"الحمد لله الذي لم يجعل للذنوب رائحة وإلاّ ما جلس أحد مع أحد". الحسن البصري
ما يخصني فعلاً هو خلط المعايير، واستخدام طرق غير أخلاقية لكسب القضية، مثل هذه الوسائل لا تجعلني أتعاطف مع أصحابها
أرجوك، لا تتدخل في ملابسي الداخلية! لم أجد تعبيرًا أكثر ملائمة لتلك الحالة العامة التي جعلت منّا نحن بني آدم آلهة نحكم على الناس، وندخل أحدهم الجنة والنعيم، ونلقي بالآخر إلى الدرك الأسفل من الجحيم، لم أجد تعبيرًا أكثر ملائمة للتدخل الفاضح في خصوصيات الآخرين وفضح أسرارهم، حتى أصبحنا نحسب الكلام بالمقاس قبل أن ننطق به تحسبًا لسوء الفهم وسوء النوايا والتصيد المقصود. أتخيل أن جرّاحًا بشريًا يقوم بالعديد من العمليات الطبية الناجحة يوميًا، وينقذ آلاف الأرواح، فإذا بطبيب منافس يصيح في وجهه ويشهّر به قائلًا: "ده بيسهر كل يوم في ديسكو ومعايا الصور "ما دخل ذلك بأدائه لوظيفته كطبيب؟!
كذلك تلك الصور التي نُشرت من فترة لقاضٍ ما، معروف بمعاداته لفصيل سياسي معين، وهو يصاحب فتيات ليل في أوضاع حميمية، لن أتطرق للحديث عن ذلك القاضي، فليست قضيتي، مخطئ، ليس مخطئ، ظالم، عادل، عاهر، أيًا ما يكون، ليس هذا ما يخصني، إن ما يخصني فعلًا هو خلط المعايير، واستخدام طرق غير أخلاقية لكسب القضية، مثل هذه الوسائل لا تجعلني أتعاطف مع أصحابها، بل على النقيض تمامًا، وإن كنت على وفاق معهم فيما يخص هذا القاضي، سأتجاهل الأمر على الفور.
هذا الرجل هو إنسان، له ما له وعليه ما عليه، الخلاف معه يظل في إطار عمله كـ "قاضي" وفي إطار وقوعنا تحت قبضة سلطته، لسنا جلادين -وإن كان جلادًا- ولسنا قضاة الله على الأرض حتى نحاسبه على حياته الشخصية، وحتى إن كانت حياة فاسدة، كل ما يهمني أداؤه الوظيفي، أحاول فضح فساده الوظيفي، انحيازه لطرف معين على حساب الآخر، ظلمه في إصدار الأحكام، إنما اللجوء إلى تلك الطرق الدنيئة المنحطة الخسيسة لن يفيد القضية في شيء بل على العكس تمامًا، سيجعل أصحاب الحق يخسرون الكثير، على الأقل سيخسرون تأييد قضيتهم ممن يمتلك نفس تفكيري، رحم الله الفاروق عمر، عندما قال "أتفضح أمرًا ستره الله" نحن مطالبون بالستر، يستر الله علينا ذنوبنا، ونحن نفضح أنفسنا ونفضح غيرنا.
لا أري في هذه الأساليب المنحطة إلا أن أصحابها كم تمنوا أن يكونوا في مكان الشخص الذي يلعنوه، وعندما عجزوا لجأوا إلى أسلوب الفضح الحقير، وكأنهم يقولون لنا صراحة وبكل وضوح "عيني فيه واقول إخّيه" يا إخواني الذين يفضحون الغير، فلتتذكروا فضائحكم المستورة.
اقرأ أيضًا: