كشفت التسريبات التي نشرها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، عبر تعاونه مع مؤسسات إعلامية مختلفة، وأطلق عليها اسم "وثائق بنما" تورط شخصيات جزائرية في هذه "الفضيحة"، التي طرحت العديد من الأسئلة وتركت عدة استفهامات في الوسط السياسي في الجزائر، خاصة وأن الوثائق تعلقت بأسماء بارزة كوزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، الذي يشغل وزارة سيادية في الجزائر، وهي الوزارة التي سبق وأن هزتها العديد من قضايا الفساد، التي بدأت العدالة الجزائرية في فك شفرتها وفتح سلسلتها المتشابكة.
كشفت "وثائق بنما" تورط شخصيات جزائرية منها وزير الصناعة والمناجم إضافة إلى أسماء أخرى بارزة في مجال الطاقة والمحروقات
"الفضيحة"، برأي المتتبعين، تضاف إلى سلسة الفضائح في قطاع الطاقة في الجزائر، حيث وردت في "وثائق بنما"، أسماء أخرى جزائرية مرتبطة بملف الفساد في الشركة الجزائرية للمحروقات "سونطراك" وهم فريد بجاوي ورضا حمش وعمر حبور، وأماطت اللثام عن صفقات مشبوهة في فضيحة رشوة من شركة "سايبام" الإيطالية لمسؤولين سامين في "سونطراك" بملايين اليورو، التي تم تهريبها إلى حسابات غير ضريبية.
اقرأ/ي أيضًا: تونس.. تشكيك ودعوات للتحقيق في "وثائق بنما"
التسريبات لم تحرك الطبقة السياسية في الجزائر، وهو برأي المتابع للشأن السياسي في الجزائر عادل زايدي "أمر طبيعي في الوقت الراهن"، حيث أكد لـ"الترا صوت" أن "قضايا الفساد في الجزائر تحولت إلى آلية فعلية لبقاء النظام السياسي في الحكم، وهو من يصنع وزراء برزوا على السطح من خلال فسادهم العابر للحدود". وأضاف، في هذا السياق، أن "الجهاز القضائي سبق له وأن فتح ملفات الفساد لكنها في النهاية لم تكسب رهانها الفعلي والحقيقي بعد عودة "مشبوهة" لوزير الطاقة والمناجم الجزائري شكيب خليل إلى الجزائر بعدما طالته العديد من القضايا التي حركها جهاز المخابرات سابقًا، ليجد نفسه متهمًا ثم بريئًا بعد زوبعة إعلامية وسياسية كبيرة ضده". وأشار زايدي إلى أن "العدالة الجزائرية صارت في قفص الاتهام بسبب صمتها"، على حد قوله.
من جانب آخر، لفت المتحدث إلى أن الإعلام الجزائري تجاهل قضية "وثائق بنما"، إلا صحيفة أو صحيفتين فقط تناولا القضية، أما القنوات التلفزيونية الخاصة فتحاشت، حسب رأيه، "الخوض فيها خصوصًا وأنها تزامنت مع عودة وزير الطاقة السابق إلى الجزائر، الذي بعدما كان متهمًا من طرف هذه القنوات الخاصة، رجع إلى الجزائر وصار بريئًا من طرف نفس وسائل الإعلام وقد انقلبت اليوم في محاولة لتبييض صورته".
تجاهل الإعلام الجزائري قضية "وثائق بنما"، إلا بعض الصحف أما القنوات التلفزيونية الخاصة فتحاشت التعرض للموضوع
في المقابل، كان التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي مع "وثائق بنما" أكثر وضوحًا، ويرى الإعلامي ياسين محمدي أن "هذه المواقع صارت تستعمل لنشر غسيل المتورطين"، وهو ما يغطي، حسب رأيه، "عجز الإعلام التقليدي من صحف وقنوات تلفزيونية في الجزائر".
ورود أسماء جزائرية في فضيحة "وثائق بنما"، كان متوقعًا ومنتظرًا، حسب محمدي، قياسًا بحجم الوثائق المسربة التي تجاوزت 11 مليون وثيقة، لافتًا إلى أن "القضية أكبر من تحقيق استقصائي أنجزه 300 صحفي بقدر ماهو عمل استخباراتي، هدفه تعرية دول بعينها"، على حد تعبيره. كما شدد على أن "ورود اسم وزير الصناعة والمناجم الجزائري عبد السلام بوشوارب في القضية يكشف تغلغل المال في السياسة ودواليب الحكم في الجزائر، كما يكشف تناقض المسؤولين الذين يرفعون شعار مكافحة التهرب الضريبي في حين يهربون أموالهم بطرق ملتوية إلى ملاذات آمنة".
ويرى المتحدث أن "موقف العدالة الجزائرية من هذه القضايا يظل باهتًا خاصة وأنها لن تفتح أي تحقيق في القضية في ظل غياب قرائن مادية"، ما يعزز استمرار ذات الممارسات لسنوات قادمة خاصة مع تأخر أجهزة الرقابة وغياب آليات قانونية وتشريعية للترصد.
اقرأ/ي أيضًا: وثائق بنما.. ساسة الفساد المالي حول العالم
بورود اسم الوزير بوشوارب في فضيحة "أوراق بنما"، فتح الوزير على نفسه "باب جهنم"، بحسب الإعلامي سعيد بوراس، الذي صرح لـ"الترا صوت": أن "نشر الوثائق تزامن مع عودة الجدل بشأن قضية وزير الطاقة والمناجم الجزائري الأسبق شكيب خليل، الذي رجع الى الجزائر بعد هروبه عقب "فضيحة" هزت الشركة الجزائرية للمحروقات "سونطراك"، وضلوعه في ملفات الفساد التي طالت الشركة".
وتساءل بوراس عن الطريق الذي سينتهجه الساسة في الجزائر وأصحاب المناصب العليا لإقناع المستثمرين الأجانب بالاستثمار وتأسيس شركات في الجزائر، بعدما هربوا أموالهم إلى الخارج، مشيرًا إلى أن بوشوراب، الذي تم تداول اسمه لخلافة رئيس الوزراء الجزائري الحالي في التعديل الحكومي المقبل، قد يكون حلم ترؤسه للحكومة قد تبخر بعد ما ذكر من معلومات في "وثائق بنما".
اقرأ/ي أيضًا: