يبدو أن "الأمم المتحدة" مصابة بمتلازمة ستوكهولم، بينما يشجب أمينها العام، بان كي مون، جرائم النّظام بحقّ المدنيين في سوريا، تنصرف أجهزة منظمته الأممية للتنسيق مع النّظام وتمويله، عبر مشاريع "خيرية"، وصفتها 75 منظمة غير حكومية مركزها سوريا وتركيا، أنّها تذهب لصالح أهداف عسكرية لا إنسانية.
جمّدت الأمم المتحدة مبالغ تصل ل 230 مليون دولار، كانت قد قُدّمت من قبل منظماتٍ غير حكومية ناشطة في سوريا، ومركز عملها تركيا، لحجج أمنية
تبرّر "الأمم المتحدة" تردّدها في مساعدة المنظّمات غير الحكومية المعارضة للأسد بعدم ثقة الأمم المتحدة بها، وتخوّف المانحين من استيلاء الجماعات الراديكالية على المساعدات، وبالتّالي، تنتظر "الأمم المتحدة"، كما في كلّ مرّة، صور الأطفال الموتى بسبب المجاعات والحصار المتنقل بين مدينة وأخرى، لتتحرّك بعدها وتدخل مساعداتٍ عينية، طبعًا تمرّ بالنّظام وتخضع لموافقته ومزاجه الزّمني.
اقرأ/ي أيضًا: مأزق الخليج في مصر
اعتراض المنظمات غير الحكومية برز بقوّة في العام 2015، حيث تظاهرت 5 منظمات في تركيا رفضًا لتجاهل الأمم المتحدة واقع "الحصار"، وتغييبه عن تقاريرها. العام 2016 لم يختلف كثيرًا عن سابقه من حيث التّضامن الإنساني، فالأمم المتحدة أيضًا لطّفت جرائم النّظام، وأكّدت على موقفها "المحايد" وموقعها كـ "حكم" بين أطراف النّزاع.
في كانون الثاني/يناير الماضي، قامت منظمة OCHA (Office for the Coordination of Humanitarian Affairs) التابعة للأمم المتحدة، بإقرار خطّة تمويلٍ بمبلغٍ وقدره 751.129 دولار، أي قرابة السبعمائةٍ وواحد وخمسون ألف دولاْر لصالح مشروع تنموي، يستهدف قطاع المياه والرّي في المناطق الخاضعة لسيطرة النّظام في حلب. المفاجأة تكمن في الجهة التي تلقّت التّمويل، والجهة هي جمعية تتبع مباشرةً لزوجة بشّار الأسد، وتخضع الجمعية لإشرافها ومراقبتها، وهذه ليست المرّة الأولى التي تموّل فيها الأمم المتحدة مشاريع للأسد.
فضائح التّمويل المباشر وغير المباشر للنظام لا تقف عند مشروع المياه، بل تتعداه لكشوفات الحسابات الخاصّة بالسّنة الماضية، فطواقم الأمم المتحدة صرفت 7 مليون دولار في العام الماضي، تكلفةً لفندقين في العاصمة دمشق، والتّكلفة تشمل موظفي وطاقم عمل المنظمة الأممية، إضافةً إلى التّكلفة الأمنية لحمايتهم.
اقرأ/ي أيضًا: لماذا دخلت تركيا إلى الحرب السورية
جمّدت الأمم المتحدة مبالغ تصل لـ 230 مليون دولار، كانت قد قُدّمت من قبل منظماتٍ غير حكومية ناشطة في سوريا، ومركز عملها تركيا، لحجج أمنية. تعاني مناطق سيطرة المعارضة في حلب من الحصار، الجوع، نقص الأدوية وانهيارٍ في البُنى التّحتية، لم تُقنع هذه العوامل كلّها الأمم المتحدة كي تُعيد تمويل المنظمات العاملة على الأرض، ولا تزال تشكّك في الجهة التي ستستلم المساعدات.
أمام الحلبي القاطن في مناطق المعارضة خياران، الموت بسبب الحصار وتجاهل الأمم المتحدة ذلك، أو سلوك الممرات "الآمنة" الرّوسية، بما يحمله ذلك من مخاطرة ومجازفة. في حال خروج الحلبيين من مدينتهم، أي قرابة 250 ألف إنسان، هل تستطيع الأمم المتحدة التي عجزت عن إعانة الآلاف من العراقيين الذين غادروا الفلّوجة على مساعدة النازحين من حلب؟ أم أن النّازحين من حلب سيتوجّهون للحدود التّركية؟ ما يعني أزمةً جديدة، فتركيا تتشدّد في فتح حدودها أمام السّوريين، خوفًا من تسلل عناصر إرهابية للداخل التّركي المأزوم أصلًا ما بعد الانقلاب.
المنظمة الدولية دفعت 31.5 مليون دولار على الأقل، على شكل عقودٍ لإدارات ومؤسسات وجمعيات على علاقة بالنظام، وبعضها تخضع لعقوبات أوروبية وأمريكية. أيضًا الأمم المتحدة بوكالاتها عقدت صفقات مع 258 شركة سورية أخرى على الأقل، ودفعت مبالغ في عقود تتراوح قيمتها بين 54 مليون دولار و36 مليون جنيه استرليني وصولًا إلى 30 ألف دولار. ويرجح أن كثيرًا من هذه الشركات لها صلات بالأسد أو القريبين منه.
اقرأ/ي أيضًا: