يقدر عدد اللاجئين المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بحوالي 800 شخص وكلهم موجودون بالمناطق الحضرية في كامل تراب الجمهورية التونسية.
يساند منجي سليم، رئيس فرع الهلال الأحمر التونسي بمدنين، ما ذكره ممثل مفوضية اللاجئين. ويضيف: "ما نعرفه هو أن أربعة أشخاص فقط من سكان الشوشة السابقين تحصلوا على حق اللجوء في تونس عبر برامج الاندماج المقدمة وموجودون بشكل قانوني وقد انتقلوا إلى المناطق الحضرية القريبة من المخيم السابق ونحن على تواصل معهم لمساعدتهم". وعن السكان الباقين في الشوشة، يعتبر سليم أن "الهلال الأحمر لا يمكنه الضغط عليهم لمغادرة مكان المخيم سابقًا وتسوية وضعياتهم وأقصى ما يمكنه تقديمه هو الاهتمام بهم بشكل إنساني".
الموجودون حاليًا في الشوشة ليسوا لاجئين ولا طالبي لجوء. هم مهاجرون ووضعياتهم غير سليمة، أي دون بطاقة إقامة سارية المفعول في تونس، لذلك التجأنا لفرع المنظمة الدولية للهجرة في تونس. تحدثنا مع ممثلة المنظمة في تونس هيلان لوغوف، عن وضعهم.
تقول لوغوف: "بعد ثلاث سنوات من تاريخ الإغلاق الرسمي للمخيم، لا يزال هناك العشرات من المهاجرين ومعظمهم من الذين تم رفض منحهم اللجوء، يعيشون هناك في ظروف سيئة للغاية كما لم تنطلق الحكومة التونسية في أي برنامج لتسوية وضعياتهم وحجة السلطات أن هؤلاء سبق أن رفضوا برامجًا للاندماج في تونس". وكان وزير الشؤون الاجتماعية التونسي محمود بن رمضان قد أعلن مؤخرًا عرض الحكومة مشروع قانون على أنظار مجلس نواب الشعب يهدف إلى منح اللاجئين كامل حقوقهم وتأطير وضعيتهم، دون توضيح لما سيؤول إليه حال سكان "الشوشة" الحاليين.
اقرأ/ي أيضًا: التسول والاستغلال.. واقع لاجئات سوريات بالمغرب
"الشوشة" الآن.. تهريب وهجرة غير نظامية؟
ما زاد الوضع سوءًا أن ما كان في السابق "مخيم الشوشة" صار منذ فترة مكانًا مفتوحًا للجميع وينتقل إليه بعض المهربين والمشبوهين
ما زاد الوضع سوءًا أن ما كان في السابق "مخيم الشوشة" صار منذ فترة مكانًا مفتوحًا للجميع ولا يسكنه بالضرورة طالبو لجوء أو مهاجرون قدموا سنة 2011 هربًا من براثن الحرب في ليبيا. لمّح بعض سكان المناطق الحضرية المجاورة للمخيم لنا بذلك وهذا ما أكده أيضًا بعض من قابلناهم في "الشوشة". يقول كادريل، من غانا، لـ"الترا صوت": "عدد من المهاجرين غير الشرعيين من دول أفريقية مختلفة صاروا يأتون إلى هذا المكان وسكنوه لفترات مختلفة لتحضير أنفسهم وترتيب أمورهم قبل الهجرة إلى ليبيا ومن ثم إلى الدول الأوروبية". يعتبر كادريل أن "هؤلاء يشوهون سمعتهم وسمعة المخيم"، ويطالب الحكومة بمراقبة المكان.
وتؤكد عديد المصادر أن أشخاصًا مشبوهين، بعضهم من التجار والمهربين، يظهرون أحيانًا في "الشوشة"، يلتحقون ببعض الخيم ويقومون بأنشطة مشبوهة. قابلنا شخصًا كان يبدو من ملامحه ومتاعه أنه في وضع مادي جيد، حاولنا الاقتراب للتحدث معه لكنه رفض. ويزور عدد من مواطني بعض الدول الأفريقية تونس دون الحاجة إلى استخراج "فيزا" ويناسبهم الاستقرار في الشوشة لقربها من الحدود الليبية.
سكان الشوشة.. المستقبل الغامض
لا إجابة واضحة حول الحل الأفضل للعشرات في مخيم الشوشة. وعند البحث عن الحل، تتنوع الإجابات ويتخللها يأس حينًا وغموض حينًا آخر. يقول إبراهيم، من دارفور السودان، إن "الحل الوحيد يكمن في عدم مغادرة أرض الشوشة والضغط منها على السلطات التونسية"، ويضيف: "الأرض مهمة بالنسبة لهم ولن نستسلم". يدعمه في فكرته كادريل، من غانا، الذي يتمسك بدوره بـ"حماية دولية وإعادة التوطين". ويقول: نحن قبلنا التحدي وسنواصل للآخر، لن نستسلم لكننا لا ننفي أننا متعبون ومرهقون بعد سنوات من الصراع مع الجوع والمرض ومشاكل أخرى".
ويقع مخيم الشوشة في مكان عسكري أمني، بالقرب من الحدود الليبية، والأكيد أن السلطات التونسية ترغب في خلوه من الناس في أقرب وقت ممكن خاصة مع تطور مشاكل التهريب والإرهاب على الحدود والوضع الأمني الصعب.
ترى هيلين لوغوف أن ما يمكن أن تقدمه المنظمة الدولية للهجرة حاليًا لسكان "الشوشة" هو "تمكينهم من العودة طواعية إلى أوطانهم، بالنسبة للراغبين في ذلك والذين لا تمثل عودتهم إلى بلدانهم الأصلية خطرًا عليهم". أما الهلال الأحمر التونسي، الشريك الرئيسي للمفوضية في تونس، فحله المقترح هو القبول بالانتقال إلى المناطق الحضرية والانخراط في برامج الاندماج المتوفرة، حسب ما أكده منجي سليم، رئيس فرع الهلال الأحمر التونسي بمدنين، لـ"الترا صوت".
وفعليًا، وفي انتظار أي جديد، لم يبق لسكان "الشوشة" المنسيين إلا قضاء يومهم في التسول على قارعة الطريق المؤدية إلى ليبيا والحلم بإعادة التوطين في بلد يضمن لهم المستقبل الزاهر، وما يثير الانتباه هو أن ثقتهم في حقهم الإنساني في اللجوء لم تتزحزح رغم وضعهم، الذي اجتمع كل الفاعلين في هذا السياق على وصفه بـ"المأزق".
اقرأ/ي أيضًا: