13-مارس-2024
الرجفان الأذيني وعلاقته بالمشروبات المحلاة،

دراسة حول الرجفان الأذيني وعلاقته بالمشروبات المحلاة

 

الرجفان الأذيني هو حالة ينبض فيها القلب بشكل غير منتظم؛ مما يزيد احتمالية حدوث السكتات الدماغية بـ 5 أضعاف، وتظهر الإحصائيات أنه من المتوقع إصابة 12 مليون إنسان بالرجفان الأذيني بحلول عام 2030. في المقال نعرض دراسة جديدة تظهر علاقة بين المشروبات المحلاة وحدوث الرجفان الأذيني، فما التفاصيل؟

 

هل تزيد المشروبات المحلاة من فرصة الإصابة بالرجفان الأذيني؟

تشير الأبحاث الجديدة المنشورة في مجلة (Circulation: Arrhythmia and Electrophysiology) وهي مجلة تابعة للجمعية الأمريكية للقلب، إلى أن البالغين الذين أبلغوا عن شربهم لترين أو أكثر من المشروبات المحلاة بالسكر أو المحليات الصناعية في الأسبوع كانت احتمالية إصابتهم باضطراب نبضات القلب المسمى بالرجفان الأذيني أعلى مقارنة بالبالغين الذين شربوا أقل من ذلك.

ووجدت الدراسة أيضًا أن شرب لتر واحد أو أقل من العصير الطبيعي غير المحلى مثل عصير البرتقال أو الخضار مرتبط بتقليل خطر الإصابة بالرجفان الأذيني.

هذه الدراسة استخدمت بيانات من قاعدة البيانات البريطانية (UK Biobank) وهي من أوائل الدراسات التي تبحث في العلاقة بين السكر والمحليات الصناعية والرجفان الأذيني

كيفية إجراء البحث وما هي نتائجه؟

هذه الدراسة استخدمت بيانات من قاعدة البيانات البريطانية (UK Biobank) وهي من أوائل الدراسات التي تبحث في العلاقة بين السكر والمحليات الصناعية والرجفان الأذيني. وقال الباحث الرئيس د. وانج في محتوى البحث: "لا يمكن لنتائج دراستنا أن تجزم بشكل قاطع أن أحد المشروبات يشكل مخاطر صحية أكثر من الآخر؛ بسبب تعقيد نظامنا الغذائي وكون بعض الأشخاص يشربون أكثر من نوع من المشروبات. لكن واستنادًا على هذه النتائج ننصح الأفراد بتقليل أو حتى تجنب المشروبات المحلاة بالسكر والمحليات الصناعية قدر الإمكان، وألا يجزموا بأن المشروبات قليلة السعرات أو قليلة السكر هي مشروبات صحية، بل قد تكون خطرًا صحيًا محتملًا."

راجع الباحثون بيانات جمعت عن طريق استبانات غذائية وبيانات جينية لأكثر من 200 ألف بالغ غير مصاب بالرجفان الأذيني عند تسجيلهم ببنك البيانات، بين عامي 2006 و 2010. وخلال مدة تقارب العشر سنوات من تتبع المشاركين تم تسجيل 9362 حالة جديدة من الرجفان الأذيني. وتوصلت تحليلات الدراسة إلى أن:

  1. مقارنة بالأفراد الذين لم يشربوا أي مشروبات محلاة بالسكر أو المحليات الصناعية، كان خطر الإصابة بالرجفان الأذيني أكبر بنسبة 20% للأفراد الذين شربوا أكثر من لترين المشروبات المحلاة اصطناعيًا أسبوعيًا، وكان الخطر أكبر بنسبة 10% في الأفراد الذين شربوا أكثر من لترين أسبوعيًا من المشروبات المحلاة بالسكر.
  2. الأفراد الذين شربوا لترًا أو أقل من العصير الطبيعي أسبوعيًا كانت احتمالية إصابتهم بالرجفان الأذيني أقل بنسبة 8%.
  3. المشاركون المستهلكون للمشروبات المحلاة صناعيًا بشكل أكبر كان أكثرهم من النساء، وكنّ أصغر عمرًا، ولهن مؤشر كتلة جسم أعلى (وزن زائد)، وبينهن أعداد أكبر من المصابين بالسكري من النوع الثاني.
  4. المشاركون المستهلكون للمشروبات المحلاة بالسكر بشكل أكبر كان أكثرهم من الرجال، وكانوا أصغر عمرًا، ولهم مؤشر كتلة جسم أعلى (وزن زائد)، وبينهم أعداد أكبر من المصابين بأمراض القلب واتصفوا بتدني المستوى الاقتصادي. 
  5. الذين شربوا مشروبات محلاة بالسكر أو العصائر الطبيعية تناولوا كميات أكبر من السكر بالمجمل مقارنة بالذين شربوا المشروبات المحلاة صناعيًا. 
  6. سجّل تأثير التدخين في خطر الإصابة حيث إن المدخنين الذين شربوا أكثر من لترين من المشروبات المحلاة بالسكر أسبوعيًا كانت احتمالية إصابتهم بالرجفان الأذيني أكبر بنسبة31%، بينما لم تسجل زيادة مهمة لدى المقلعين عن التدخين والأشخاص الذين لم يدخنوا أبدًا. 

وقال الباحث د. وانج: "هذه النتائج الجديدة فيما يخص العلاقة بين خطر الإصابة بالرجفان الأذيني والمشروبات المحلاة بالسكر والمحليات الصناعية والعصائر الطبيعية قد تدفع إلى تطوير استراتيجيات وقائية جديدة من خلال تقليل استهلاك المشروبات المحلاة للمساعدة على تحسين صحة القلب".

هناك شح في الدراسات الكبيرة طويلة الأمد التي تبحث في فائدة وأمان المحليات الصناعية

هل تشمل النتائج من لديهم عرضة جينية للإصابة بالمرض فقط؟

وقد درس الباحثون أيضًا فيما إذا كانت القابلية الجينية لحدوث الرجفان الأذيني عاملًا في العلاقة بينه وبين المشروبات المحلاة، ولم تفلح الدراسة في إثبات هكذا علاقة بل كان الارتباط بين الرجفان الأذيني وشرب المشروبات المحلاة موجودًا بغض النظر عن القابلية الجينية.

وأضاف د. وانج: "بينما ما تزال الآليات التي تربط بين المشروبات المحلاة والرجفان الأذيني مجهولة، توجد العديد من التفسيرات الممكنة، ومنها مقاومة الأنسولين واستجابة الجسم لمختلف أنواع المحليات. المحليات الصناعية في الأطعمة والمشروبات تشمل بشكل رئيسي السكرالوز والأسبارتام والساكارين والأسيسلفام."

هل المحليات الصناعية آمنة؟

تجدر الإشارة إلى أنه يوجد شح في الدراسات الكبيرة طويلة الأمد التي تبحث في فائدة وأمان المحليات الصناعية، ونصحت استشارة علمية من جمعية القلب الأمريكية بتجنب الاستهلاك المطول للمشروبات قليلة السعرات الحرارية (Diet drinks) من قبل الأطفال، ولكن، رغم ذلك فقد أشاروا إلى أن المشروبات المحلاة صناعيًا قد تكون بديلًا جيدًا لتقليل استهلاك السكر من قبل البالغين الذين اعتادوا على شرب كميات كبيرة من المشروبات التي تحتوي السكر، لما له من أضرار صحية عديدة.

وقالت د. كريس-ايثرون أحد كاتبي هذه الاستشارة: "هذه الدراسة الأولى التي أبلغت عن وجود ارتباط بين المشروبات قليلة السعرات والخالية من السعرات وزيادة خطر الإصابة بالرجفان الأذيني، وبينما توجد أدلة قاطعة على الارتباط بين المشروبات المحلاة بالسكر وخطر الإصابة بالأمراض القلبية فلا توجد هكذا أدلة على المضاعفات الصحية للمحليات الصناعية. وما زلنا نحتاج إلى المزيد من البحث في هذه المشروبات لتأكيد هذه النتائج ولفهم كل المضاعفات الصحية على القلب والحالات الصحية الأخرى، في الوقت الحاضر فإن شرب الماء هو الخيار الأفضل، وبناءً على هذه الدراسة، فإنه يجب تقليل أو تجنب المشروبات قليلة السعرات والخالية من السعرات."

توجيهات جمعية القلب الأمريكية بخصوص النظام الغذائي لعام 2016 والتي توافقت مع توجيهات وزارة الزراعة الأمريكية الغذائية U.S.D.A. للأعوام 2020-2025، نصحت بتقليل استهلاك المشروبات المحلاة بالسكر، وقد أشارت إلى عدم وجود أدلة واضحة على تأثير المشروبات قليلة السعرات والخالية من السعرات في النتائج الصحية. ونصحت الجمعية بتقليل شرب المشروبات الغازية، والعصائر، والمشروبات الرياضية ومشروبات الطاقة، والشاي المحلى والقهوة المحلاة. أما بالنسبة للخيارات الصحية فتشمل الماء، والحليب الخالي من الدسم أو قليل الدسم، بينما ينصح بشرب العصير الطبيعي غير المحلى بدلًا من العصير بالسكر المضاف، نصف كوب من عصير خالص "مثل البرتقال والجريب فروت" يعتبر حصة غذائية واحدة.

أخيرًا نذكر بعض المعلومات عن الدراسة وكيفية أدائها:

  • بنك المعلومات البيولوجية البريطاني هو قاعدة بيانات طبية ضخمة تحتوي سجلات طبية لأكثر من 500 ألف بالغ، سجلوا بين عامي 2006 وحتى عام 2010، ممن عاشوا في بريطانيا، وتلقوا الرعاية الصحية من الخدمات الطبية البريطانية الوطنية.
  • روجعت بيانات 201856 مشاركًا من بنك المعلومات، تتراوح أعمارهم بين ال 37 وال73 سنة، و45% منهم كانوا ذكورًا.
  • توبع المشاركين لقرابة الـ 10 سنوات.
  • جمعت عينات دم لقياس القابلية الجينية للإصابة بالرجفان الأذيني، وأجاب المشاركون على أكثر من استبيان بخصوص نظامهم الغذائي في أكثر من 5 مناسبات بين أبريل2009، ويونيو2012.

محددات الدراسة تشمل كون نتائجها مبنية على الرصد ولا يمكنها إثبات السببية بين شرب أنواع معينة من المشروبات وخطر الرجفان الأذيني. إضافةً إلى ذلك فإن هذه النتائج مبنية على قدرة المشاركين على تذكر أنظمتهم الغذائية وما هي المشروبات التي استهلكوها، لذلك فإنها معرضة لأخطاء الذاكرة. كما أنه لم يذكر ما إذا كانت هذه المشروبات تحتوي الكافيين أم لا.