يخامرني منذ فترة قلق على المدون والناشط الحقوقي المغربي هشام المرآة، فقد سمعت كثيرًا عن المضايقات التي يتعرض لها من قبل النظام المغربي بسبب نشاطه الداعم لحقوق الانسان في بلده المغرب، وهو أمر متوقع في عالمنا العربي المبتلى بأنظمة تخاف الأحرار وترنو لحجب شمس الحرية، لتتحول تلك الأخبار والأحاديث مع بعض النشطاء إلى أمر واقع، فاليوم يواجه الناشط المغربي الجسور، خطر السجن بتهمة عربية بامتياز وهي ''المس بسلامة أمن الدولة الداخلي"، طبقًا للفصل 206 من القانون الجنائي، التهمة التي تتراوح عقوبتها من سنة إلى خمس سنوات، وترتكز قضية هشام على شهادته للتقرير البحثي المعنون "عيونهم عليّ" الذي تناول ممارسات الحكومة المغربية في مجال المراقبة التقنية على المواطنين. ذلك التقرير الذي نشرته منظمة الخصوصية الدولية بالتعاون مع جمعية الحقوق الرقمية المغربية، الجمعية التي ترأسها هشام سابقًا، وكانت الشرطة القضائية المغربية في الدار البيضاء، قامت في سبتمبر/ أيلول 2015، بالتحقيق مع هشام وزميلته كريمة نادر، حيث تم استجوابهما حول عملهم وعلاقتهم بمنظمة الخصوصية الدولية.
هشام المرآة هو أحد مؤسسي منصة مامفاكينش الرائدة والتي كانت أهم منبر حر داعم للاحتجاجات التي حدثت في المغرب بداية الربيع العربي
هشام ليس الناشط الوحيد في القضية، فهناك ناشطون أخرون يواجهون ذات الخطر وهم: الناشط والمؤرخ المغربي معطي منجب، عبد الصمد أيت عياش وهو صحفي ومدافع عن حقوق الإنسان، هشام منصوري مدير المشاريع في الجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية AMJI، ومحمد الصبر عضو الجمعية المغربية لحقوق الانسان، بالإضافة إلى رشيد طارق هو رئيس الجمعية المغربية للصحافة الاستقصائية "AMJI" وماريا مكرم، المتهمين بـ"تلقي تمويل أجنبي بدون إخطار الأمانة العامة للحكومة".
وقد أطلقت منظمات ونشطاء حقوقيون مغاربة لجنة للتضامن مع النشطاء، واعتبرت في بيان نشرته الجمعية المغربية لحقوق الانسان على صفحتها على فيسبوك، أن القضية لا تخرج عن نطاق مضايقة نشطاء حقوقيون وانتهاك حقوقهم، وقالت: "سطرت اللجنة مجموعة من الأنشطة التضامنية والتحسيسية- التواصلية والاحتجاجية، لمواكبة أطوار محاكمة النشطاء السبعة، المزمع انعقادها يوم 19 نوفمبر 2015 أمم المحكمة الابتدائية بالرباط، إن اللجنة تدين بشدة المتابعات القضائية ضد المناضلين السبعة وتعتبر الاتهامات الموجهة إليهم باطلة وزائفة، وتستهدف الفعل الحقوقي الذي يمارسه هؤلاء النشطاء وفق ما يكفله الدستور المغربي".
تعرفت على صديقي الطبيب المناضل هشام المرآة، عبر نشاطه المبهر على الشبكة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي خاصة تويتر والمدونات والمواقع التشاركية، حيث كان صوت الاحتجاج في بلده المغرب، هشام هو أحد مؤسسي منصة مامفاكينش الرائدة والتي كانت أهم منبر حر داعم للاحتجاجات التي حدثت في المغرب بداية الربيع العربي، مابين 2011-2012، فقد كانت المنصة هي الذراع الإعلامي لحركة 20 فبراير، وقد تعرضت المنصة للعديد من المضايقات من قبل السلطة، حيث استهدفت برمجيات مراقبة خبيثة حواسيب تابعة للمشرفين عليها مثل هشام، وهو ما حرك مخاوفهم بشأن مراقبة اتصالاتهم.
لم تكن موجة الربيع العربي هي أول التحام لهشام بهموم شعبه، فهشام عرف قبل ذلك كمدون وقد أسهم في خروج مبادرات مغربية داعمة للإنسان وحقوقه في المغرب، خاصة جانب صحافة المواطن، مثل "توك موروكو"، وكان هشام صوت المغرب في موقع الأصوات العالمية المهتم بالصحافة الشعبية الذي انضم له سنة 2009 وقد شغل منصب مدير لمشروع دفاع الأصوات العالمية بين عاميّ 2012 – 2014، المشروع المهتم بالدفع عن الأصوات التي تتعرض للمضايقة بسبب نشاطها على الشبكة، وقد ساهم مع نشطاء مغاربة في تأسيس الجمعية المغربية للحقوق الرقمية، والتي رفضت السلطات المغربية الترخيص لها ودأبت على محاصرة أنشطتها.
كان أول اتصال بيني والمناضل هشام، ناتج رغبته في الكتابة لموقع الأصوات العالمية عن قضية موريتانية كانت تشغلني وأنشط فيها، أسعدني وجود ناشط ومدون عربي مستعد للخروج من حالة التقوقع على قضايا بلده والاهتمام بدولة "طرفية"، كانت بداية رائعة للتعرف على إنسان رائع، وازداد احترامي له حين قابلته على أرض الواقع في قمة الأصوات العالمية بكينيا 2012 وملتقى المدونين العربي بعمان 2014، ولا زلت أتذكر خطابه في ذلك الملتقى، حيث تحدث عن المدونين الذين منعهم السجان من المشاركة في الملتقى، مثل المدون المصري علاء عبد الفتاح والمدون السوري وباسل صفدي، الحرية لهشام ولرفاقه، سنلتقى جميعًا بعد أن نكنس الطغاة من أوطاننا، السجن مكانهم وليس مكاننا.
اقرأ/ي أيضًا: