فتاة نحيلة متوسطة الطول ذات ملامح لاتينية، تطرق أبواب البيوت في شمال بروكلين لتجمع التوقيعات من المواطنين من أجل ورقة اقتراعها: "مرحبًا. أنا جوليا، أعيش في الحي، وقد رشحت نفسي لمجلس الشيوخ في الولاية في الانتخابات المقررة في 13 أيلول/سبتمر القادم".
يرى مراقبون أن هناك مجموعة من الشباب بدأوا في اقتحام المجال السياسي بعقلية جديدة في الداخل الأمريكي، بينهم جوليا سالازار
أول باب فُتح لها كان لبيت عائلة دعتها لمناقشة حقوق المستأجرين والرعاية الصحية وإصلاح نظام مترو الأنفاق المتداعي. الشابة النحيلة ليست من عائلة ثرية، بل تعود أصولها لأسرة مهاجرة. وتمثل صوتًا نسائيًا شابًا جديدًا، ربما يغير شيئًا من الموازين في بيت الذكور الكبار المعروف بـ"الكونغرس".
جوليا سالازار
فجر فوز ألكساندريا أوكاسيو كورتيز أول اشتراكية ديمقراطية تحصل على مقعد في الكونغرس منذ بيرني ساندرز، الآمال. فقد فازت أوكاسيو بالانتخابات التمهيدية الديمقراطية في الدائرة الـ14 بنيويورك، متغلبًة على رئيس الكتلة الديمقراطية جو كرولي، في ما وصف بأنه أكبر فوز مفاجئ في موسم الانتخابات النصفية عام 2018.
اقرأ/ي أيضًا: بيرني ساندرز في مواجهة الفصل العنصري.. سيرة غير مروية لمناضل أتقن التواضع
وعلى خطى كورتيز، تسير جوليا سالازار، التي يبدو أن بينها وبين كورتيز الكثير من المشتركات، فكل منهما من الطبقة العاملة، حيث ولدت جوليا سالازار التي تبلغ من العمر 28 عامًا، من أبوين مهاجرين، والدها مهاجر كولومبي كان يعمل سائقًا في مجال الشحن، وأمها أمريكية من أصول إيطالية.
انتقلت جوليا سالازار إلى نيويورك ، حيث درست تاريخ الشرق الأوسط. سالازار التي تعمل مربية أطفال وعاملة نظافة في البيوت، قادت ذات مرة إضراباً ضد مباني إحدى الشركات بسبب حالة البنايات السيئة التي تجعلها غير قابلة للسكن، وكان تعليقها وقتها أنه "يجب علينا استبدال المشرعين الذين أدوا إلى تفاقم هذه الأوضاع".
والحقيقة أن الكثير من المراقبين باتوا يرون منذ انتصار كورتيزر أن هناك مجموعة من الشباب بدأت تفتحم مجال السياسة بعقلية جديدة في الداخل الأمريكي، واهتماماتهم تتجه نحو الشارع الأمريكي، بمعنى أنهم يفضلون الاستمرار في اتخاذ إجراءات مستمرة لحقوق المستأجرين، بدلًا من التظاهر ضد الإجهاض مثلًا، وأيضًا الاهتمام بإصلاح نظام التأمين الصحي، وحقوق المهاجرين وإلغاء وكالة الهجرة والجمارك (ICS).
و"ICS" هي الوكالة المكلفة بالكشف عن واحتجاز وترحيل الأشخاص في الولايات المتحدة الذين "انتهكوا" قانون الهجرة. وقد اكتسب عملاؤها مؤخرًا سمعة سيئة، بسبب تنفيذهم برامج الترحيل القسري التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حتى أن البعض يشبهونهم بـ"الغيستابو" أو البوليس السري الألماني في عهد النازية.
وقد جاءت كل من سالازار وكورتيز، من أصول مهاجرة، لذا فهما يسعيان لإنهاء هذه المشكلات، ويعتمدان في تمويل حملاتهما على التبرعات الفردية بعيدًا عن الشركات والمؤسسات وتحكماتها.
وأسست جوليا سالازار مجلة إلكترونية تدعى "Jacobin"، تصف نفسها بأنها صوت تقدمي لليسار الأمريكي. وقد عكست شعبية المجلة عودة هذه الأفكار التي تتبناها سالازار، إلى الشباب.
أما رفيقة جوليا سالازار، لورا جابي (34 عامًا) وتعمل في النجارة، فهي أيضًا ناشطة عمالية أسست حركة النجارين المتحدين. وجدير بالذكر أن كلًا من سالازار و جابي تطوعتا في حملة ألكسندرا كورتيز التي فازت على جو كرولي المخضرم في الانتخابات المحلية عام 2016
تضع جوليا سالازار يدها على جراح أمريكية غائرة، لكن فوز نظيرتها كورتيز بمعقد في الكونغرش يترك الباب مفتوحًا أمام دماء جديدة في السياسة الأمريكية
جوليا سالازار وضعت يدها على جراح أمريكية غائرة، وعلى الرغم من أنها مهمة ليست سهلة إطلاقًا، إلا أن فوز نظيرتها كورتيز، يترك الباب مفتوحًا أمام دماءٍ جديدة في قلب السياسة الأمريكية، لا تشبه المزاج الترامبي في شيء.
اقرأ/ي أيضًا: