انطلقت موجة احتجاجات وامتعاض واسعة في صفوف الصحفيين بموريتانيا بسبب ما اعتبره العديد منهم تزايد حالات مضايقة المؤسسات الصحفية، وخاصة بعد إيقاف برنامجين (إذاعي وتلفزيوني) كان آخرهما برنامج "في الصميم"، الذي أوقف لمدة شهر ابتداء من يوم 19 شباط/فبراير 2016، وتبثه قناة "المرابطون" الخاصة، والتي تلقت إنذارًا من قبل السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (الهابا).
احتج الصحفيون الموريتانيون معتبرين قرارات السلطة الأخيرة "ردة في مجال حرية الصحافة" و"توجهًا نحو تكميم الأفواه"
وقد ركزت نقابة الصحفيين الموريتانيين نشاطاتها في الفترة الأخيرة على تنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة بمزيد من الحرية للصحفيين وإيقاف جميع أشكال التضييق وخاصة ما يتعلق بإيقاف البرامج الإذاعية والتلفزيونية والرجوع عن سياسة إنذار المؤسسات الإعلامية.
وانطلقت شرارة تلك الاحتجاجات عقب إيقاف بث برنامج "صحراء توك"، الذي يقدمه الإعلامي زايد محمد، على أمواج إذاعة "صحراء ميديا" الخاصة، والذي كان قد مثل منبرًا للعديد من أصحاب المظالم وفضاء لانتقاد السياسات التي ينتهجها النظام الموريتاني.
اقرأ/ي أيضًا: إيقاف أشهر برنامج إذاعي بموريتانيا
لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد، إذ تجددت احتجاجات صحفيي موريتانيا من جديد أمام مقر الهيئة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (الهابا) في يوم 22 شباط/فبراير الجاري، استنكارًا لإيقاف برنامج "في الصميم" الذي يبث في قناة "المرابطون" الخاصة ويقدمه الإعلامي أحمدو الوديعة.
ورفع المحتجون لافتات تصف قرارات السلطة الأخيرة "بالردة في مجال حرية الصحافة"، منددين بما سموه "قرارات الهابا الساعية إلى تكميم الأفواه"، ومشيرين إلى "أن قرارات الهابا الأخيرة تهدد كل مكتسبات حرية الصحافة في موريتانيا، وأن وضع "الإعلام أصبح في خطر".
وقال أحمدو الوديعة مقدم برنامج "في الصميم" لـ"الترا صوت" إن "استهداف القناة والبرنامج يعود لالتزام القناة بقواعد المهنة، وخروجها عن قواعد الإعلام الحكومي المحتكر لرأي واحد ولون واحد"، مستدركًا: "هم منزعجون منا لأننا نعطي نفس الفرص للجميع، المعارض والموالي، النافذ والمهمش، بالإضافة إلى المتحدثين بكل اللغات الوطنية".
"ينقمون لأننا نرفض حصارهم الظالم على ضحايا الرق ومخلفاته وعلى ضحايا التصفيات العرقية، فلسفتهم أن هؤلاء لا حقوق لهم في الإعلام"، يضيف الوديعة. ويوضح: "رؤيتنا هي أننا قناة الوطن بكل ألوانه، وأن هؤلاء من الوطن ومن ألوانه، بكل أسف موريتانيا تفقد الآن المجال الوحيد الذي كانت تنافس على الصدارة الإيجابية فيه، وهو مجال الحرية".
اقرأ/ي أيضًا: الإعلام الموريتاني.. تنوع وانفتاح وفوضى أيضًا
وأثار قرار الهابا الأخير ردود فعل منددة من الأحزاب السياسية المعارضة، حيث دعا الرئيس الدوري للمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض أحمد سالم ولد بوحبيني إلى إعادة تنظيم السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية (هابا) حتى يمثل فيها الصحفيون، كما ندد حزب اتحاد قوى التقدم المعارض في موريتانيا بقرار السلطة، معتبرًا أسباب إيقاف البرنامج "واهيةً ولا تستند إلى مبررات مقنعة".
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان (الأسبق) إزيد بيه محمد محمود قد انتقد الإعلام الموريتاني، في مؤتمر صحفي للحكومة في شهر آب/أغسطس 2015، أثناء مدافعته عن قرار "الهابا" الذي يمنع "كل أشكال التجريح، والقذف، والإساءة التي يمكن أن تنال من شرف رئيس الجمهورية"، مضيفًا أن "العديد من المؤسسات الصحفية الموريتانية تجاوزت الخطوط الحمراء وأن بعض الصحفيين تجاوزوا المسموح به وخرجوا عن قواعد المهنية، خصوصًا فيما يتعلق بأعراض الناس"، حسب تعبيره.
اقرأ/ي أيضًا: