28-فبراير-2024
مقال أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة

تكمن قوة المؤسسات الرائدة في قدرتها على تبني أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة

في زمن تتصارع فيه المؤسسات للبقاء على قمة المنافسة، تبرز أهمية أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة كعنصر حاسم لتحقيق التميز والكفاءة. في هذا المقال نستعرض بعضًا من أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة الرئيسية، ونظهر كيفية استخدامها لتعزيز جودة العمليات وضمان رضا العملاء.

 

أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة

وضع علماء الجودة وروادها الكثير من أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة في المؤسسات والشركات، وإليك أبرز أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة كالتالي:

  1. نموذج شوهارت

يعتبر نموذج شوهارت (PDCA) من أهم أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة التي تهدف إلى التحسين المستمر الذي لا يتوقف، ويطلق عليها اليابانيون اسم دورة ديمنج، فيما يسميها ديمنج بدورة شوهارت، وذلك على اسم منشئها الأول إداورد شوهارت، حيث إنه هو الذي استنبط هذه الفكرة. فيما قام ديمنج بتطويرها فيما بعد، ويركز هذا النموذج على أهمية العمل الإداري في حلقات دائرية متتابعة، وتشمل على 4 مراحل متتالية:

  • التخطيط Plan 

 يتم فيها جمع المعلومات وتحديد المشاكل والأخطاء عن العملية المراد إجراء تحسينات عليها، والوقوف على أسبابها، ثمّ وضع خطة وفق معايير لتلافي الأخطاء، والعمل على تقييمها وتحسينها. وتعتبر هذه المرحلة من أهم المراحل، حيث تستخدم فيها أدوات الجودة لتحديد المشكلات.

وفي هذه المرحلة يتم تعريف المشكلة الرئيسية من خلال الإجابة عن سؤال "ماذا؟"؛ وذلك من خلال تحديد المشكلة المراد فحصها، ووضع أهداف قابلة للتحقيق والقياس، وتحديد أصحاب المصلحة وقنوات التواصل بينهما، وصولًا للتوافق. وكذلك يتم في هذه المرحلة تحليل المشكلة من خلال الإجابة عن سؤال "لماذا؟"؛ وذلك من خلال جمع وتحليل البيانات، وكذلك تقسيم المشكلة إلى عمليات فرعية يسهل حلها.

  • العمل Do 

يتم فيها وضع خطة التحسين الذي سيتم تنفيذه، حيث يتم تجريب التحسين في مجالات محدودة بداية التنفيذ، ويتم تسجيل أي تغيرات تحدث خلال عملية التحسين، ويتم جمع كافة المعلومات بشكل مستمر ومنظم لتقييم خطة التحسين بشكل علمي. وفي هذه المرحلة يتم طرح العديد من الحلول، واختيار أفضلها.

ويتم في هذه المرحلة تطوير الحلول؛ من خلال وضع معايير النجاح التجريبية، وتصميم التجارب لاختبار الفرضيات، ومن ثمّ الحصول على موافقة أصحاب المصلحة لاختيار الحل الأمثل. ومن ثمّ تطبيق هذا الحل من خلال التطبيق التجريبي.

  • الفحص Check 

من خلال هذه العملية يتم قياس وتقييم النتائج التي تم التوصل إليها، وفحص إن كان هناك نجاح في الجهود التي بذلت أم لا، أي قياس مدى تحسين الناتج من تطبيق المرحلة السابقة. ويتم تحديد مدى نجاح خطة التحسين لأهدافها الموضوعة.

كما يتم في هذه المرحلة تقييم النتائج؛ من خلال تحليل البيانات التي تمّ جمعها، والتحقق من الفرضية، من ثمّ تحقيق المطلوب؛ فإذا كانت الإجابة بنعم، يتم الانتقال إلى خطوة التنفيذ، أما إذا كانت الإجابة بلا، يتم الرجوع إلى خطوة العمل، وإعادة تنفيذ الخطوات مرة أخرى.

  • التنفيذ Act 

في هذه المرحلة؛ يتم اعتماد خطة التحسين كأسلوب معتمد ومقرر إذا كانت النتائج مرضية وإيجابية، ويتم تعميمه على المعنيين وتدريبهم على تطبيق التحسين بفاعلية. ويتم تعميم نتائج التحسين على العمليات الأخرى المشابهة. أما في حال كانت النتائج غير مرضية، يتم العمل على تعديل الخطة من جديد في المرحلة الأولى.

ويتم في هذه المرحلة تنفيذ الحل الكامل، والاستفادة من الفرص الجيدة من خلال تحديد المتغيرات التنظيمية والاحتياجات التدريبية للتنفيذ الكامل، ومن ثمّ التخطيط للاستمرار في هذا الحل والتحسين، مع البحث عن فرص التحسين الأخرى.

الحصول على شهادات الجودة مثل ISO 9001 والجوائز المتعلقة بالجودة يمكن أن تكون مؤشرًا على نجاح إدارة الجودة الشاملة.

  1. نموذج المؤسسة الأوروبية للجودة

قدمت المؤسسة الأوروبية نموذجًا لإدارة الجودة للتميز عام 1992م، وذلك في إطار تقييم طلبات المشاركين في الجائزة الأوروبية للجودة التي نفذتها المؤسسة. ويعتبر النموذج أحد أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة. ويشتمل على 9 معايير مترابطة ومتفاعلة فيما بينها، وقسمت المعايير التسعة إلى مجموعتين رئيسيتين، هي:

  • المجموعة الأولى: تشتمل 6 عوامل، تتمثل في القيادة، وإدارة الموارد البشرية، والسياسات والاستراتيجيات، والموارد، والعمليات.
  • المجموعة الثانية: تشمل 3 عوامل، تتمثل في تحقيق رضا العاملين، ورضا العملاء، ورضا المجتمع. وهذه تعتبر مجموعة من النتائج المتوقع تطبيقها والتي تستخدم لقياس مدى النجاح في المؤسسة.

 

  1. مخطط باريتو

يعد مخطط باريتو من أهم أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة، وترجع فكرته إلى العالم الاقتصادي الإيطالي فالفريدو باريتو نتيجة دراسة اقتصادية شاملة عام 1897م تهدف إلى توزيع الثروة في بلاده، حيث أظهرت هذه الدراسة أن 80% من الثروة المحلية مملوكة لما يقارب 20% من السكان. وترتكز فكرة باريتو على قاعدة أن 80% من المشكلة هو نتيجة 20% من الأسباب الممكنة لحدوثها، بمعنى أنه غالبًا ما يكون هناك عدد محدود من الأسباب ذات تأثيرات كبيرة على مشكلة الجودة.

ويعتبر مخطط باريتو من أهم أدوات الجودة الشاملة، حيث تستخدمه المنظمات في حل المشاكل التي تواجهها أثناء العمل، ويتكون المخطط من الأعمدة التي توضح كيفية توزيع الموارد النادرة عائد ممكن.

ويعد مخطط باريتو من الأساليب الناجحة عند تطبيق الجودة الشاملة، حيث إنه يستخدم البيانات الكمية والوصفية معًا، حيث يقارن المخطط بين أسباب المشكلة من خلال حصر عدد مرات تكرار وجودها، ويستخدم من أجل التركيز على أكثر المشكلات أهمية وحلها بطريقة سهلة، حيث إنه يعتمد على فصل الأقلية الحيوية والأكثرية المفيدة، من خلال اعتماده الكلي على قوائم الفحص Check lists. ويطلق على مخطط باريتو قاعد 80-20.

أدوات إدارة الجودة الشاملة
تبرز أهمية أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة كعنصر حاسم لتحقيق التميز والكفاءة

  1. نموذج السبب والنتيجة

ينسب هذا النموذج إلى عالم الجودة إيشيكاوا Ishikawa Diagram ، ويطلق عليه نموذج إيشكاوا، أو نموذج عظم السمكة Fishbone Diagram؛ كونه يتخذ شكلًا مشابهًا لعظام سمكة. ويتم استخدام هذا النموذج بعد جلسات العصف الذهني، حيث يتم تسهيل المشكلات الكبيرة المعقدة من خلال دراسة الأسباب، ومن ثمّ تحويلها إلى مشكلات صغيرة للتغلب عليها.

قام إيشكاوا باستنباط فكرة نموذج عظمة السمكة لتحليل العلاقة بين الأسباب والنتائج، حيث إن الإدارة تستطيع حل أي مشكلة عن طريق استخدام هذه الخريطة، من خلال معرفة الأسباب الرئيسية والفرعية التي أدت إلى حدوثها.

 

  1. نموذج جوران

وضع جوران Juran أحد أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة، وذكرها في كتيبه الذي بعنوان الرقابة على الجودة، وذلك عام 1988م. وتشمل هذه الأداة 3 عناصر رئيسية؛ والتي تشمل:

  • تخطيط الجودة: ويقصد بها تحديد الأهداف، وتحديد وتصميم المنتجات التي تشبع احتياجات العملاء.
  • الرقابة على الجودة: أي استخدام مقاييس الرقابة الإحصائية لقياس وتقييم الأداء والتأكد من تحقيق المعايير.
  • تحسين الجودة: أي التحسين المستمر من خلال تأسيس البنية الأساسية، وتوفير الموارد حسب المواصفات المطلوب، والاهتمام بتدريب العاملين.

وعرفت هذه الخطوات فيما بعد باسم نموذج جوران، حيث يرى جوران أن السيطرة على الجودة يجب أن تكون عملية دائرية منتظمة، تتم من خلال قياس النتائج المحققة مقارنةً بالمعايير التي تمّ وضعها خلال عملية التخطيط.

رضا العملاء هو المؤشر الأساسي لنجاح إدارة الجودة الشاملة

 

أفضل طريقة لقياس نجاح إدارة الجودة الشاملة

قياس نجاح إدارة الجودة الشاملة يمكن أن يكون تحديًا، لأنه يشمل العديد من الجوانب المختلفة داخل المؤسسة. ومع ذلك، يمكن استخدام عدة طرق لتقييم نجاحها، وهي تتضمن مزيجًا من المؤشرات الكمية والنوعية لقياس الأداء والتحسين المستمر. إليك بعض الطرق الفعّالة لقياس نجاح إدارة الجودة الشاملة:

  • رضا العملاء: هو المؤشر الأساسي لنجاح إدارة الجودة الشاملة. ويمكن قياس رضا العملاء من خلال استطلاعات الرأي، وتقييمات الخدمة، ومعدلات الشكاوى والعودة للشراء.
  • تحليل الأداء المالي: يمكن قياس النجاح من خلال تحليل النتائج المالية مثل زيادة الإيرادات، وتقليل التكاليف، وتحسين الربحية الناتجة عن تحسين العمليات وزيادة الكفاءة.
  • مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs): تحديد ومتابعة مؤشرات الأداء الرئيسية المحددة مسبقًا التي تعكس مستوى الجودة في العمليات المختلفة، مثل معدلات العيوب، وأوقات التسليم، ومستويات المخزون.
  • تحسين العمليات: قياس مدى التحسين في العمليات الداخلية والكفاءة من خلال تقليل الهدر، وتحسين سرعة العمليات، وزيادة المرونة في الإنتاج.
  • رضا الموظفين والمشاركة: قياس مدى رضا الموظفين ومشاركتهم في برامج الجودة يعتبر مؤشرًا مهمًا للنجاح. ويمكن استخدام استبيانات رضا الموظفين ومعدل دوران العمل كمؤشرات لهذا الجانب.
  • التقييمات الخارجية: الحصول على شهادات الجودة مثل ISO 9001 والجوائز المتعلقة بالجودة يمكن أن تكون مؤشرًا على نجاح إدارة الجودة الشاملة.
  • المقارنة المعيارية: مقارنة الأداء والممارسات مع المؤسسات الرائدة في نفس الصناعة يمكن أن يوفر نظرة ثاقبة حول موقع المؤسسة من حيث الجودة ومجالات التحسين الممكنة.

 

تكمن قوة المؤسسات الرائدة في قدرتها على تبني أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة. حيث إن أدوات تطبيق إدارة الجودة الشاملة لا تساعد فقط في تحسين العمليات وزيادة الكفاءة، ولكنها تعزز أيضًا رضا العملاء وتحفز الابتكار. وإن السير على درب الجودة الشاملة يعد خطوة ضرورية نحو التميز والاستدامة، ويشكل الأساس لبناء مستقبل مزدهر للمؤسسات.