أنكر الجنرال السعودي المتقاعد "والمقرب من الجهات الرسمية السعودية" أنور عشقي زيارة إسرائيل، وفي مقابلة كانت قد أجرتها معه شبكة التلفزيون العربي قبل يومين، قال إن الزيارة كانت لرام الله وللقدس بهدف دعم القضية الفلسطينية، واتهم الإعلام العربي بأنه إعلام مستهلك يتلقف الخبر من الإسرائيليين دون أى إنتاجية تذكر.
لن تكون خطوة "عشقي" الأخيرة في مسلسل العلاقات الناعمة التي تنوي السعودية إقامتها "علانية" مع إسرائيل
لن يغني بالطبع كلام الجنرال "العمومي" عن القضية الفلسطينية وأهميتها للعرب وللسعودية، ولن يغير حال مأساة الفلسطينيين اجتماع "هامشي" مع بعض أسر الشهداء وذويهم، أو لقاء بعض مسؤولي منظمة التحرير.
سأنطلق متجاوزًا كلام عشقي الذي أصر على أن الزيارة التي كانت تضم رجال أعمال بالمناسبة أتت بجهد شخصي ولا علاقة للمملكة -بداوئر صنع قرارها- بها، لأقول إن ثمة خطوات جدية ومتسارعة تسعى السعودية لإيجادها مع إسرائيل في هذا الوقت، صحيح أن تلك التحركات تبدو خجولة في ظاهرها إلا أن لها بعد استراتيجيًا "هامًا" بالنسبة للسعوديين. .
بدأت تلك الخطوات بالخروج إلى العلن عقب توقيع اتفاق جزر تيران وصنافير بين المملكة ومصر، حيث قيل إن "تنسيقًا" أمنيًا سيجمع السعوديين مع الإسرائيليين في تلك المنطقة. ثاني تلك الخطوات والتي تُعد الأقوى بطبيعة الحال هي الزيارة التي قادها صاحب اسم هذا المقال، والذي اجتمع بدوره مع مدير وزارة الخارجية الإسرائيلي وكبار موظفي الخارجية وعدد من أعضاء الكنيست.
اقرأ/أيضًا: آل سعود.. فروض الحرب على إيران من "تيران"
تنطلق الرؤية السعودية في علاقتها مع الكيان الصهيوني من دافع الخطر الإيراني المحدق بها، حيث إن طهران أصبحت اليوم حليف الأمريكيين المفضل في المنطقة عقب توقيع الاتفاق النووي مع الأخيرة، ناهيك عن تغولها في المنطقة ابتداءً من العراق ومرورًا بسوريا ولبنان وانتهاء باليمن، مما يعني تراجع الدور السعودي في المنطقة والخوف من الخطر الوجودي على الكيان السعودي في المستقبل.
ربما أدركت الدولة العميقة في المملكة حتمية التقارب مع نتانياهو الذي يشاطر السعوديين قلقه وانزعاجه من التحالف بين طهران وواشنطن ورغبته كذلك في بناء علاقات دافئة مع المحيط العربي، ولربما راهنت الرياض على حجم الضغط الذي يمتلكه الصهاينة في دوائر صنع القرار الأمريكي لإحداث تغير أو إعادة تموضع بين واشنطن وطهران من جهة وبين الإدارة الأمريكية القادمة والرياض من جهة أخرى.
يبدو أن المصالح الخاصة للسعودية هي من تقود الاستراتيجية الحالية للسياسة الخارجية التي توصف "بردود الأفعال" على واقع العلاقات المتوترة التي تجمعها مع إدارة أوباما، وما القضية الفلسطينية إلا باب من أبواب المناورة السياسية التي تتخذها الرياض للخروج من عنق زجاجة اضطرابات الإقليم الملتهبة.
لن تكون خطوة "عشقي" الأخيرة في مسلسل العلاقات الناعمة التي تنوي السعودية إقامتها "علانية" مع إسرائيل، بل أزعم أن القادم سيحمل لنا تحركات أكثر جرأة وأعمق بعدًا مما هو عليه الآن، فلننتظر إذن.
اقرأ/أيضًا:
هل تدخل العلاقات السعودية الإسرائيلية عهدا جديدا؟
عشقي في تل أبيب.. تعقيب بشأن التطبيع