02-أغسطس-2017

شاب يحمل مساعدات من اليونسيف في بلدة حرستا بالغوطة (Getty)

في تقرير مثير نشرته وكالة بلومبيرغ عن المساعدات التي تصل سوريا، يمكننا أن نرصد جزءًا كبيرًا منها، يصل لـ18 مليون دولار، يقع في أيدي مؤيدين وداعمين لنظام بشار الأسد. أكثر التفاصيل في هذا التقرير.

دفعت الأمم المتحدة ما لا يقل عن 18 مليون دولار العام الماضي لشركات لها علاقات وثيقة مع بشار الأسد، يدير بعضها أصدقاء الرئيس السوري الموجودون على القوائم السوداء للولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي.

وقد مُنحت عقود الاتصالات والأمن لأفراد داخل النظام بينهم رامي مخلوف ابن عم الأسد. حيث أشار تقرير الأمم المتحدة السنوي عن المشتريات لعام 2016، وهو وثيقة مؤلفة من 739 صفحة نُشرت في حزيران/يونيو، إلى أن موظفي الأمم المتحدة سددوا فاتورة قيمتها 9.5 مليون دولار في فندق فور سيزونز بدمشق، وهي شركة مملوكة لوزارة السياحة السورية. حتى أن بعض أموال الأمم المتحدة ذهبت إلى جمعية خيرية أنشأتها زوجة الرئيس.

دفعت الأمم المتحدة ما لا يقل عن 18 مليون دولار العام الماضي لشركات لها علاقات وثيقة مع بشار الأسد

لدى الأمم المتحدة قائمة سوداء عالمية خاصة بها وهي غير مُلزَمة بالعقوبات التي تفرضها الدول الأعضاء أو الكتل الإقليمية، مثل الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فإن توزيع الأموال على حلفاء الأسد يزيد من الانتقادات الموجهة للمنظمة العالمية بأنها فشلت بشدة في سوريا، بعد أن أسفرت الحرب الأهلية التي استمرت لأكثر من ست سنوات عن مقتل ما لا يقل عن 400 ألف شخص.

وقالت كاثلين فالون، المتحدثة باسم "الحملة السورية"، وهي مجموعة مناصرة مستقلة: إن "أي أموال تذهب إلى الأسد وحلفائه تبين أن الأمم المتحدة ليست محايدة لكنها في الواقع تساعد اللاعب الأكبر في الصراع". وأضافت أن "النظام السوري مسؤولٌ عن غالبية القتلى والآن تتم مكافأته. هذا من شأنه أن يرسل رسالة خاطئة".

اقرأ/ي أيضًا: الأسد يستنجد بروسيا لحمايته من إسرائيل

ويشير مسؤولو الأمم المتحدة إلى صعوبة العمل خارج رعاية الحكومات في بلدان مثل سوريا، علاوة على حماية موظفيها العاملين هناك. ففي عام 2003، عندما بدأ الغزو الأميركي للعراق وتطور إلى حرٍب أهلية مشابهة لتلك في النزاع السوري، قُتل مبعوث الأمم المتحدة سيرجيو فييرا دي ميلو وعدد من أعضاء بعثته خلال هجوم بسيارة ملغومة على فندق بغداد الذي كانوا يستخدمونه قاعدة لهم.

وقال ستيفان دوغاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة: "نحن نحصل على مصادرنا محليًا، وهناك عديد الأماكن التي يكون فيها الاقتصاد المحلي إما مملوكًا للدولة أو لا تتوفر لدينا سوى خيارات محدودة". وعن إنفاق الأمم المتحدة في فندق فورسيزونز، المملوك بالمشاركة مع الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال، قال: "هذا هو المكان الوحيد في دمشق الذي تم تطهيره أمنيًا".

ووفقًا لأحد التقارير فإن الأمم المتحدة أنفقت 140 مليون دولار على السلع والخدمات في سوريا العام الماضي.

فقد دفعت ثلاث هيئات مختلفة تابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) مبلغ 164، 300 دولار إلى سيريتل، التي تعود ملكيتها إلى رامي مخلوف. وقد دفعت وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة، وهي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في فلسطين، مبلغ 105.043 دولار إلى شركة قاسيون، وهي شركة أمنية يملكها رامي مخلوف أيضًا.

"السيد 10 في المئة"
كان رامي مخلوف، وهو أحد أغنى رجال الأعمال في سوريا، مدرجًا في القائمة السوداء لوزارة الخزانة الأمريكية منذ عام 2008، من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في كانون الأول/ديسمر.

وقال جوشوا لانديس، وهو خبير بالشؤون السورية ويرأس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، "إنه يُعرف بالسيد 10 في المئة في سوريا فلديه اهتمامات عديدة ومختلفة في الاقتصاد السوري". وتابع "إن مفتاح الحصول على أي شيء في سوريا هو مداهنة الأشخاص أصحاب النفوذ".

كان رامي مخلوف، وهو أحد أغنى رجال الأعمال في سوريا، مدرجًا في القائمة السوداء لوزارة الخزانة الأمريكية منذ عام 2008

ثم استأنف"كذلك محمد حمشو، وهو أحد الأفراد داخل النظام وقد أضيف إلى قائمة العقوبات الأميركية في عام 2011، واتبع الاتحاد الأوروبي حذوها في عام 2015، وأضاف "إنه يستفيد من تقديم الدعم للنظام السوري من خلال مصالحه التجارية".

يسيطر محمد حمشو على شركة جوبيتر للاستثمار، ووفقًا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقد مُنحت الشركة عقدين لتوفير مقرات مكتبية وأماكن الإقامة لبعثة عملية حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لمراقبة منطقة مرتفعات الجولان بين سوريا وإسرائيل. وذكر تقرير المشتريات في الأمم المتحدة لعام 2016 أن الشركة تلقت عقودًا بقيمة 1.5 مليون دولار. وأوضح متحدث باسم الأمم المتحدة عبر البريد الالكتروني أن الهيئة الدولية لديها خيارات لتمديد عقود الإيجار التي تبلغ قيمتها الإجمالية 7.7 مليون دولار.

قال متحدث باسم وزارة الخزانة أن العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا "تحظر على الأشخاص الأمريكيين الدخول في مجموعة واسعة من المعاملات، مثلما تحرم الحكومة السورية من أنشطة محددة"، لكنه رفض التعليق على شركات معينة.

وقالت ليندا روبنسون، المحللة السياسية في شركة راند "إن سمعة الأمم المتحدة قد تضررت" من خلال سوريا، لكنها في الوقت ذاته اعترفت بالصعوبات التي تواجهها الأمم المتحدة. وأضافت: "الأسد لديه القدرة على إغلاق الجهات الفاعلة المستقلة وتحديد من يمكنك التعامل معه". وتابعت "في بعض الحالات لا يبدوا واضحًا إلى أين تؤول ملكية الشركات، ولا تملك الاتصالات الكافية لمعرفة ذلك".

اقرأ/ي أيضًا: كيف مولت "الأمم المتحدة" بشار الأسد

وفي الوقت نفسه، استهدفت حكومة الأسد على أرض الواقع جهود الأمم المتحدة لتقديم الإغاثة الغذائية والطبية إلى سوريا، في حين انتقدتها أطراف المعارضة. وفي أيلول/سبتمبر الماضي، قصفت الطائرات السورية قافلة مساعدات تحمل الأدوية والإمدادات إلى مدينة حلب، التي وقعت تحت حصار جيش الأسد منذ سيطرت عليها قوات المعارضة.

لكن المنظمات غير الحكومية السورية والمنظمات الدولية شكت من أن المساعدات قد ذهبت بشكل غير متناسب إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. حيث تلقوا 88 في المائة من المعونة الغذائية الموزعة من دمشق في نيسان/أبريل 2016، وفقا لتقرير منظمة الغذاء العالمية. وفي أيلول/سبتمبر، كتبت 73 منظمة غير حكومية إلى الأمم المتحدة تدين التلاعب في جهود الإغاثة.

في أيلول/سبتمبر الماضي، قصفت الطائرات السورية قافلة مساعدات تحمل الأدوية والإمدادات إلى مدينة حلب

في حين أن إحدى تلك المجموعات المحلية التي أشرفت على عمليات تسليم المساعدات هي الأمانة السورية للتنمية، وهي جمعية خيرية ترأسها أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد.وقد حصلت هذه المجموعة على مبلغ قدره 751، 129 دولار في العام الماضي من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.

وقال رينود ليندرس، الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الحربية في الكلية الملكية بلندن: "إن الأمم المتحدة تريد أن تكون أقرب ما يمكن إلى النظام لإنجاز الأمور". لكنه أضاف: "إنه من المحير" أن تتجاهل الأمم المتحدة القوائم السوداء الأميركية. "خاصة وأن الولايات المتحدة الأميركية هي الممول الرئيسي لها".

اقرأ/ي أيضًا:

"أون لايف".. خرجت من مصر لتلميع صورة بشار الأسد

هل أصبح "ترحيل" بشار الأسد قريبًا؟