13-فبراير-2023
getty

اعتبرت المعارضة التونسية أن هذه الاعتقالات تزيد من الأزمة العامة داخل تونس (Getty)

اعتقل الأمن التونسي خلال اليومين الماضيين عدة سياسيين ورجال أعمال، الأمر الذي كان محل انتقاد أحزاب المعارضة وعدة منظمات وشخصيات حقوقية، اعتبرت أن هذا الإجراء الذي وصفته بغير القانوني يدخل في إطار الحملة التي تشنها السلطات ضد المعارضين للانقلاب، في محاولة لتصفية أي معارضة سياسية، بعد فشل خارطة الطريق التي قدمها عبر تعديل الدستور والانتخابات.

اعتقل الأمن التونسي خلال اليومين الماضيين عدة سياسيين ورجال أعمال، الأمر الذي كان محل انتقاد أحزاب المعارضة وعدة منظمات وشخصيات حقوقية، اعتبرت أن هذا الإجراء الذي وصفته بغير القانوني يدخل في إطار الحملة التي تشنها السلطات ضد المعارضين للانقلاب

وعلى الرغم من عدم توجيه القضاء التونسي تهمًا محددةً إلى المعتقلين فإن أنصار قيس سعيد يتحدثون عن مؤامرة كانت الشخصيات التي أعلن عن اعتقالها أطرافًا فيها، في ظل توقعات بمزيد من الاعتقالات المشابهة خلال الأيام القليلة المقبلة.

وفي التفاصيل قامت جهات أمنية تونسية منذ يوم السبت 11 شباط/ فبراير باعتقال سياسيين ورجال أعمال بعد مداهمة منازلهم، على رأسهم الناشط السياسي عبد الحميد الجلاصي والعضو في حزب التكتل خيام التركي ورجل الأعمال كمال اللطيّف.

وبدأت عمليات الاعتقال صباح السبت بإيقاف الناشط السياسي خيام التركي من طرف أعوان أمن "بعد أن قاموا بمداهمة محل سكناه وتفتيشه"، وفقًا لمحاميه عبد العزيز الصيد الذي قال إنه ''بصفتي محاميه، مازلت أحاول معرفة الجهة التي تمّ اقتياده إليها".

وخيام التركي هو رجل أعمال وسياسي التحق بعد الثورة بحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي أشرف حينها على إدارة حملته الانتخابية وتولى مهمة أمين عام مساعد للحزب، وهو يترأس منذ سنوات مركز "جسور" للأبحاث والدراسات. وكان مرشحًا لمنصب وزير المالية عن حزب التكتل في حكومة الترويكا بعد الثورة. كما تم ترشيحه سنة 2020 لتولي منصب رئيس الحكومة من قبل كل من حركة النهضة وحزب قلب تونس.

getty

والمعتقل السياسي الثاني الذي اقتادته الجهات الأمنية هو الناشط السياسي والقيادي السابق في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي الذي داهمت منزله ليلة الأحد "فرقة أمنية من 7 أشخاص اقتادوه نحو مكان مجهول"، بحسب عائلته.

وقد أعلنت هيئة الدفاع عن الناشط السياسي والقيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، وفق بلاغ أصدرته أمس الأحد 12 شباط/فبراير أنّ "عملية اعتقاله قد صاحبتها انتهاكات عديدة من بينها اقتحام منزله دون توجيه أيّ استدعاء سابق ودون تبيين أيّ سبب للمداهمة، فضلًا عن الحجز التعسّفيّ لحاسوب زوجته المتضمّن لمعطيات عملها وأبحاثها ونصّ أطروحتها الجامعيّة". 

وأشار بيان هيئة الدفاع إلى أنّ عبد الحميد الجلاصي "لا يزال محتجزًا خارج إطار القانون اعتبارًا لعدم تمكين هيئة دفاعه من التّواصل معه ضمانًا لحقوقه المكفولة بقانون 16 شباط/فبراير 2016". 

في ذات السياق، نشر المحامي وعضو هيئة الدفاع سمير ديلو، أنّه توجّه لثكنة القرجاني لمقابلة عبد الحميد الجلاصي "فتمّ التّعلّل بعدم وجوده (حاليًا) في مقرّ الفرقة المتعهّدة، وهو نفس الجواب الذي وُوجه به المحامي رضا بلحاج لدى محاولته مقابلة الموقوفين خيّام التركي وكمال اللطيّف، وعبد الحميد الجلاصي".

أما المعتقل الثالث الذي اقتادته الجهات الأمنية فهو رجل الأعمال كمال اللطيّف الذي قال محاميه نزار عياد إنه منع من لقائه، مردفًا أنّه "فقط قانون مكافحة الإرهاب يمنع المحامي من لقاء منوبه في الساعات الأولى لإيقافه".

أدانت منظمات وأحزاب سياسية الاعتقالات الأخيرة التي شملت نشطاء سياسيين، وفي هذا الصدد اعتبرت "الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، واللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان بتونس، وفدرالية التونسيين المواطنين في الضفتين، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وجمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات، والشبكة التونسية للعدالة الانتقالية، والتحالف التونسي للكرامة ورد الاعتبار وجمعيات وشخصيات أخرى، رفضها "أساليب الترهيب البالية وتطويع القضاء وأجهزة الدولة التي تنتهجها السّلطة وأعوانها"، مؤكدةً أن "هذه الممارسات تكشف مرة أخرى عزلة النظام القائم وتفاقم أساليبه القمعية وهو ما يقتضي من القوى الديمقراطية والتقدمية التصدي لها قبل استفحالها وفرض صمت القبور على المجتمع".

في سياق متصل، اعتبرت جبهة الخلاص الوطني (ائتلاف أحزاب وشخصيات معارضة لسياسات الرئيس في تونس)، أن إيقاف الناشط السياسي المعارض خياّم التركي، وذلك "خلافًا لكل الإجراءات القانونية، يُعد احتجازًا غير قانوني وتعديًا على حقوق المواطنين وحرياتهم".

واعتبرت الجبهة أن "هذا الإيقاف يأتي في سياق العديد من القضايا المرفوعة ضد المعارضين لانقلاب 25 جويلية وينخرط في سياق حملة تستهدف سياسيين وإعلاميين ومحامين وحقوقيين ومدونين وبرلمانيين ورجال أعمال، جراء إخفاق سلطة الانقلاب في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي فضلًا عن العزلة الدولية التي تعاني منها والتي أدت إلى عزل البلاد إقليميًا ودوليًا".

ونددت جبهة الخلاص الوطني "بهذه السياسة القمعية والتي لن تزيد الأزمة العامة سوى تعمقًا وتعفنًا"، وفق ذات البيان، الذي حمل إمضاء رئيسها أحمد نجيب الشابي، مطالبة بإطلاق سراح خيّام التركي فورًا واحترام شروط المحاكمة العادلة في حق كافة المواطنين بعيدًا عن كل تشف أو رغبة في الانتقام.

وناشدت الجبهة "القوى الوطنية الديمقراطية المدنية والسياسية للتجند للدفاع عن التركي وكافة مساجين الرأي والعمل الموحّد من أجل عودة الديمقراطية والشرعية الدستورية إلى البلاد".

وذكرت الجبهة أن "خيّام التركي وقع استدعاؤه عدة مرات من قبل فرق أمنية في الآونة الأخيرة قصد استجوابه دون وجه قانوني حول مأدبة غذاء نظمها ببيته على شرف عدد من الوجوه السياسية المعارضة لانقلاب 25 جويلية 2021 وأن وكيل الجمهورية بالعاصمة أعلم المحامين أن ليس له علم بموضوع هذه القضية".

من جانب آخر، نددت حركة النهضة "بشدة بجريمة اختطاف الناشط السياسي خيّام التركي في مخالفة صريحة للإجراءات القانونية المعمول بها"، معبرةً عن تضامنها الكامل معه، ومعتبرة أن ما حصل لا يمثل سوى عملية ترهيب ممنهجة له ولكل المعارضين لقيس سعيّد وسلطته الانقلابية، ومطالبةً بإطلاق سراح خيام التركي فورًا.

واعتبرت أن "سلطة الانقلاب تحاول يائسة الخروج من مأزقها الخانق وعجزها الفاضح في تسيير أبسط مرافق الدولة والشعب". عبر التهرب "من مسؤولياتها باستهداف النشطاء السياسيين المعارضين لها عبر الاختطافات والإخفاء القسري وتلفيق القضايا والإيهام بارتكاب جرائم إرهابية ضد أمن الدولة والتآمر مع الخارج وتسليط أشد الضغوطات على القضاة لتطويعهم في خدمة أجندة الانقلاب وهو ما صرح به قيس سعيّد بوضوح في لقائه بالقائمة بأعمال وزارة العدل".

وتابعت، في ذات البيان، "بعد أن فشل قيس سعيّد في كل المحطات الانتخابية والاستشارية التي ضمنها بخريطة طريقه، انتصب حاكمًا عوضًا عن القضاء يحاسب معارضيه بما عبر عنه في صفحة فيسبوك الرئاسة واعتبره "إدانة ثابتة وليست مجرد قرائن" وتحاول القائمة بأعمال وزارة العدل جاهدة الضغط على القضاة للاستجابة لهذه الإرادة في تصفية الخصوم السياسيين لقيس سعيّد وإصدار هذه الأحكام الجاهزة عليهم".

نددت جبهة الخلاص الوطني "بهذه السياسة القمعية والتي لن تزيد الأزمة العامة سوى تعمقًا وتعفنًا"

وكانت حركة النهضة قد أدانت بشدة، وفق بيان نشرته السبت الماضي "سلسلة المداهمات والاعتقالات العشوائية للمعارضين السياسيين لنظام قيس سعيّد الانقلابي والتي طالت الناشط السياسي المعارض للانقلاب عبد الحميد الجلاصي الذي تمت مداهمة منزله وتفتيشه ومن ثم اقتياده لجهة مجهولة".