أمسى رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومتابعو وسائل الإعلام الإلكترونية، الأربعاء 13 تموز/يوليو، على خبر مقتل القائد العسكري البارز، والمعروف بمسمى وزير الحرب في تنظيم "الدولة الإسلامية" أبو عمر الشيشاني، بعد أن أكدت وكالة "أعماق"، أحد أبرز الأذرع الإعلامية للتنظيم، نبأ مقتله خلال المعارك في مدينة الشرقاط العراقية.
إن صح فعلًا مقتل الشيشاني، فإن تنظيم داعش يكون قد بدأ يخسر قيادات بارزة في مراتب الصف الأول والثاني، والذي اعتمد عليهم في رسم حدود دولته
ويمثل مقتل الشيشاني لتنظيم الدولة، في هذا التوقيت تحديدًا، ضربة موجعة، رغم عدم اعترافه بذلك. فعليًا لم يعترف التنظيم يومًا بخسارة قياداته، مع أن فقدان المهندس العسكري لخريطة "الدولة الإسلامية"، تزامنًا مع اشتداد الحصار عليه في الموصل العراقية، ومنبج السورية، سيكون عامل ضعف لا قوة.
اقرأ/ي أيضًا: هل ستسقط الاقتصادات الصاعدة؟
وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، كانت حذرة في تأكيدها مقتل الشيشاني، وذلك من خلال نقلها، على لسان المتحدث باسمها بيتر كوك، قوله إن الشيشاني قتل في 10 تموز/ يوليو في غارة للتحالف الدولي على اجتماع كان يضم قادة في التنظيم في مدينة الموصل، مرجحًا مصرعه إلى جانب 16 وجهًا قياديًا.
لكن البيان الأمريكي، تابع منوهًا "نحن نعمل على التحقق من نتائج الغارة الجوية، لكن مع ذلك فهنالك مؤشرات على حضوره"، رغم تأكيدات الأذرع الإعلامية، وأنصار "الدولة الإسلامية" النبأ. حتى أن "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، قال نقلًا عن نشطاء من داخل مدينة الرقة، المعقل الرئيس للتنظيم، إن مقاتليه جابوا شوارع المدينة، متوعدين بـ"الرد على مقتله في أرض الصليب".
ولعل الأبرز في نبأ مقتل الشيشاني، هو تبني الخبر رسميًا من قبل تنظيم الدولة، على عكس ما حصل مع القيادات التي لقيت مصرعها منذ مراحل النشوء والتكوين، كونه ابتعد عن تجاذبات النفي، وعدم إقراره بخساراته المتلاحقةـ وانحسار مناطق نفوذه، بعد أن خسر نسبة كبيرة منها.
أي أن مقتل الشيشاني، يحمل روايتين متناقضتين، يتفقان في تأكيد لا نفي موته، ما يعني أن التنظيم يعي تمامًا، أن تأكيد الخبر، يجعل الولايات المتحدة مترددة في تبنيه، حتى أن الإعلان عن مقتل الشيشاني، جاء بعد يومين من تنفيذ الغارة الجوية، وأول من أعلن ذلك كان التنظيم ذاته.
اقرأ/ي أيضًا: إسرائيل وعضوية الاتحاد الأفريقي..احتمالات وتداعيات
وربما يمكن التكهن، إن صح خبر مقتل الشيشاني، إن التنظيم خسر أحد أهم القيادين، المقربين من أبو بكر البغدادي شخصيًا، وتوكيدًا عليه، ظهوره إلى جانب المتحدث الرسمي باسم التنظيم أبو محمد العدناني، في شريط "كسر الحدود"، مستقلًا "جرافة" لإزالة الحواجز الترابية بين العراق وسوريا، والملاحظ أن ظهور القيادات الأولى في التنظيم، دائمًا ما يرافقها إصدار بصري مميز.
في شريط "كسر الحدود"، قال الشيشاني "الحمد لله؛ نحن اليوم سعداء؛ لأننا نشارك في إسقاط الحدود التي وضعها الطواغيت، منعًا من انتقال المسلمين لأراضيهم، لقد مزق الطواغيت الخلافة الإسلامية، وجعلوها دولاً؛ مثل: سوريا والعراق؛ تحكم بقوانينهم الوضعية".
انضمام الشيشاني إلى صفوف تنظيم الدولة، ومبايعة زعيمها أبو بكر البغدادي، شكل عامل قوة مضاعفة لأركان "الدولة الإسلامية"، بعد أن صعد اسم القيادي العسكري، القادم من إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، أثناء قيادته لجيش "المهاجرين والأنصار"، الذي يضم مقاتلين من الجمهوريات التي ينتمي إليها، في معركة السيطرة على مطار "منغ" العسكري في حلب شمال سوريا.
بدأ داعش يخسر قيادات بارزة في مراتب الصف الأول والثاني، والذي اعتمد عليهم في رسم حدود دولته
التقارير الإعلامية اللاحقة، تحدثت عن دور الشيشاني في رسم السياسة العسكرية لتنظيم الدولة شمال سوريا، بدءًا من مدينة الرقة، ومعركة السيطرة على مدينة الطبقة ومطارها، وصولًا إلى معارك دير الزور وريفها، وهو ما جعله يشكل فارقًا قويًا للتنظيم في معاركه الميدانية.
وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، قالت في أكثر من مناسبة، إن الشيشاني مسؤول عن تجنيد المقاتلين من الجمهوريات السوفييتية السابقة، وهو مقاتل سابق في الجيش الجورجي، وخاض معاركًا ضد الجيش الروسي، قبل أن يسرح من الخدمة، أي أن الرجل مخضرم عسكريًا، ويقود المقاتلين الأجانب في التنظيم، إلى جانب مهامه كوزير حرب، وعضو مجلس شورى، ما يعني أنه يملك سطوًة كبيرة، ومكانًة رفيعة بين القادة ورمزية عالية لدى العناصر.
الدور البارز للشيشاني في التنظيم، جعل الولايات المتحدة، ترصد 5 ملايين دولار أمريكي لمن ينقل معلومات عن مكان إقامته، وهي ذاتها كانت أكدت نبأ مقتله في آذار/مارس الفائت، قبل أن تتراجع نافيًة الخبر، ومرجعًة سبب سرعتها في الإعلان إلى عدم تقديرها الصحيح.
من الممكن إن صح فعلًا مقتل الشيشاني، أن التنظيم بدأ يخسر قيادات بارزة في مراتب الصف الأول والثاني، والذي اعتمد عليهم في رسم حدود دولته، ما يجعله مشتتًا في اختيار الأسماء التي عليها أن تستلم أماكن المقتولين، خصيصًا، بعد أن كثر الحديث، عن إفشال تلك القيادات لانقلابات كانت تريد الإطاحة بالمؤسسين الأوائل.
اقرأ/ي أيضًا: